الجمعة 22 ديسمبر 2017 16:16 م بتوقيت القدس
وصل موقعنا من مصادر خاصة أنّ هنالك جهود حثيثة لبعض النّاشطات والحقوقيين بالمطالبة بعدم اعتبار الطّلاق غير المشهود عليه في المحكمة، ما يعني وفق ما يدعون إليه، أنّ “الزّوج لو طلق زوجته مراراً وتكراراً بدون إشهاد عليه فإنّ الطّلاق لا يقع ولو كان الزّوج بكامل قواه العقلية”.
وحول هذه المطالبات وتداعياتها وتبعاتها الشّرعية تواصل موقعنا مع جهات شرعية علمية عالمية ومحلية كان من أبرزهم مفتي الدّيار الفلسطينية، د. محمّد حسين، ورئيس الهيئة الاسلامية العليا، د. عكرمة صبري، والأمين العام لدار الإفتاء في الأردن، د. أحمد حسنات، ورئيس المجلس الإسلامي للإفتاء في الدّاخل الفلسطيني، د. مشهور فوّاز، ورئيس نقابة المرافعين الشّرعيين، الشيخ هاشم عبد الرّحمن، وعميد كلية الدّعوة والعلوم الإسلامية – أم الفحم، د. عبد الرّحيم، ورئيس قسم الدّين في أكاديمية القاسمي، د. توفيق سيّدي، ود. رائد فتحي، ودعاة وعلماء آخرين.
وأكد الدكتور محمّد حسين – مفتي الدّيار الفلسطينية في حديث معه أن: “الطّلاق يقع سواء في مجلس القضاء أم خارج مجلس القضاء وسواءً أشهد على ذلك شاهدان أم لم يشهد على ذلك شاهدان طالما أنّ الرّجل يقرّ بذلك وهو في عقله وادراكه”.
من جانبه قال الدكتور عكرمة صبري، رئيس الهيئة الاسلامية العليا: “إذا صدر الطّلاق من الزّوج في حالة إرادته ووعيه بحقّ زوجته فإنّ الطّلاق يقع مباشرة، ولا يشترط وجود الشّهود حين وقوع الطّلاق كما لا يشترط أن تأذن المحكمة بذلك، وينبغي على المسلمين الالتزام في الأحكام الفقهية سواءً في موضوع الطّلاق أو في أي موضوع يتعلق بشؤون الأسرة والحياة والمعاملات وغيرها”.
واعتبر الدكتور أحمد حسنات، الأمين العام لدائرة الإفتاء في الأردن أن: “الطلاق لفظ صادر من الزّوج ولا يشترط له شهود، فالطلاق يقع من غير اشهاد عليه، ولا يعتدّ بخلاف ذلك”.
وقال الدكتور مشهور فوّاز، رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء في الدّاخل الفلسطيني: “إنّ هنالك حملة مبرمجة للتشكيك بثوابتنا الشّرعية وإخضاع كلّ المسلّمات للنقاش والحوار واعتبارها وجهات نظر اجتهادية ، ولن يتوقف الأمر عند هذا القول الباطل المخالف لصريح الكتاب والسّنة والاجماع وهو عدم وقوع الطّلاق بغير اشهاد، بل إن لم نتصدّى جميعاً بأقلامنا وألسنتنا وبقلوبنا لهذه الحملة الشّرسة فإنّ قادمات الأيام واللّيالي ستلد لنا إسلاماً جديداً مرجعيته المصالح المتوهمة المغلفة بغلاف الفهم المقاصدي والواقعي للأدلة الشّرعية وذلك من أجل شرعنة وتطبيق سياسات وأجندة خفية بدأنا نلمسها واقعاً في بلادنا الإسلامية”.
وتابع الدكتور مشهور: “ندعو أهل العلم جميعاً والأئمة والخطباء والوعاظ للتحدث عن خطورة هذا الاقتراح ومفاسده الدّينية والاجتماعية والأخلاقية، ونثق ثقة تامة أنّ قضاة الشّرع في المحاكم الشّرعية لن يسمحوا بمثل ذلك أبداً!! ونعمل على اعداد برامج علمية مكثفة في الأيام القادمة لصدّ هذه الحملة المسعورة”.
وأضاف: “نعم نحن نسعى دائماً للمّ شمل الأسرة والبحث عن المخارج الفقهية المعتبرة لديمومتها واستمراريتها ما دام هنالك منفس شرعيّ معتبر وما لم يتعارض مع الكتاب والسّنة واجماع علماء الأمة المعتبر”.
الشّيخ هاشم عبد الرّحمن – رئيس نقابة المرافعين الشّرعيين عقّب على المسألة قائلا: “واضح أنّها محاولة سياسية وراءها أجندات مشبوهة تحاول المساس بثوابت شرعنا الحنيف، فهذه المحاولات تسعى للوصول إلى جعل ما أُجمع عليه مكاناً يحق التّلاعب بها حسب أهواء وأجندات تخالف ما عرفناه من الثّوابت الشّرعية، وحصن ديننا أن نعتمد على مذاهب العلماء المعتبرين قديماً وحديثاً، واللجوء إلى المجامع الفقهية أولى من اتباع من يدّعي أنّه من أهل العلم الشّرعي وهو ليس كذلك، وما من بدعة إلاّ وكان وراءها مبتدع يؤصّل لها بفهم مغلوط لدليل شرعيّ”.
من جانبه قال الدكتور عبد الرّحيم خليل – عميد كلية الدّعوة والعلوم الإسلامية – ام الفحم: “القول بأنّ الطّلاق لا يقع بغير اشهاد قول مخالف للكتاب والسّنة وما جرى عليه العمل في زمن السّلف الأول ومن بعدهم إلى يومنا هذا وهو مخالف للإجماع، ومخالف للمذاهب الأربعة فهو قول باطل مرذول”.
وقال الدكتور رائد فتحي: “انعقد الاجماع على أنّ الطّلاق يقع بغير حاجة لإشهاد على ايقاعه، وهذا الاجماع لا يمكن نقضه، ولو بإجماع مثله، لأنّه الذّي عملت به الأمة على مدار قرونها من غير نكير، ثمّ إنّ هذا الأمر سيهدم بنيان الأسرة، فهبْ أنّ زوجاً طلق زوجته مراراً فأفتاها أهل العلم والافتاء بأنّها محرّمة على زوجها، وبالمقابل قضت المحكمة بعدم وقوع الطّلاق بدعوى أنّ الزّوج لم يُشهد عليها أو لم يوقعها في المحكمة، فكيف العمل في هذه الحال؟! أليس هذا تشتيتٌ للعائلة ؟! لذا فلندع وساوس الهوى ولنتبع شريعة المولى”.
وقال الدكتور توفيق سيّدي – رئيس قسم الدّين في أكاديمية القاسمي: “يقع الطلاق من غير اشهاد بإجماع علمائنا وفيهم الأئمة في المذاهب الأربعة المتبوعة، وعلى ذلك الفتيا قديماً وحديثاً، وفي إقرار عدم وقوع الطّلاق إلاّ بالإشهاد خروج عن الاجماع وجرأة على الشّرع الحنيف، وفتح لباب شرّ مستطير”.
الداعية ليلى مواسي – عضوة المجلس الإسلامي للإفتاء قالت حول الموضوع: “إنّ هنالك محاولة لنبش التراث الفقهي واستخراج الأقوال الشّاذة لإثارة الدّخن حول الثّوابت الشّرعية المتعلقة بفقه الأحوال الشّخصية والعبث بمسلماتها وذلك كلّه تحت مظلة وغطاء حماية الأسرة، ولهؤلاء جميعاً نقول: إنّ الزّوج إذا لم يستشعر قدسية ميثاق عقد الزّواج ويتربى قبل الزّواج على صيانته واحترامه فإنّ شهود الأرض كلّهم لن يمنعوه من إبرام أمره بالطلاق، بل على العكس تماماً إنّ هذه الدّعوى ستجعل الكلمة دارجة على لسانه في كلّ حين بلا تهيّب ولا استشعار لأبعادها … ولا يخفى على أحد ما لذلك من أبعاد نفسية ومعنوية مآلها دمار العلاقة الزّوجية ولو اعتبرت كلّ قوانين الأرض أنّ عقد زواجه قائم، فالحكمة في عدم اعتبار الشّهود لإيقاع الطّلاق بادية واضحة وهي أليق بتحقيق مصلحة المرأة أولاً والأسرة برمّتها”.