الاثنين 16 اكتوبر 2017 08:22 م بتوقيت القدس
اكتشف علماء أن مركب سيلوسيبين، وهي المادة ذات المفعول النفسي التي تُوجَد في الفطر السحري، يمكنه على نحوٍ فعَّال "إعادة ضبط" نشاط الدماغ للأشخاص الذين يعانون من اكتئاب حاد.
وتوصَّلت الدراسة المحدودة التي أجراها باحثون في كلية لندن الإمبراطورية أنَّه عند إعطاء المرضى الذين فشلت معهم العلاجات التقليدية تلك المادة، كانت المادة قادرة على إحداث تأثير إيجابي طويل الأمد.
وفي الواقع، وجد الباحثون بعد مرور نحو خمسة أسابيع من إعطاء المُركَّب للمرضى أنَّ المرضى لا يزالون يُظهِرون انخفاضاً ملحوظاً في أعراض الاكتئاب.
ويعتقد الباحثون أنَّ مُركَّب سيلوسيبين قادرٌ على إعادة ضبط نشاط الدوائر الرئيسية في الدماغ بفاعلية، وتلك الدوائر معروفة بأنَّها تلعب دوراً رئيسياً في الاكتئاب.
وبالحديث مع المرضى عقب تلقيهم العلاج، قال الطبيب روبن كارهارت هاريس، رئيس مجموعة أبحاث التخدير في كلية لندن الإمبراطورية، والذي قاد الدراسة: "وصف العديد من مرضانا كيف أنَّهم يشعرون بأنَّهم "أُعيد ضبطهم" بعد العلاج، وشبَّهوا الأمر غالباً بما يحدث في الحاسب الآلي.
فعلى سبيل المثال، قال أحدهم إنَّه شعر كأنَّ دماغه "أُعِيد تنظيمه" مثل القرص الصلب الخاص بالحاسب الآلي، وقال آخر إنَّه شعر بأنَّه "أُعيد تشغليه".
وأضاف هاريس: "السيلوسيبين ربما يمنح هؤلاء الأشخاص "دفعة الانطلاق" المؤقتة التي يحتاجونها للخروج من حالات الاكتئاب التي يعانون منها، وهذه النتائج التصويرية تدعم بشكل مبدئي تشبيه "إعادة الضبط ". وقد لُوحِظت آثارٌ مماثلة على الدماغ في حالة العلاج بالتَّخْلِيْجِ الكُهْرَبِيِّ".
وفيما كان الباحثون يختبرون من قبل فعالية الأدوية المخدر في القضاء على الاكتئاب والإدمان، فإنَّ هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها السيلوسيبين بهذه الطريقة.
وتضمَّنت الدراسة إعطاء 20 مريضاً يعانون من اكتئاب مقاوم للأدوية جرعتين من الدواء، مع جرعة أولية كبيرة خاضعة للسيطرة، ثُمَّ جرعة صغيرة بعد أسبوع.
ووجد الباحثون في المسح الوظيفي باستخدام تصوير الرنين المغناطيسي أنَّ الآثار كانت كبيرة. فلم يقتصر الأمر فقط على انخفاض تدفق الدم في اللوزة الدماغية، وهي المنطقة التي تعالج الاستجابات العاطفية في الدماغ، ولكن تضمَّنت أيضاً زيادة الاستقرار في منطقة أخرى من الدماغ جرى ربطها في السابق بالاكتئاب.
في حين أنَّ نتائج الدراسة واعدة، يبقى كارهارت هاريس حذراً، مشيراً إلى أنَّ هذا يأتي في وقت مبكر للغاية من مرحلة الاختبار، وأنَّ الدراسة كانت صغيرة جداً.
ويضيف ديفيد نوت، الأستاذ الذي يشغل كرسي إدموند سافرا في كلية لندن الإمبراطورية، وهو باحث كبير شارك في إعداد الدراسة، أنَّ "هناك حاجة إلى دراساتٍ أكبر لمعرفة ما إذا كان هذا التأثير الإيجابي يمكن استنساخه في عددٍ أكبر من المرضى. لكنَّ هذه النتائج الأولية مثيرة وتتيح وسيلة علاج أخرى تحتاج إلى البحث".