الثلاثاء 30 مايو 2017 16:23 م بتوقيت القدس
يواصل الاحتلال الإسرائيلي التصعيد الخطير في كل ما يتعلق بحربه على المخصصات التي تدفعها منظمة التحرير الفلسطينية لعائلات الأسرى وذوي الشهداء، بادعاء أن هذه المخصصات هي مكافآت للإرهاب ولمرتكبي العمليات الإرهابية ضد الإسرائيليين. وقد تجلى هذا الأمر بشكل واضح خلال خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الأربعاء الماضي، بعد كلمة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عندما وجه نتنياهو اتهاماً صريحاً بهذا الشأن للقيادة الفلسطينية، وعلى رأسها محمود عباس.
واستغل نتنياهو، الأسبوع الماضي، استنكار رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، للاعتداء الإرهابي في مدينة مانشستر البريطانية، للقول إن استنكار عباس ليس كافياً، لأنه لو وقعت هذه العملية في إسرائيل، وكان الضحايا من اليهود والمنفذ من الفلسطينيين، لحصل منفذ العملية على مكافأة مالية. هذا هو القانون الفلسطيني، بحسب ادعاء نتنياهو. وتكرر هذا الأمر مجدداً مع نشر الصحف الإسرائيلية أن ترامب اتهم عباس بأنه خدعه، وأن الإسرائيليين قدموا له أدلة أنه، أي عباس، يشارك في التحريض ويمول عائلات منفذي العمليات والأسرى. وفي هذا السياق، واستغلالاً للزخم الذي حظي به هذا الموقف الإسرائيلي، خصصت لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، أمس الإثنين، جلسة خاصة لمناقشة هذه القضية، مدعية أن السلطة الفلسطينية ترصد سنوياً نحو مليار شيكل (نحو 270 مليون دولار) لهذه المخصصات. وتولى رئيس اللجنة، عضو الكنيست ورئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" سابقاً، آفي ديختر، رئاسة الجلسة، تحت عنوان "سياسة السلطة الفلسطينية في ملف التحريض ضد إسرائيل"، مع إبراز طرح موضوع المخصصات المذكورة خلال زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والإدلاء بتفاصيل تدعي أن السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير وضعتا سلماً معيارياً لحجم المخصصات للأسرى، تبعاً لعدد السنوات التي حكم على الأسير بقضائها في السجن، أو خطورة العملية التي تنسب له، أو التي نفذها من استشهد من الفدائيين الفلسطينيين في عمليات ضد الاحتلال.
ويصور الاحتلال هذه المخصصات بأنها مصروفات تدفع لتمويل وتشجيع "الإرهاب"، وليس كمخصصات لعوائل الشهداء والأسرى في السجون الإسرائيلية. وقد استقدمت اللجنة بشكل خاص لجلستها وكيل وزارة الخارجية الأسبق، دوري غولد، أحد المطالبين بحجب الأموال المستحقة للفلسطينيين من الضرائب التي تجبيها إسرائيل، وعدم تحويلها للسلطة، وتحويلها في المقابل كتعويضات لعائلات الإسرائيليين الذين قتلوا في هذه العمليات. وكشف غولد، خلال حديثه أمام اللجنة، أنه تجري في الكونغرس الأميركي تحركات لتشريع قانوني على اسم "تايلور بوريس"، وهو أميركي إسرائيلي لقي مصرعه في عملية فدائية في تل أبيب، هدفها الأساسي وقف سياسة منظمة التحرير والسلطة بدفع مخصصات لعائلات الأسرى والشهداء. ولفت إلى أن الموضوع طرح أيضاً خلال اللقاء بين ترامب وعباس. وأشار إلى أنه كان أصدر تقريرين خلال عمله في الخارجية الإسرائيلية لإلزام السلطة بوقف هذه المخصصات.
وخلال المداولات، ادعى عضو الكنيست اليميني من حزب "البيت اليهودي"، موطي يوغيف، أن مناهج التعليم الفلسطينية تظهر كلاً من هتلر وصدام حسين كزعيمين يقتدى بهما، وأن المناهج تصور اليهود بأنهم قردة وخنازير. وادعى الجنرال الإسرائيلي في الاحتياط، يوسي كوبريسوار، أن مجمل المدفوعات الفلسطينية تصل إلى نحو مليار و150 مليون شيكل في العام 2015، وأن السلطة لا تخفي المعطيات المتعلقة بهذه المخصصات، وإن كانت تحولت أخيراً إلى دفع هذه المخصصات عبر هيئات أخرى، وليس بشكل مباشر. وادعى هذا الجنرال أن مبلغ المخصصات يحدد وفقاً لمدة العقوبة التي تفرض على الأسير الفلسطيني، وقد يصل إلى 12 ألف شيكل شهرياً لمن يحكم عليه بالسجن لأكثر من 30 عاماً، إضافة إلى تسلمهم مبلغاً كبيراً مع تحريرهم من الأسر. وتحاول الحكومة الإسرائيلية، من خلال إبراز هذه المعطيات، توظيفها في حربها الدعائية ضد السلطة الفلسطينية وعباس، والقول إنها تشكل دليلاً على أن عباس يمول الإرهاب ويشجعه، وبالتالي فهو لا يمكن أن يكون طرفاً في المفاوضات.
من جهة ثانية، طالب عدد من نواب الكنيست الحكومة بحسم هذه المبالغ من المدفوعات التي تحولها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية، وتحويلها إلى صندوق ائتمان لدفع تعويضات لعائلات الإسرائيليين الذين قتلوا في عمليات فدائية فلسطينية. وتهدف هذه الضغوط أيضاً إلى دق أسافين بين منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وبين عائلات وأسر الشهداء والأسرى، من خلال التلويح أيضاً بمقاضاة السلطة الفلسطينية وإلزامها بدفع تعويضات للإسرائيليين، وحجب هذه المخصصات عن العائلات الفلسطينية، مع تداعيات ذلك على هذه الأسر، كجزء من العقاب الاقتصادي الإسرائيلي لعائلات الأسرى والشهداء.