الخميس 05 اكتوبر 2017 11:17 م بتوقيت القدس
أظهر استطلاع للرأي أجرته جمعية "مبادرات صندوق إبراهيم"، أن المواطنين العرب واليهود في البلاد لا يثقون بالشرطة الإسرائيلية، وكشفت نتائج الاستطلاع عن ارتفاع متواصل لانعدام الثقة لدى المواطنين بالشرطة.
وأجري الاستطلاع القطري على عينة معيارية للمجتمع اليهودي في إسرائيل شملت 402 شخصا يمثلون جميع المناطق ومن 156 بلدة مختلفة. وعينة معيارية من المجتمع العربي في إسرائيل شملت 402 شخصا من جميع المناطق ومن 89 بلدة عربية مختلفة.
وحسب نتائج الاستطلاع الذي أعده معهد الاستطلاعات "ستاتنت"، فإن 59% من المجتمع العربي قالوا إن ليس لدينا ثقة بالشرطة بالمرة، أو توجد ثقة بنسبة ضئيلة. ونسبة مماثلة من المجتمع اليهودي بواقع 54%.
ويكشف الاستطلاع النقاب عن تدهور كبير في ثقة الجمهور في الشرطة على مدى ثلاث سنوات. ووجد استطلاع رأي استقصائي نتائج مماثلة أجريت في عام 2014، بحيث أن 25.1٪ فقط من المستطلعين اليهود أعربوا عن عدم الثقة في الشرطة، إلى جانب 41٪ بين العرب.
وتبرز النتيجة المذهلة لدى المقارنة مع سؤال مشابه في استطلاع الرأي الذي أجراه د. بادي حسيسي لصندوق إبراهيم عام 2014، حيث عبر 25.1% من اليهود عن انعدام الثقة بالشرطة (ارتفاع أكثر من 100% مقارنة مع الاستطلاع الحالي)، مقابل 41% من العرب (ارتفاع بنحو 50% مقارنة مع الاستطلاع الحالي).
وعرضت نتائج الاستطلاع خلال فعاليات يوم دراسي عقد في قرية جسر الزرقاء التي شهدت 4 جرائم قتل منذ مطلع العام الجاري، حيث يلاحظ ارتفاع متواصل في معدلات العنف والجريمة بالقرية، كما أن الواقع يشير إلى اتجاه عام في تزايد الجريمة والعنف في المجتمع العربي.
ويأتي الاستطلاع، في الوقت الذي تستمر جرائم القتل في البلدات العربية، في ظل تقاعس الشرطة وصمت المجتمع ما يعمق تمزق النسيج المجتمعي وتفككه وانعدام الأمن والأمان.
وقتل منذ مطلع العام الجاري 2017 في المجتمع العربي 56 مواطنا في جرائم قتل مختلفة، ويُستدل من المعطيات المتوفرة أن 10 نساء قتلن منذ مطلع العام الجاري، بينما قتل 46 شخصا بجرائم مختلفة، بينهم ثلاثة أشخاص برصاص الشرطة.
بالإضافة إلى ذلك، وجد أن 32٪ من المواطنين العرب يشعرون بعدم الأمان في مكان إقامتهم، مقابل 12٪ من اليهود. في المجتمعات التي تم أخذ عينات منها، أصبح الشعور بانعدام الأمن أكثر حدة: 88٪ من سكان جسر الزرقاء لا يشعرون بالأمان، و37٪ في طمرة و47٪ في كفر قاسم.
وحسب الاستطلاع، كان هناك أكثر من 380 حوادث إطلاق النار. وبالإضافة إلى ذلك، يقدر أن 000 350 قطعة سلاح غير مرخصة في المجتمع العربي، تشكل 80% من الأسلحة غير المرخصة في إسرائيل.
وتشير المعطيات إلى أن غالبية الجرائم ارتكبت باستخدام السلاح الناري، و9 جرائم ارتكبت بالاعتداء والطعن بالسكاكين والآلات الحادة، فيما اقترف المجرمون 3 جرائم قتل عن طريق الدهس بالسيارة.
وتشكل جرائم القتل خطرا جسيما يهدد النسيج المجتمعي، ويصيبه بالتفكك وانعدام الأمن والأمان، وسط صمت المجتمع وتقاعس الشرطة، وهذا بحد ذاته جريمة كبرى، لا تغتفر.
أما المناطق الثلاث التي تم أخذ عينات منها فهي أعلى من المتوسط العام بكل ما يتعلق بانعدام الثقة بالشرطة من قبل المواطنين، حيث كانت أبرز النتائج على النحو التالي: 95٪ جسر الزرقاء و74٪ في طمرة و78٪ في كفر قاسم، حيث أجاب من شملهم الاستطلاع أنهم لا يثقون بالشرطة.
ومع ذلك، ورغم انعدام الثقة كما يظهر في الاستطلاع، يتضح أن المواطن العربي ملتزم بإيجاد حل لهذه المشاكل، ومعني بخدمات شرطية متساوية ومنصفة في البلدات العربية، ويعتبر التعاون مع الشرطة مفتاح رئيسي للقضاء على الظاهرة، بحسب استطلاع "مبادرات صندوق إسرائيل".
ويظهر الاستطلاع أن المجتمع اليهودي والعربي غير راضين عن نشاط الشرطة في مجتمعاتهم. ويبلغ المتوسط العام في المجتمع اليهودي 53٪ غير راضين عن نشاط الشرطة في منطقتهم، في حين أن متوسط المجتمع العربي أعلى ويبلغ 61٪. وفي المناطق التي تم أخذ عينات منها، تكون النسب المئوية أعلى بكثير: 88% في جسر الزرقاء و61% في طمرة و85% في كفر قاسم.
وأظهر الاستطلاع أن 70% من المواطنين العرب على استعداد لأخذ دور في مكافحة العنف والجريمة، مقبل 39% في المجتمع اليهودي، 79% من المواطنين العرب على استعداد لتقديم بلاغات للشرطة عن جنايات أو جرائم شهدوها، 77% من العرب يؤيدون إقامة مراكز للشرطة في البلدات العربية.
ويعتقد 63% من الجمهور اليهودي في إسرائيل أن الشرطة مسؤولة عن الأمن في المجتمع. في المقابل، 36% فقط من السكان العرب يعتقدون ذلك. وبين الجمهور العربي في إسرائيل، يعتقد 32% أن الأسرة يجب أن تكون قلقة بشأن الأمن الشخصي في المجتمع، مقابل1% فقط من الجمهور اليهودي الذين يعتقدون أن للأسرة دورا تؤديه في هذه المهمة.
ولعل إحدى أهم نتائج الاستطلاع المثيرة للاهتمام، هي الدمج بين الشعور بانعدام الأمن الشخصي الذي يختبره المواطن العربي في بلدته ونسبة الانكشاف المنخفضة للجريمة والعنف بشكل شخصي:
في حين يعتقد 54% من المواطنين العرب أنه توجد مشاكل عنف في بلداتهم، مقابل 14% من المواطنين اليهود، فإن 32% من المواطنين العرب لا يشعرون بالأمان في بلداتهم، مقابل 12% من المواطنين العرب.
وفقط 4% من المواطنين العرب أفادوا أنهم كانوا ضحية جريمة أو عنف في السنوات الثلاث الأخيرة، ونسبة مشابهة جدا من المجتمع اليهودي بواقع 3.3%.
وتنسجم المعطيات أعلاه مع طعون العديد من المواطنين، والناشطين الاجتماعيين، ومؤسسات المجتمع المدني، ورؤساء السلطات المحلية، بأن جل أعمال العنف والجريمة تجري ضمن دوائر محدودة لمنظمات الإجرام، العصابات، والصراعات الدموية بين العائلات وما شابه.
وتطالب جمعية "مبادرات صندوق إبراهيم" صناع القرار بإيلاء الاهتمام الخاص لهذا الموضوع والدراسة المعمقة لنتائجه المفاجئة غير المفهومة ضمنا: "هذه فرصة مواتية للبدء بعمل مشترك مع المجتمع العربي والقيادات الاجتماعية والدينية والسياسية على المستويين القطري والمحلي".
كما تطالب بلورة وتطبيق برنامج متعدد السنوات للقضاء على الجريمة في البلدات العربية: ينبغي على الشرطة ووزارة الأمن الداخلي والحكومة، تحديد البلدات التي تعاني من معدلات مرتفعة من الجريمة والعنف في واعتبارها كـ"بلدات تعاني من الجريمة"، والتعامل مع القضية كمهمة قومية، وتخصيص الموارد المطلوبة على عدة مستويات: الموارد البشرية، البنى التحتية، تخصيص الأراضي، التكنولوجيا المتطورة، التربية، الإعلام وغيرها.
إضافة إلى ذلك، توصي جمعية "مبادرات صندوق إبراهيم" بتشكيل لجان استشارية (الشراكة بين المجتمع والشرطة) آلية، تهدف إلى تأسيس علاقات بنيوية منتظمة، ومباشرة ومتبادلة، بين الجمهور العربي والشرطة.
واستشهدت الجمعية بنموذج قالت إنه ناجح لمأسسة مثل هذه الشراكة والحوار هو "نموذج اللجان الاستشارية" في شمال ايرلندا، وفي أماكن أخرى في العالم. حيث توجد في كل مركز شرطة (وفي الألوية والقيادة القطرية) لجنة استشارية تمثل مجموعات الأقلية، وتضم قيادات منتخبة، وقيادات مجتمعية وتربوية، وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني وغيرهم. تجتمع هذه اللجان بشكل دائم، ويتم توثيق الجلسات ويشتق منها مهام لكل واحدة من الجهات المعنية بغية المعالجة الفعّالة والناجعة لظواهر الجريمة والعنف في المجتمع.