السبت 12 اغسطس 2017 19:20 م بتوقيت القدس
رغم مرور أربعين عاما على مذبحة مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين في لبنان التي تصادف ذكراها الجمعة 12 أغسطس/آب الجاري، ما تزال مشاهد الحصار والقتل ماثلة في أذهان أهالي المخيم الذين قدر لهم أن لا يقتلوا في المذبحة، ليعيشوا ويرووا صورا من الأهوال التي عاشوها.
وتمثل مذبحة مخيم تل الزعتر واحدة من أسوأ صفحات الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975 واستمرت زهاء 15 عاما. وقد تعرض المخيم لحصار من المليشيات اليمينية المسيحية اللبنانية والجيش السوري عام 1976، وانتهى بمجزرة مروعة طالت أبناء المخيم من مدنيين ومقاتلين.
ووفقا للمركز الفلسطيني للإعلام، فقد استمر حصار مخيم تل الزعتر شمال بيروت 52 يوما، ودكته خلال ذلك أكثر من 55 ألف قذيفة، وكانت حصيلة المذبحة 4280 قتيلا غالبيتهم من المدنيين والنساء والأطفال وكبار السن، وآلاف الجرحى وقصص مرعبة لعمليات الذبح الجماعية للاجئين، في مذبحة انتهت على إثرها المعركة يوم 12 أغسطس/آب 1976 باحتلال المخيم، وبعد ذلك وصلت الجرافات وأزالته.
وبعد مرور أربعين عاما على مذبحة تل الزعتر، طويت صفحات تلك الحرب السوداء، لكن نتائجها لم تمحَ بالكامل: آلاف المهجرين والجرحى وذوي الإعاقة ما زالوا إلى اليوم يعانون من تداعياتها.
وتجدر الإشارة إلى أن مخيم تل الزعتر تأسس عام 1949 بعد عام على النكبة، ويقع في المنطقة الشرقية الشمالية من مدينة بيروت، ومساحته كيلومتر مربع واحد.
"لا يمكن للمرء أن ينسى تلك اللحظات العصيبة، ولا أذكر من مخيم تل الزعتر سوى المآسي وحكايات القتل والتهجير وروائح الدم"، هكذا قالت سميرة حمادة إحدى الناجيات من حصار المخيم عند سؤالها عن ذكريات تلك الأيام.
فقدان للبصر وللوالدين
كانت سميرة في الرابعة عشرة من عمرها عندما فقدت بصرها نتيجة القصف الذي أدى أيضا إلى مقتل والديها، وتقول في حديثها للجزيرة نت إن فرق الصليب الأحمر أخرجتها من المخيم بعد إصابتها ونقلتها إلى المستشفى للعلاج، قبل أن تدخل لاحقا مؤسسة لتعليم المكفوفين.
وأشارت سميرة إلى أنها تزوجت في السادسة عشرة من عمرها برجل لديه إعاقة مماثلة، وهي تقطن حاليا مع عائلتها في مخيم برج الشمالي للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان.
أما الفلسطيني أحمد الحاج فيتعمد المرور أحيانا كثيرة بسيارة الأجرة التي يمتلكها قرب ما كان يعرف بمخيم تل الزعتر، فهنا تمتزج في أذهان الرجل الستيني ذكريات الطفولة الجميلة بمآسي الحرب القذرة.
كان أحمد في الخامسة والعشرين تقريبا عندما أصابت رصاصات القناصين إحدى قدميه مما أدى إلى بترها، ويقول للجزيرة نت إنه بعد الخروج من المخيم أكمل عمله بمهنة النجارة، قبل أن يتزوج وينتقل للعمل كسائق سيارة أجرة نتيجة وضعه الصحي. وتبقى المفارقة أن أحمد يتمنى العودة يوما إلى تل الزعتر رغم كم الجراح الكبير.
"يوم أسود وحزين كان يوم سقوط مخيم تل الزعتر".. بهذه الكلمات يستهل نائب رئيس رابطة أهالي تل الزعتر محمد شمس حديثه للجزيرة نت عن تلك الذكرى.
وتحدث شمس عن توزع أبناء المخيم على عدد من المناطق، مشيرا إلى تجمع يقطنه سكان مخيم تل الزعتر المهجرون في مخيم البداوي شمال لبنان وأطلق عليه تسمية "حي تل الزعتر". ويقول إن شبح التهجير ما زال يلاحق هؤلاء حتى اليوم بسبب دعاوى قانونية بحقهم لإخلاء أماكن سكنهم.
ألفا مفقود
وقال شمس إن أكثر من ألفي مفقود من أبناء المخيم ما زال مصيرهم مجهولا حتى اليوم، مؤكدا الإصرار على متابعة قضيتهم.
وإذ أشار إلى أن الصليب الأحمر الدولي بدأ قبل أربع سنوات تقريبا ملء استمارات خاصة بهذا الموضوع، اعتبر أن الدولة اللبنانية لا ترغب في فتح جراح الحرب الأهلية ومآسي الماضي.
ويبقى لكل شخص من أبناء تل الزعتر قصة ستتناقلها الأجيال وفق ما يؤكده مسؤول الإعلام في رابطة أهالي تل الزعتر وليد الأحمد، مشيرا إلى أن التحضيرات مستمرة لإحياء الذكرى السنوية لسقوط المخيم عبر نشاطات متنوعة.
وقال الأحمد للجزيرة نت إن الهدف من إنشاء الرابطة هو المحافظة على هذه الذكرى وعلى سيرة المخيم، وإعادة التواصل بين أبنائه المنتشرين في لبنان والخارج، مؤكدا أن طموح أهالي مخيم تل الزعتر كان وسيبقى العودة إلى أرضهم في فلسطين.