الاحد 24 سبتمبر 2017 08:08 م بتوقيت القدس
بدأت خطوات إعلان الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان عن العراق لتنطلق معها أصوات المعارضين على تلك الإجراءات التي تشكل خطرا وتنذر بفوضى قريبة وتهدد استقرار العراق والمنطقة بأكملها.
إيران وتركيا كانتا من أشد المعارضين على الاستفتاء إضافة إلى العديد من الجهات الأخرى وبالأخص الحكومة العراقية التي ترى أن الانفصال يخالف الدستور العراقي ويشكل فوضى ويزعزع استقرار البلاد.
وفي أهم ردود الأفعال على إعلان تنظيم الاستفتاء؛ جاءت زيارة رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية لتركيا -وهي أول سفر خارجي لرئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية بعد الثورة- كي يجتمع بنظيره التركي، وقد بحثا -حسب الرئيس رجب طيب أردوغان- إجراء عملية عسكرية مشتركة ضد إقليم كردستان إذا ما قام بإعلان الاستقلال.
كما جاء إعلان سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شمخاني أن جميع المعابر التجارية بين إيران وإقليم كردستان العراق ستغلق إذا نُظّم الاستفتاء. وإذا ما ضممنا تصريحه إلى كلام مشابه لرئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم؛ فإن هذا يعني أن الدولتين ستقومان بمحاصرة إقليم كردستان العراق.
وإذا انضمت الحكومة المركزية العراقية إلى إيران وتركيا في محاصرة إقليم كردستان العراق؛ فإن ذلك يعني أن هذا الإقليم سيصبح معزولا عن المنطقة وبالتالي عن العالم.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما سبب شدة ردود الأفعال هذه؟
فيما يخص إيران يقول الكاتب الصحفي الإيراني عماد آبشناس إن الأكراد يُعتبرون قومية إيرانية أصيلة، وأن الإيرانيين متأكدون من أن أكراد بلدهم يقفون في آخر الصف المطالب بالانفصال مقارنة بأكراد تركيا وسوريا؛ فإن موضوع انفصال كردستان العراق يمكن أن يحرك بعض انفصاليي الأكراد داخل إيران ويثير مشاكل تهدد استقرارها، خاصة أن أكرادها منتشرون في كل البلاد.
كما أن هناك قوميات أخرى قد تتأثر باستقلال كردستان العراق (مثل العرب والبلوش والأذريين)، فتطالب بالانفصال وتهدد وحدة الأراضي الإيرانية.
ويضاف إلى ذلك تخوف طهران من النفوذ الإسرائيلي والسعودي في كردستان، الذي أضحى -حسب قولها- أحد أهم الأخطار التي تواجه الأمن القومي الإيراني، حيث إن إيران واجهت عدة حملات وصفتها بالإرهابية، وأكدت أنها كانت جميعها منطلقة من كردستان العراق.
ويضيف الكاتب الصحفي أن تخوف إيران من استقلال كردستان العراق مرده خشيتها من تحوّل هذه المنطقة إلى بؤرة نفوذ أقوى لأعدائها، مما سيشكل تهديداً مباشراً لأمنها القومي ينضاف إلى عدة مشاريع أميركية/إسرائيلية لتجزئة المنطقة إلى دويلات متصارعة، وهو ما سيؤمّن الاستقرار لإسرائيل.
ويشير إلى ما يُعرف بخطة برنارد لويس أو خطة "حدود الدم" التي نشرتها مجلة "ذا أتلانتيك" الأميركية، وهناك تخوف كبير من أن مشروع تأسيس كردستان العراق سيشكل الأرضية لتطبيق الخطة الأميركية لتجزئة المنطقة، وعلى هذا الأساس فإن الإيرانيين يقفون بكل ثقلهم ضد نجاح هذا المشروع.
ووجهت تركيا "نداء أخيرا" إلى سلطات إقليم كردستان العراق لإلغاء استفتاء الانفصال المزمع إجراؤه الاثنين المقبل، وقالت إن كل الخيارات مطروحة للرد عليه.
وقال المتحدث باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ بعد اجتماع لمجلس الوزراء الليلة الماضية إن الاستفتاء "يهدد أمن تركيا القومي بشكل مباشر".
وأضاف بوزداغ في مؤتمر صحفي أنه خلال اجتماع الحكومة، الذي ترأسه رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، "وضعنا كل الخيارات على الطاولة، ودرسناها واحدا تلو الآخر". دون أن يعطي تفاصيل.
وقال إنه يأمل أن يلغي إقليم كردستان العراق الاستفتاء حتى لا تضطر تركيا لفرض عقوبات، وشدد على أن "تركيا لا تريد أن يؤجل الاستفتاء إلى وقت لاحق، بل يجب إلغاؤه بشكل لا رجعة فيه".
وجاء هذا الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء بعد اجتماع لمجلس الأمن القومي التركي مساء الجمعة أيضا برئاسة أردوغان، خلص إلى أن الاستفتاء الكردي المزمع "غير مشروع وغير مقبول".
وقال مجلس الأمن القومي -في بيان صدر في ختام اجتماعه- إن الاستفتاء سيؤدي إلى عواقب وخيمة على شمال العراق والمنطقة بأسرها.
وأكد المجلس أن تركيا تحتفظ بحقوقها التي تنص عليها الاتفاقيات الدولية في مواجهة الاستفتاء، داعيا سلطات كردستان العراق لإلغائه قبل فوات الأوان.
وكانت القوات المسلحة التركية، في ما يشبه التحذير الضمني، بدأت الاثنين الماضي مناورات عسكرية على الحدود العراقية بمشاركة مئة آلية بينها دبابات.
ومن المقرر أن يعقد البرلمان التركي جلسة استثنائية السبت لمناقشة تمديد المذكرة التي تمنح الحكومة صلاحية تنفيذ عمليات عسكرية في كل من العراق وسوريا.
وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم دعا في تصريحات صحفية إدارة كردستان العراق إلى عدم الخوض في ما وصفها بالمغامرة، مشيرا إلى أن قرار الاستفتاء لا يحظى بأي دعم دولي، وجميع الدول تعتبره استفتاء خاطئا ويجب ألا يتم.
واعتبر يلدرم إدخال منطقة كركوك المتنازع عليها في استفتاء كردستان العراق كارثة، مؤكدا أن تركيا لا ترضى بأي مبادرة لتغيير الوضع الحالي في العراق وسوريا وستقوم بما يلزم للرد.
وكان رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني أكد أمس الجمعة وسط حشد جماهيري بمدينة أربيل أن الاستفتاء سيجرى في موعده، وانتقد "دول الجوار" التي "سارعت إلى تهديد الإقليم".