السبت 07 اكتوبر 2017 11:50 م بتوقيت القدس
بينما كان الملايين حول العالم يتابعون أحدث المغامرات الفضائية المعقدة، التي قامت بها المركبة الفضائية "كاسيني" قبل أيام بالغوص بين كوكب زحل وحلقاته، كانت هناك أعين عربية أخرى تتابع بكل الاهتمام مسار المركبة المنطلقة بسرعة 70 ألف ميل في الساعة متجهة نحو مدارها الجديد حول الكوكب، لتتنفس الصعداء معلنة نجاح غوص المركبة وعبورها بسلام بين حلقات الكوكب في المهمة الأولى من نوعها التي يشهدها عالم الفضاء، ولتتولى المهندسة الأمريكية من أصل فلسطيني آسيل جمال عنبتاوي "من طولكرم" مسؤولية إعلام العالم بنجاح "مهمة كاسيني"، ولنتعرف نحن بدورنا هنا في العالم العربي إلى أحد الوجوه العربية الناجحة في الخارج، والتي اختارت مجالاً صعباً لإثبات ذاتها وتفوقها وحضورها وسط النخبة المتميزة من علماء وباحثي العالم في وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا".
لاحظ كل من شاهد إعلان المهندسة عنبتاوي نجاح مهمة "كاسيني" فخراً بادياً على ملامحها، إذ حملت مغامرة المركبة إلى جانب كونها إنجازاً علمياً بشرياً فائقاً، جهد سنين طويلة لعنبتاوي وفريق عملها المختص بدراسة وتصميم كل ما يتعلق بموجات الراديو، والاستشعار عن بعد، والتقنيات الكهرومغناطيسية الفضائية والتي كان أقل خطأ في تقديرها مسبقاً كاف بإفشال المهمة التي بدأت في العام 1997، وفي انتظار انتهائها بعد أشهر قليلة في سبتمبر/ أيلول المقبل.
كان غوص "كاسيني" بنجاح بين حلقات زحل، عبور آخر ناجح لمشوار عنبتاوي وفريقها منذ انضمامها إلى فريق عمل المهمة في العام 2003 وحتى اليوم، تحملت خلالها المسؤولية كاملة عن اختيار وتنظيم مجموعة العمل، وإجراء الدراسات الدقيقة اللازمة بكل ما يتعلق بمجموعة نظم علوم الراديو، والحسابات الخاصة بالاتصالات بين المركبة ومقر المراقبة الأرضية وغيره الكثير المتخصص بدقة متناهية في علم الهندسة الكهربية.
ولم تتوقف مسؤوليتها عند حدود فريق عملها، بل تجاوز ذلك إلى تنسيقها الدائم مع مجموعة Deep Space Engineers المختصة بتنظيم الاتصال بين كل المهندسين على كافة المستويات في كل مهام «ناسا»، والمهتمة بجمع البيانات، والتأكد من جودة الاقتراحات والدراسات المقدمة الخاصة بكل مهمة على حدة.
بدأت قصة نجاح عنبتاوي بحصولها على بكالوريوس الهندسة الكهربائية بتفوق في جامعة كاليفورنيا ستيت في العام 1992، ومن بعدها درجة الماجستير في نفس التخصص من جامعة ساوثرن كاليفورنيا في العام 1996، لتبدأ أولى خطواتها العلمية مباشرة في نفس العام بانضمامها إلى مختبرات الدفع النفاث في "ناسا" بولاية كاليفورنيا، وهو المكان صاحب الشهرة العلمية الواسعة بضمه نوابغ العلوم والهندسة من كل أنحاء العالم نظراً لاهتماماته العلمية ذات التخصص الدقيق والمعقد في دراسة كل ما يتعلق بالفضاء بدءاً من مهام الرحلات المأهولة إلى المريخ، مروراً بعلوم الفيزياء الفلكية، وصولاً إلى بيولوجيا الفضاء وتأثيرها في الإنسان.
تنوعت المحطات المهمة في مشوار عنتباوي في «ناسا»، فنقلها اجتهادها وتميزها من محطة مهمة إلى أخرى أكثر أهمية، وهكذا تراكمت الخبرات والنجاحات فحازت عدة تكريمات كان أهمها ميدالية العمل المتميز في 2015، ومن قبلها ميدالية الإنجاز الاستثنائي في العام 2007، وغيرها.
كانت أولى مهام عنبتاوي الصعبة في العام 1996 بالعمل ضمن فريق «مهمة جاليلو» إلى المشترى التي استمرت بها حتى 2002، وانتقلت إلى تحدٍ آخر بالعمل ضمن فريق المسح العالمي للمريخ وتركزت مهامها بإجراء التجارب المختصة بالعلوم الراديوية، وأدى نجاحها إلى اختيارها للالتحاق ثم الإشراف على المجموعة المكلفة بمتابعة تجارب ومسار المركبة الفضائية كاسيني. وإلى جانب تفوقها العملي، أثرت المهندسة عنبتاوي المكتبة العلمية بأكثر من 59 بحثاً، و56 مقالاً علمياً.