السبت 16 سبتمبر 2017 08:28 م بتوقيت القدس
يستطيع كل مشاهد للمشهد السياسي في صفوف الاحزاب الصهيونية الاسرائيلية والمؤسسة الاسرائيلية لمس تغييرات أدّعي انها خطيرة علينا كفلسطينيين في الداخل والقضية الفلسطينية بشكل عام، خصوصاً مع حالة الترهل الاقليمي العربي وحالة الهوان التي تصيب جسد العمل السياسي العربي في الداخل في مقابل تصاعد التيار الشعبوي اليميني في اسرائيل.
أثبتت السنوات الأخيرة ومع صعود نتنياهو لسدة السلطة أن اليمين التقليدي في اسرائيل، والذي هو يميني السمة بطبعه، بات يجنح لأكثر يمينية وهذه اليمينية أضحت يمينية شعبوية، على غرار اليمين الشعبوي في أوروبا بل وأكثر من ذلك لكون اليمين الاسرائيلي بات في السلطة ويشرّع ويسن القوانين ويطبّق السياسات ويفتقر لمعايير حقوقية حقة.
التغيير المركزي الذي أصاب الساحة الاسرائيلية يتمركز في دور حزب الليكود الذي انتقل من دور اليمين التقليدي- الذي هو لا شك يميني الموقف ومتشدد في القضايا السياسية- الى اليمين الشعبوي الذي يسعى للعب على وتر المشاعر ولا يعمل على حل المشاكل والتحديات بمسؤولية وبعقلانية إنما بخطابٌ عاطفي، لا يعتمد الأفكار والرؤى، بل يميل إلى إثارة الحماس وإلهاب المشاعر، ليتماشى تماماً أو يتطابق مع المزاج السائد، وأرى أن هناك تطابق، تسابق وتلاحق في المزاج الاسرائيلي- اليهودي الشعبي- الشعبوي والمزاج القيادي السياسي والذي يغذي كل منهما الاخر خصوصاً مع صعود التخوفات والتحديات وتأجج الأوضاع في المنطقة.
مع تصاعد هذا التيار يبدو أن هناك إزاحة لليمين في كل التيارات السياسية الاسرائيلية، ويبدو أن أشد من يعاني تحت وطأة هذا الواقع هم الفلسطينيون في الداخل والذين ازدادت الهجمة اتجاههم متجلية في هدم البيوت، الملاحقات السياسية، الاعتقالات، طرح فكرة الترانفسير، التضييقات في مجالات كثيرة وانتهاءً بالخطاب السياسي الحكومي والحزبي الصهيوني الاسرائيلي الذي بات يراهم عبئاً بل وخطراً يجب لجمه.
لكن بالمقابل فإن الفلسطينيين في الداخل ما زالوا يتعاملوا مع هذا الواقع الخطير وفق عقلية وأساليب الماضي من دون برنامج شامل وواضح لمجابهة هذه السياسات والصمود أمامها إذا لم نقل تحديها. فعلى الصعيد المجتمعي هناك افات مجتمعية تحاصر المجتمع من العنف إلى الحياة المادية النفعية التي باتت تسيطر على المشهد العام إضافة لحالة الفتور السياسي والتوجس منه.
على صعيد القيادات كذلك هناك حالة من الفتور في التعامل مع الواقع ومع سياسات المؤسسة الاسرائيلية كما أن الاحزاب السياسية في الداخل تعاني من حالة ترهل سياسي وميداني مذهلة وخصوصاً بالشق العملياتي- العمل الميداني والمشاريع التي تفيد المجتمع- وأخشى انتقالها لحالة الموت السريري في هذا الجانب! كما أن الجانب السياسي في وضع سيء فلا تملك القيادات برنامجاً استراتيجياً او تكتيكياً للتعامل مع الواقع والتحديات لدرجة أن الفلسطينيين في الداخل، ممثلين بقيادتهم، لم يشكلوا تحد قوي للمؤسسة بمشروع سياسي جمعي جدي منبثق من الصراع ودورهم به. بل والواقع اسوأ مع حالة الاختلاف السياسي التي شابت قضية التناوب وفقدان الثقة لدى عدد من الناس بالقيادات السياسية والعمل السياسي ككل مما يزيد من الفجوة بين الفلسطينيين في الداخل وقيادتهم السياسية والعمل السياسي بشكل عام.
أخيراً الواقع السياسي الاسرائيلي يجنح ليمين اليمين وبشعبوية مقيتة ويقوم بتصفية القضية الفلسطينية بدعم أمريكي وبمحاولة الضغط على الفلسطينيين في الداخل والتنافس في معاداتهم حتى بات خطاب المواطنة غير مجدٍ خصوصاً مع يهودية الدولة اسماً وتطبيقاً وباتت الحاجة لصياغة مشروع وطني بتفكير جمعي وبرؤية واضحة وجرأة وواقعية تحمله قيادة مسؤولة ومضحية ويُثق بها هو مطلب الساعة.