الاثنين 30 اكتوبر 2017 14:27 م بتوقيت القدس
في الوقت الذي يعيش به مجتمعنا أزمة أخلاقية جدّية، خاصة في المدارس والمؤسسات التعليمية، لا يزال بصيص الأمل ينثر نوره، بوجود معلمين ومعلمات يحملون رسالة التعليم السامية على أكتافهم، ويعملون بجد وصدق لتنشأة جيل واعد ومتعلم، جيل يتمتع بقيم إنسانية وأخلاقية رائعة، وهذا ما تقوم به شادن درويش، وهي طالبة جامعية ستتخرج قريبًا، ومعلمة لفترة مؤقتة تقوم بالتدريس في مدرسة عتيد الأهلية بمدينة أم الفحم، مكان معلمة خرجت لإجازة ولادة.
قصة شادن مع التعليم ملهمة وتستحق الوقوف عندها، فأسلوبها المميز وتفانيها في وظيفتها أخذا حيّزًا كبيرًا في صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي. خاصة وأنّ تعاملها مع طلابها وطريقتها بالتعليم وتمرير الدروس مميزة، وهي تؤمن أنّ بينها وبين طلابها تواصل روحي جميل، وآخر ما قررت فعله شادن قبل أن تترك طلابها في احدى مدارس أم الفحم هو ترك رسالة لهم يوم الامتحان، رسالة تحفر في قلوبهم ذكرى معلمة أحبّتهم وأحبّت مهنتها وسعت من خلال طريقتها هذه أن تزرع شيئًا من الإصرار في قلوب طلابها، قائلة:"علينا دائمًا أن نترك ذكرى لطلابنا، لعلّ وعسى نراهم بومًا في مكانة مميزة لنشعر إننا عملنا بضميرنا وإنسانيتنا اولاً".
الملفت أنّه تمّ تداول الرسالة التي تركتها شادن لطلابها بشكل كبير عبر صفحات التواصل الاجتماعي، حيث أشاد رواد فيسبوك وانستغرام بأسلوبها ورسالتها السامية. وكتبت شادن في رسالتها لطلابها:"طالب/تي الجميل/ة، لقد ألزمت نفسي أن أتعب في سبيل تدريسك، ولن أرتاح حتى أراك ترتقي في مراتب العلم وتكتسب كنوز الأدب، لتقر به عبني وعيون والدي".
وجاء في الرسالة أيضًا:"تذكّر أني لا أريد لك إلا كل الخير، ولا يُسعدني شيء أكثر من تحقيق مصلحتك، ولتعلم أنّ فرط الحرص أحيانًا قد يتسبب بهبوب رياح قاسية، وعلى ذلك أنا أعتذر.. تذكر دائمًا أنّ تدمير أي أمة لا يحتاج إلى قنابل نووية أو صواريخ بعيدة المدى، بل يحتاج إلى تدني نزاهة التعليم، فهناك مرضى خسرناهم على يد طبيب نجح بالغش، وهناك بيوت قد انهارت على يد مهندس نجح بالغش، وحق مظلوم قد ضاع على يد قاضٍ نجح بالغش!".
واختتمت شادن رسالتها لطلابها يوم الامتحان:"أنت لست بحاجة لكل ذلك! أنا أثق أنّ لديك مهارة عالية جدًا في النجاح.. أجب عن الأسئلة بسرور، وفي حال تعذّر عليك حل أحدها إياك والوقوف، فكّر مرة أخرى واستمر في حل الأسئلة وتذكّر أنني هنا دائمًا من اجل مساعدتك".