الجمعة 28 يوليو 2017 18:18 م بتوقيت القدس
من عادة الناس أنّهم يبحثون دائمًا عمّا يظنّون أنّه الأفضل، وعمّا يحقّق لهم مصالحهم أو يلبي رغباتهم، ومن يأتي لهم بالسّكينة والطمأنينة.
ومن عادة النشطاء الحزبيين أنّهم إذا اكتشفوا انحراف حزبهم عن مساره أو سياساته، أو أنّه لم يلتزم بالدستور والنظام، فإنّهم يقدمون استقالاتهم، ولعلّهم يجدون ضالّتهم في حزب آخر أو يعتزلون الحياة السياسية.
ومن عادة الرياضيين، لاعبين أو إداريين أو مشجعين أن يتفانون في خدمة النادي الرياضي الذي ينتمون إليه، لكنّها الظروف ولعلّها مصالح تجعل بعض هؤلاء يقدمون استقالاتهم، ولعلّهم ينتقلون إلى نادٍ آخر .
وفي ظل الواقع العام الذي نعيشه، والظروف التي نحياها أفرادًا وأمةً، وانعكاس هذه الظروف على الحالة المعنوية التي تعيشها الأمة، فإنّ الناس قد انقسموا إلى فريقين أو قل ناديَين، نادي المتفائلين ونادي المتشائمين.
ولأنّ نادي المتشائمين له إمكانات كثيرة ومشجعون كثيرون، وله أبواق إعلامية رهيبة وله مقدرات مالية هائلة بل ويستخدم كل الأساليب، فإنّه النادي الاكبر والأوسع والأكثر انتشارًا، وذلك على حساب نادي المتفائلين.
نعم وصحيح أنّ الظروف المحلية والعالمية كانت تساهم في ازدهار وانتشار نادي المتشائمن، وكانت تحاصر وتضيّق على نادي المتفائلين، وتجعل الانتساب إليه نوعًا من الجنون والخسارة الحتمية على كل المستويات. ولأن شخصية الإنسان كما يقول علماء النفس تتشكل تحت تأثير أكثر خمسة أشخاص يخالطهم، فكيف بعضوِ نادي التشاؤم الذي يجد كل من حوله متشائمًا ووسائل الاعلام التي يتابعها تدعو للتشائم فحتمًا إنه سيكون كذلك.
ولأنّني على يقين بأنّ الواقع والحمد لله راحَ يتغير، ولأنّ نسائم الأمل راحت تهب، ولأنّ نبض الحياة في الأمة راحَ يتحرك، ولأنّ أنوار الفجر راحت تمزق أستار الظلام، ولأنّ رايات الخير راحت ترفرف فإنّ هذا يدعوني لأن أًعلي صوتي وأقول لك أيها الأخ الحبيب المنتسب لنادي المتشائمين بضرورة أن تمزق بطاقة انتسابك، وأن تقدم استقالتك من نادي المتشائمين.
إنّ تقديم استقالتك من نادي المتشائمين وانتقالك الى نادي المتفائلين ليس أنّ فيه الخير لك وفيه احترام لعقلك، بل لعلّ فيه تشجيعًا لغيرك من أعضاء النادي بتقديم استقالتهم من نادي المتشائمين. وإنني على يقين أن المستقبل الزاهر والغد المشرق والانجازات الباهرة لن تكون إلّا لنادي المتقائلين.هكذا يقول المراقبون، وهكذا هي المؤشرات وهذا هو الأساس وهذه هي العقيدة، وهذا هو اليقين فعجل وقدم استقالتك فورا.
شمس الإسلام لا تغيب
أعضاء نادي المتشائمين ومن كثرة ما سمعوا، ومن كثرة تأثير وسائل الإعلام التي يتابعونها ، ولجهلهم في فهم دينهم ولعلّها قراءة مشوهة لتاريخ أمتهم، فإنّهم غارقون حتى آذانهم في مستنقع اليأس والتشاؤم، بأنّ أمتهم نامت ولن تستيقظ ، وسقطت ولم تنهض بل وفي فهم البعض منهم أنّها قد ماتت وشُيّعت إلى مثواها الأخير.
لهؤلاء أقول بأن التاريخ وفي أكثر من مشهدٍ وواقعةٍ، فإنّه يذكرنا بأنّ شمس الإسلام أبدًا لن تغيب. نعم لعلّها تمر بظاهرة الكسوف ولكنّها سرعان ما تعود تتجلّى، ولعلّها تغطّيها وتحجبها بعض الغيوم ولكنّها سرعان ما تنقشع وتعود الشمس إلى ضيائها من جديد.
حينما مالت شمس الإسلام في الأندلس للمغيب بعد قريبٍ من 800 عام من المجد والسيادة والعلوم، ولأنّها كانت تمثل رمز الأمّة وقوّتها، فعندما ضعفت دولة الخلافة في الأندلس ثم سقطت، قال البعض حينها أنّها الأنفاس الأخيرة والرمق الأخير للإسلام. وكم كانت مفاجأة وصدمة هؤلاء وهم يروون اشعاعات شمس الإسلام تنبعث شرقّا من هضبة الأناضول حيث زحوف الجيوش الإسلامية تدك معاقل عاصمة الدولة البيزنطية، حيث محمد الفاتح القائد الشاب وهو يفتح القسطنطينة عام 1403 ويندفع باتجاه أوروبا، حتى يقف من أكملوا طريقه من القادة العثمانيين على أبواب فيينا عاصمة النمسا.
إنّه الإسلام دائما يفاجئ أعداءه، فبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وارتداد قبائل العرب، قال البعض لقد انكشف السحر، وسرعان ما انقشعت غمامة الردة، وإذا بالإسلام ينطلق طوال فترة الخلافة الراشدة ثمّ الدولة الأموية والعباسية في كل أصقاع الدنيا.
جاء الصليبيون ووصلوا إلى قلب الأمة حيث القدس والأقصى، بل وتطلعت أنظارهم صوب المدينة المنورة ونبش قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعد تسعين سنة كانت انتكاستهم وكان ذلّهم وكان عارُهم في حطين.
وجاء التتار واستباحوا البلاد والعباد وفعلوا ما فعلوا في عاصمة المسلمين بغداد، حتى قال القائل ( إذا قيل لك أن التتار انهزموا فلا تصدق) في حالة معنوية متردية من استحالة الانتصارعليهم، ثم ما لبث المسلمون أن التقطوا أنفاسهم وتكاتفوا، فكانت هزيمة التتار في عين جالوت.
وإذا كان البعض قد شيّع الإسلام في العصر الحديث بعد النهاية المأساوية للدولة العثمانية مطلع القرن العشرين، واتفاقية سايكس بيكو وتوزيع الولايات والشعوب الإسلامية كأنها متاع رخيص للمستعمرين ثم سقوط الخلافة عام 1924 ، ها هي لم تمر مئة عام إلّا والإسلام يعود من جديد يتصدر المشهد. صحيح أنّ الإسلام الآن في أوج معركة فاصلة مع أعدائه، لكن وبقناعة منهم أن شمس الإسلام قد أشرقت وأن شمسهم توشك أن تغيب، وأن السؤال حاضرٌ ليس هل سينتصر الإسلام أم لا ولكن السؤال كيف ومتى.إنّها بقايا عتمة ومخلّفات ليل يوشك فجر الإسلام وطلوع شمسه أن يبدده بإذن الله تعالى.
شتان بين كيد العبيد وكيد الفعّال لما يريد
طالما افتخر الظالمون بقوّتهم وبقدراتهم، ولطالما نظروا إلى أنفسهم نظرة الزهو وقالو ما قال سلفهم ( وقالوا من أشدّ منا قوة)، ولطالما استعرضوا جيوشهم ومخابراتهم ووحداتهم القتالية بأنواعها، وإذا بها تجعلهم يعيشون نشوة كنشوة فرعون ذي الأوتاد حيث وصلت به أن يقول أنا ربكم الأعلى. ولأنّه فرعون الذي تطاول على ربّ السماء في عليائه، فكان أن أذله الله صريعا حقيرًا في قعر البحر.
وهكذا هم الطواغيت دائمًا وأبدًا لا يتعلمون الدروس من بعضهم حتى يدفع أحدهم الثمن من جيبه. إنّهم ولغبائهم وغرورهم ولكثرة من يصفق لهم من أصحاب النفوس المريضة، ومن المنتفعين والإنتهازيين والطفيليين على اختلاف تخصصاتهم ومشاربهم، من شيوخ البلاط وكُتّاب البلاط وصحفيي البلاط وغيرهم، حتى يتمادون في غيّهم، وحتى يطال ظلمهم العباد كل العباد، وحتى يصبّوا جامّ غضبهم على كل صاحب فضيلة وخلق ( وما نقموا منهم إلّا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد)اية 8 سورة البروج.
إنّهم الظلمة والطواغيت صغارهم وكبارهم، لهم نفس المنطق ( اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم لعلّهم يرجعون). ولكن هؤلاء ولشقاوتهم وسوء حظهم لا يعلمون أن الله سبحانه قد أجّل لهم ساعة الانتقام لعلّهم هم يرجعون عن ظلمهم. فلما علم إصرارهم وعنادهم،وإذا بها اللحظة الحاسمة والساعة الفاصلة والإختبار الحقيقي بين كيدهم وكيد الله، بين مكرهم وبين مكر الله، بين تخطيطهم وتخطيط الله ، بين إرادتهم وبين إرادة الله سبحانه.
(إنّهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا)16-17 سورة الطارق. ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) اية20 سورة الأنفال. (إن بطش ربك لشديد، إنّه هو يبدئ ويعيد، وهو الغفور الودود، ذو العرش المجيد، فعّال لما يريد)12-16 سورة البروج. إنّهم ولحماقتهم لا يعلمون أنّ يد الله تعمل في الخفاء، وأنّ يد الله أعلى وأقوى من أيديهم ( والله من ورائهم محيط).
ما أكثرها الأمثلة والنماذج التي تذكّر من نسي بالنهاية المؤلمة لهؤلاء الظالمين الأشقياء، الذين لا يتّعظون ولا يتعلمون الدروس من بعضهم.إنّها قصة مصارع الظالمين والطواغيت تكاد تكون متشابهة، النمرود في مواجهة ابراهيم عليه السلام، فرعون في مواجهة موسى عليه السلام، أبو جهل في مواجهة محمد صلى الله عليه وسلم وما أكثر أشباه النمرود وأبي جهل من طواغيت زماننا الذين حتما لن تختلف نهاياتهم.
إنّه مكر الله في مواجهة مكرهم، وكيده سبحانه في مواجهة كيدهم، وتدبيره سبحانه في مواجهة تدبيرهم. ويا لها من نهاية مأساوية لهم. ويا له من تطمين للمظلومين الذين لأجل الله وفي سبيله ظُلموا، نعم إنّه تطمين الله لهم بأنّه معهم ولن ينساهم ولن يتخلى عنهم (إنّهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا) 16 -18 سورة الطارق.
بربكم أليس الفارق كبير بين كيد ومكر العبيد وبين مكر وكيد الله الفعال لما يريد؟
والشكر موصول
"ربّ ضارّةٍ نافعة" هكذا يقول المثل. (وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرا) هكذا يقول الله رب العالمين، وهو القائل سبحانه ( لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم) ايه 11 سورة النور .
إنّهم أعداؤنا الذين وباستمرار كيدهم وظلمهم وإعلان الحرب علينا كمسلمين، فإنّهم لا يعلمون أنّهم ومن حيث لا يشعرون يوقظوننا من غفلتنا ويدفعوننا دفعًا باتجاه أن نبحث عن أسباب هذه العداوة ، فلا نجد لها سببًا إلّا الانتماء للإسلام، وإذ بنا نزداد حبًا لهذا الإسلام، وتمسكّا به، واعتزازًا به.ألم تقل قاعدة الفيزياء ( لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة معاكس له في الاتجاه).
أعلنوا الحرب على ديننا فازددنا حبًا له، تطاولوا بالسخرية والإنتقاص من حبيبنا صلى الله عليه وسلم وإذا بأكثر الأسماء انتشارًا في الكرة الأرضية هو اسم محمد. سخروا من القرآن عبر مهرجانات وكرنفالات حرق القرآن في أمريكا وأوروبا، وإذا به أكثر كتاب يقبل الناس لاقتنائه، حتى فرغت منه المكتبات والمعارض.
فشكرًا لكم أيها الأعداء الأغبياء، شكرًا لكم أيها الظالمون المتغطرسون، شكرًا لكم يا كل قوى الشر والفساد في الأرض لأنكم وبعداوتكم وظلمكم وكراهيتكم للإسلام جعلتم كل واحد منا يصرخ ويقول ما قاله الشاعر :
أنا مسلم ولي الفخار فأكرمي يا هذه الدنيا بدين المسلم
وأنا البريء من المذاهب كلها وبغير دين الله لن أترنم
فستشهد الأيام ما طال المـدى أو ضمّ قبري بعد موتي أضلعي
إنّي لغير الله لست بعابدٍ ولغير دستور الســـماء لن أنتمي
فشكرًا لكل من ظلمنا لأنه بظلمه لنا بسبب ديننا فإنّه كان سببًا في هداية الكثيرين من الشباب والشّابّات الذين عرفوا حقيقة الصراع، وأنّه لأجل الدين فعادوا إليه وتمسكوا به.
وشكرًا لمن مكروا بنا وكادوا لنا وتآمروا علينا، لأنّهم كانوا سببًا في مكر الله وانتقام الله الذي وقع وسيقع عليهم.
وشكرًا لمن طغى وتجبر وزاد في عداوته، حتى أن الشيطان يتعلم منه أساليب الكيد التي مارسها ضد كل من يقول لا اله الا الله محمد رسول الله، شكرا له لأنّ هذا يعجل بإذن الله في نهايته وإراحة البلاد والعباد من ظُلمه.
شكرًا لكم يا أغبياء، لأن الضربات التي أنزلتموها علينا من عشرات السنين لم تقصم ظهورنا والحمد لله، وإنما زادتنا قوة وصلابة وثباتًا.
والشكر موصول لكلّ هؤلاء وأعوانهم وعملائهم، لأنّ ظلمهم لنا بل واشتداد الظلم يعني أننا في ساعات العتمة التي تسبق طلوع الفجر وشروق الشمس .وإنّ غدًا لناظره قريب.
رحم الله قارئا دعا لنفسه ولي ولوالدي بالمغفرة
والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون