الاربعاء 15 نوفمبر 2017 08:41 م بتوقيت القدس
السعودية تستغل قوتها الاقتصادية لتحديد من سيحكم في لبنان، لكن ليس مؤكدا أنها تستطيع التحكم بجميع اللاعبين في الساحة اللبنانية عائلة الحريري اللبنانية وجدت نفسها في قطار جبلي، لا تظهر للعين نهاية خطه. اذا لم يكن يكفي أن رئيس العائلة سعد الحريري قد استقال من منصبه وهو الآن يوجد في اعتقال منزلي ديلوكس في الرياض – التقارير الكثيرة التي وردت من هناك في نهاية الاسبوع تتحدث ايضا عن نية ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أن يتوج مكانه شقيقه البكر بهاء الدين الحريري. أبناء العائلة وشخصيات كبيرة في حزب المستقبل الذي اقامه سعد الحريري، تم أمرهم بالمجيء الى الرياض من اجل اداء قسم الولاء لبهاء الدين.
وحسب صحيفة "الاخبار" المقربة من حزب الله، فان الخطة هي ارسال سعد الى بيروت من اجل أن يعلن فيها عن استقالته، ومن هناك يغادر الى عاصمة اوروبية ويبتعد عن السياسة. عائلة الحريري لم تتوقع أمرا كهذا، وهي ليست متسرعة للاستجابة لدعوة السعودية.رفيق الحريري والد سعد هو الذي قرر نقل التاج السياسي لسعد، بتفضيله على إبنه البكر بهاء الدين. وسعد نفسه المدعوم من قبل نازك، زوجة رفيق الحريري الثانية (التي ليست والدته) لا يستطيع كما يبدو رفض طلب السعودية، حيث أن حريته مرهونة بنجاح العملية. وليست هي وحدها فقط، فابن سلمان يستغل حقيقة أن سعد قد وضع في جيبه اكثر من 9 مليارات دولار، حصل عليها مقابل المشاريع التي فازت بها شركة "سعودي اوجا" التي هي بملكية عائلة الحريري. وحسب ادعاء السعوديين فان هذه المبالغ تم نقلها بصورة غير قانونية عن طريق خالد التويجري، الذي كان رئيس مكتب البلاط الملكي في عهد الملك عبد الله، والذي تمت اقالته عند تولي الملك سلمان الحكم. والآن هو معتقل مع طابور طويل من الامراء والوزراء.
سعد الحريري نفسه تبين أنه فشل اداري. شركة "سعودي اوجا" اعلنت افلاسها في شهر تموز الماضي واختفت. لا شك لدى العائلة أن إبن سلمان سرع تحطمها، حيث أن السعودية كان يمكنها ضخ الاموال للشركة. وبالمناسبة، لا توجد حاجة للقلق على مستقبل سعد الاقتصادي، لأنه توجد في حساباته البنكية والتي تنتشر في ارجاء العالم بضع مليارات من الدولارات. وشقيقه بهاء الدين ايضا لا ينتمي الطبقة الفقيرة. وهم يقدرون أن لديه 2.5 مليار دولار. ولديه شركة للعقارات تعمل في الاردن، وشركة اخرى تعمل في لبنان. وليست هناك محبة كبيرة بين الشقيقين. فبهاء لم ينس حقيقة أن والده فضل شقيقه الاصغر منه عليه. على أي حال، العائلة يمكنها تعزية نفسها بحقيقة أن السعودية لم تتخلى عنها تماما، وما زالت تعتبرها دعامة قوية تستطيع الاستناد عليها في استمرار تأثيرها في لبنان. ولكن طبخة محمد بن سلمان يمكن أن تحترق لأنه ليس فقط عائلة الحريري وحدها هي التي يجب على الامير اقناعها – حزب المستقبل ايضا يجب أن يتبنى عملية الانقلاب، وليس جميع اعضائه مستعدون لطأطأة الرأس. وزير الداخلية، نهاد مشنوق، العضو البارز في الحزب قال في رده على تقارير عن نية تعيين بهاء لرئاسة الحكومة "لسنا قطيع يمكن نقل ملكيته من شخص الى آخر".
ولكن المشنوق الذي كان المستشار السياسي لرفيق الحريري، يعرف ايضا أن تحدي قرار السعودية يمكن أن يكلف لبنان الكثير. السعودية التي فرضت قبل نحو سنة ونصف عقوبات اقتصادية على لبنان، حيث جمدت مساعدة بمبلغ 3 مليارات دولار خصصت للجيش اللبناني، وأوقفت صفقات تجارية بين الدولتين، تستطيع الآن أن تفرض عليه عقوبات مؤلمة. اكثر من 400 ألف لبناني يعملون في دول الخليج، وهم ينقلون حوالي 2.5 مليار دولار في السنة الى البلاد. واذا قررت السعودية تجنيد اخواتها في الخليج للانضمام الى العقوبات فان اقتصاد لبنان سيتلقى ضربة قاضية. ليس من المؤكد أنه سيكون كافيا عن طريق سلاح الاقتصاد أن يتم استبدال السلطة. تعيين رئيس الحكومة حسب القانون هو أمر من مسؤولية الرئيس ميشيل عون، الذي هو حليف حزب الله. والعرف هو أن يتم التعيين بموافقة كل الاطراف. وحتى لو خضعت العائلة وحزب المستقبل لضغط السعودية فان حزب الله وحلفاءه في الحكومة والبرلمان احباط تعيين بهاء وادخاله الى طريق مسدود، سياسي، والذي هو مسدود أصلا اقتصاديا.
ليس واضحا أي مكسب سياسي يمكن للسعودية تحقيقه نتيجة لذلك، لا سيما أن الرأي العام في لبنان بدأ يستاء من التدخل الفظ وغير المسبوق في شؤون الدولة الداخلية. ربما أن المملكة تراهن على أن الضغط الاقتصادي سيجبر حزب الله على التنازل عن مواقعه السياسية، وبذلك يضر بمصالح ايران.
ولكن في المقابل تستطيع ايران أن تحل محل السعودية كراعية اقتصادية وتقليص الخسائر التي ستتسبب بها السعودية. الاشارات السعودية بشأن خيار عسكري ضد لبنان – وهي اشارات تم استخدامها من قبل نصر الله من اجل القول إنه يوجد حلف عسكري بين السعودية واسرائيل، الذي في اطاره تم الاتفاق على أن تقوم اسرائيل بمهاجمة لبنان - غير مقنعة.
فتح جبهة اخرى في لبنان اضافة للحرب الفاشلة التي تديرها المملكة في اليمن هو كابوس ايضا بالنسبة للمجتمع الدولي. هل يوجد للسعودية خطة، مهما كانت، لنهاية اللعبة اللبنانية التي بدأت بدحرجتها؟ اذا كان الجواب نعم، فهي نجحت في اخفائها تماما.