الثلاثاء 31 اكتوبر 2017 08:06 م بتوقيت القدس
نشرت صحيفة “لافانغوارديا” الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن تفاقم الأزمة الكتالونية ودورها في زيادة تفكك الاتحاد الأوروبي، خاصة أن مسألة استقلال كتالونيا كانت تفترض أن يصبح هذا الإقليم دولة جديدة في أوروبا.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير إن الوضع الحالي لإسبانيا يجعل النزعة الانفصالية في كتالونيا مختلفة تماما عن استقلال دول الاتحاد السوفيتي أو يوغوسلافيا، التي حظيت بدعم دولي وأوروبي.
وذكرت الصحيفة أن المنظمات الدولية الكبرى والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا قد ساندت الدول التي أرادت نيل استقلالها عن الاتحاد السوفيتي واعترفت بها، لأن ذلك كان ضمن مخطط إضعاف منافسها خلال الحرب الباردة. من هذا المنطلق، يبدو جليا أن الظروف التي ساعدت دول أوروبا الشرقية على الاستقلال تختلف تماما عن وضعية إسبانيا في الوقت الراهن باعتبارها حليفة وجزءا من تحالفات الدول الغربية.
وبينت الصحيفة أن الدعم المتواضع الذي تلقاه استقلال كتالونيا في الخارج، كانت له نتائج وخيمة لأنه يؤكد وجود صدع في صلب الاتحاد الأوروبي. في الحقيقة، يزداد تصدع الاتحاد الأوروبي يوما بعد يوم، على عكس ما صرح به رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، منذ خمسة أسابيع الذي ادعى أن الوضع في تحسن.
كما أوضحت الصحيفة أن ألمانيا، التي تعتبر قاطرة أوروبا، أصبحت تعاني من مشاكل داخلية، وربما سيكون لنتائج الانتخابات الأخيرة تأثير على سياستها الخارجية. وفي ظل هذا الوضع، من المرجح أن يؤثر ذلك على التحالفات الخارجية لألمانيا وخاصة التحالف الفرنسي الألماني، الذي سينجر عن اختلاله عواقب وخيمة على دول الاتحاد.
وإلى جانب المشاكل المعقدة التي يطرحها انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، بدأت تزداد الخلافات بين دول شرق أوروبا وغربها. فنتائج الانتخابات الأخيرة في كل من النمسا وتشيكيا أعطت الكتلة الشرقية الأوروبية قوة أكبر. في المقابل، تمكن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من إحداث تصدع في هذه الكتلة من خلال قضية العمال المهاجرين، وذلك بإقناع رومانيا وبلغاريا بالتصويت لصالح المقترح الفرنسي على الرغم من أنه لا يتماشى مع مصالح دول أوروبا الشرقية فيما يتعلق بالهجرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن التناقضات بين مصالح دول شمال أوروبا وجنوبها مازالت متواصلة وتمثل بدورها شرخا آخر داخل الاتحاد الأوروبي. فاليونان تعاني من الإفلاس، وربما ستلتحق بها إيطاليا. وفي خضم هذه الظروف، تنفجر قضية كتالونيا لتحيي مرة أخرى هاجس الاستقلال في شمال إيطاليا، واسكتلندا وفي دول البلقان.
أما في صربيا، فقد استغل الوزير الأول أحداث كتالونيا ليعيد إلى الأذهان فكرة استقلال شمال كوسوفو، حيث يعيش أكثر من 120 ألف صربي. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن ما يسمى بالجمهورية الكرواتية في البوسنة والهرسك ستخطو على المنهج الكتالوني أيضا.
وأكدت الصحيفة أن كبار الموظفين في بروكسل من بينهم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي، إلمار بروك، قد حذروا من إمكانية اندلاع حرب أهلية في أوروبا بسبب القضية الكتالونية، علما بأنها أقل حدة من الأحداث التي جدت إبان بداية الحركات الانفصالية في أوكرانيا ويوغوسلافيا.
وتساءلت الصحيفة عن الأسباب التي أدت إلى اندلاع أحداث كتالونيا، وفي هذا الإطار، أفادت المحللة الفرنسية ناتاشا بولوني، بأن “إسبانيا مثل بقية جيرانها في أوروبا، رفضت أن توفر لمواطنيها أفقا ديمقراطيا موحدا وفرضت نظام العولمة بكل ما له من تأثيرات اقتصادية وإنسانية”. لذلك، لا ينبغي لنا أن نتعجب من الذين يحلمون بالعيش ضمن أفق الديمقراطية، حتى لو كلفهم ذلك البدء من الصفر.