الجمعة 17 مارس 2017 12:32 م بتوقيت القدس
تشعر بدوار مستمر وحالة من عدم التركيز، واضطراب في الرؤية، وإرهاق مستمر حتى مع بذل أقل مجهود، وشعور بالغثيان متكرر، إذا كنت تشعر بأحد هذه الأعراض أو جميعها فأنت ربما تعاني من انخفاض ضغط الدم Hypotension.
ضغط الدم هو القوة التي تدفع الدم داخل الشرايين بعد أن يتم ضخها عن طريق القلب، وينقسم ضغط الدم إلى ضغط دم انقباضي وانبساطي، الضغط الانقباضي systolic يحدث عندنا يدق القلب ليدفع الدم داخل الشريان الأورطي، أما الضغط الانبساطي diastolic فيحدث عندما يرتاح القلب بين الضربات المتتالية، لذلك نرى ضغط الدم على صورة رقمين، الأول هو الانقباضي بالأعلى، والثاني هو الانبساطي بالأسفل. يعتبر المرء مصاباً بانخفاض ضغط الدم إذا كان ضغطه أقل من 90/60 مم زئبق (وهي الوحدة المستخدمة في هذا القياس)، ولا يظل ضغط الدم ثابتاً بشكل دائم، فهو ينخفض أثناء النوم ويرتفع مع الاستيقاظ، ويزداد بطبيعة الحال مع التوتر والقلق والنشاط البدني.
يستجيب الجسم بشكل سريع إلى التغيرات في ضغط الدم، على سبيل المثال، إذا وقفت بشكل سريع ينخفض ضغط الدم لمدة قصيرة، لذا يحاول الجسم ضبط الضغط ليضمن وصول كمية كافية من الدم والأكسجين إلى المخ والكلى وباقي الأعضاء الحيوية، وغالباً ما يحدث انخفاض الضغط إذا لم يستطع الجسم إعادة الضغط إلى المعدل الطبيعي، أو لم يستطع الاستجابة بسرعة للتغيرات التي تحدث فيه.
من المثير للاهتمام أن نعلم أن بعض البشر لديهم ضغط دم منخفض بشكل مستمر، لكنهم لا يعانون من أية أعراض، بينما قد يؤدي نفس القياس في مجموعة أخرى إلى ضعف وصول الدم والأكسجين إلى الأعضاء الحيوية لتظهر الأعراض التي ذكرنا بالأعلى. لذلك لا يعتبر انخفاض ضغط الدم مشكلة طبية إلا إذا أدى إلى ظهور أعراض، أو كان مرتبطاً بحالة مرضية خطيرة مثل أمراض القلب.
بالإضافة إلى الأعراض التي ذكرناها قد يؤدي انخفاض ضغط الدم إلى فقدان الوعي في بعض الحالات أو إلى الصدمة Hypotensive shock في الحالات الشديدة، وهي الحالة التي تتطلب تدخلاً طبياً عاجلاً.أنواع ضغط الدم المنخفض
هناك عدة أنواع من انخفاض ضغط الدم الذي يرتبط بمشاكل صحية، ومنها:
1. انخفاض ضغط الدم الانتصابي Orthostatic Hypotensionويعرف أيضاً بانخفاض ضغط الدم المرتبط بالوضع Postural Hypotension، وهو يحدث مع الوقوف من وضع الجلوس أو الرقود.
في هذه الحالة تسبب الجاذبية تجمع الدم في الطرف السفلي، وهو ما يقلل الدم الذي يصل إلى القلب ليضخه إلى الأعضاء، الأمر الذي يجعل المريض يشعر بالأعراض التي ذكرناها بسبب عدم قدرة الجسم على ضبط ضغط الدم بشكل سريع مع تغير وضعه. عادة ما يستمر هذا الوضع لمدة ثوانٍ أو دقائق بعد الوقوف، وقد تحتاج إلى الجلوس أو الرقود لوقت قصير حتى يعود ضغطك إلى المعدل الطبيعي.
بشكل عام، تحدث هذه المشكلة بشكل أكثر شيوعاً في كبار السن الذين يعانون من مشاكل صحية أخرى. قد يمثل هذا النوع من انخفاض الضغط عرضاً لمشكلة صحية أخرى، لذا يجب أن يركز العلاج على البحث عن السبب والتعامل معه.
قد يكون مدهشاً، أن بعض من يعانون من انخفاض ضغط الدم الانتصابي قد يعانون أيضاً من ارتفاع ضغط الدم في حالة الرقود، وقد يحدث هذا النوع من انخفاض الضغط أيضاً بعد تناول الطعام مسبباً انخفاضاً مفاجئاً في ضغط الدم بعد الوجبات. هذه النوع الأخير قد يحدث في المرضى الذين يعانون من مشاكل في الجهاز العصبي مثل مرض الشلل الرعاش (مرض باركنسون)، كما يحدث في كبار السن الذين يعانون أيضاً من ارتفاع ضغط الدم.
2. انخفاض ضغط الدم العصبي Neurally Mediated Hypotension
الذي يحدث حين تقف لمدة طويلة، كما قد يحدث نتيجة الأخبار السيئة أو المزعجة أو المواقف المخيفة. على عكس انخفاض ضغط الدم الانتصابي، هذا النوع من الضغط المنخفض يؤثر بشكل خاص على الأطفال والشباب.
3. النوع المرتبط بالصدمة Hypotensive shock
وهو النوع الأخطر. في هذه الحالة ينخفض ضغط الدم بشكل كبير إلى الدرجة التي يعاني فيها المخ والكلى والأعضاء الحيوية من نقص الدم لتؤدي عملها بكفاءة، وهو ما قد يهدد الحياة إذا لم يتم التعامل معه بشكل سريع كحالة طارئة.
ما هي أسباب انخفاض الضغط؟
يختلف السبب حسب النوع.
1. انخفاض ضغط الدم الانتصابي، مثلاً قد يحدث لاجتماع عدة عوامل معاً:
- يعد الجفاف أهم سبب لحدوث هذا النوع، وهو ما يحدث إذا فقد الجسم كمية من الماء أكبر من الكمية التي تدخل إليه، وتمثل الحمى، والقيء والإسهال العنيف أسباباً أخرى لحدوث الجفاف.
- بالإضافة إلى الجفاف، قد يحدث هذا النوع خلال الحمل ليختفي بعد الولادة.
- كما قد يحدث بسبب الوقوف في درجة حرارة عالية لمدة طويلة.
- هناك أيضاً بعض الحالات المرضية التي تزيد من خطر الإصابة بانخفاض ضغط الدم الانتصابي، هذه الحالات تشمل الأزمات القلبية وأمراض صمامات القلب، وهبوط القلب، وفقر الدم، وانخفاض مستوى الغلوكوز في الدم، ومرض السكري، وكذلك في حالات العدوى الشديدة، وبعض أمراض الغدد الصماء مثل أمراض الغدة الدرقية.
- بعض الأدوية قد يؤدي أيضاً إلى نفس الحالة، هذه الأدوية تشمل تلك التي قد تستخدم في علاج ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب، كمدرات البول والنترات، وكذلك الأدوية التي تعالج التوتر والاكتئاب ومشاكل الانتصاب.
- كما أن هناك بعض المواد التي قد تؤدي إلى زيادة احتمالات حدوث هذا النوع من انخفاض الضغط إذا تم تناولها مع أدوية علاج ضغط الدم المرتفع مثل الكحوليات.
2. أما انخفاض ضغط الدم العصبي، فهو يحدث عندما لا يتواصل المخ والقلب بشكل جيد. فعلى سبيل المثال، حين تقف لمدة طويلة، قد تصل الإشارات إلى المخ بوجود ارتفاع في ضغط الدم، ليأمر المخ القلب أن يبطئ من عملية ضخ الدم، مسبباً انخفاض الضغط.
3. أما انخفاض ضغط الدم الناتج عن الصدمة، فقد يحدث للعديد من الأسباب، كفقد كمية كبيرة من الدم بسبب النزف Hemorrhagic shock، وبعض أنواع العدوى septic shock، والحروق الخطيرة، وكذلك حالات الحساسية الشديدة anaphylactic shock يمكن أن تؤدي إلى هذه الحالة.كيف يتم تشخيص انخفاض ضغط الدم؟
قد لا يحتاج الأمر إلى علاج، فيمكنك إذا شعرت بأية أعراض من التي ذكرناها أن تجلس أو تستلقي فوراً، وأن ترفع قدميك فوق مستوى القلب لتعيد تدفق الدم.
إذا لم تشعر بتحسن، عليك طلب المساعدة الطبية. بصفة عامة، يمكن تشخيص هذه الحالة من خلال طبيب الأسرة، لكن التعامل مع أسبابها قد يحتاج إلى طبيب متخصص في أمراض القلب أو الكلى أو الأعصاب، الذين قد يطلبون العديد من الاختبارات حسب السبب المتوقع.
تغييرات نمط الحياة للتعامل مع ضغط الدم المنخفض
1. في حالة انخفاض ضغط الدم الانتصابي قد يحتاج الأمر لتغيير بعض العادات مثل:
- شرب كمية كبيرة من السوائل التي تحتوي على كمية كافية من الصوديوم والبوتاسيوم.
- التوقف عن شرب الكحوليات.
- والوقوف ببطء بعد الجلوس لفترة.
- تجنب وضع إحدى الساقين فوق الأخرى.
- كما أن عليك تناول وجبات صغيرة من النشويات إذا كنت تعاني من انخفاض الضغط بعد تناول الطعام.
- تحدث مع طبيبك حول استخدام الجوارب التي قد تضغط على الأوعية الدموية في قدمك لتساعد على حركة
الدم خلال الجسم.
- قد تحتاج كذلك إلى مناقشته في تغيير نوع العلاج الذي تتناوله لخفض ضغط الدم أو لتناول دواء لعلاج انخفاض ضغط الدم الانتصابي.
2. في ما يخص ضغط الدم العصبي، قد تحتاج كذلك إلى إحداث تغييرات في نمط حياتك.
- ربما يجب أن تتجنب المواقف التي قد تسبب الأعراض، مثل المواقف المخيفة والمحزنة.
- تجنب الوقوف لفترة طويلة، وإذا اضطرتك الظروف للوقوف، تحرك في المكان وارتد جورباً ضاغطاً.
- تناول كثيراً من السوائل.
- يمكنك كذلك أن تزيد من كمية الأملاح التي تتناولها لكن بحذر.
- تعرف على الأعراض التي تصيبك، وحاول أن تتعامل معها قبل أن تتطور إلى حالة إغماء. على سبيل المثال:
يمكنك أن تجلس وتضع رأسك بين ركبتيك أو استلق أرضاً.
- تعلم أن تقيس ضغط دمك وأن تتابعه حتى تعرف القراءة الطبيعية الخاصة بك.