الاربعاء 14 مارس 2018 20:20 م بتوقيت القدس
يعكس استمرار الحصار على قطاع غزة، الذي يعاني منه سكانه المليونان بالأساس، تآمر أنظمة عربية ضد القضية الفلسطينية بشكل عام، وضد قطاع غزة بشكل خاص. والدولة العربية الوحيدة التي تقدم مساعدات إنسانية سخية لقطاع غزة هي قطر، بينما تحاول دول حصار قطر الأربع، السعودية والإمارات ومصر والبحـرين، وقف هذه المساعدات القطرية، التي تقدم للسكان المدنيين فيه.
وينبع تآمر دول الحصار الأربع من سببين أساسيين: منع قطر من تقديم هذه المساعدات، وتوجيه ضربة لحركة حماس، التي تسيطر على القطاع، بسبب انتمائها لحركة الإخوان المسلمين؛ ورغبتها في أن تقدم هي (الدول الأربع) مساعدات عن طريق المنشق عن حركة فتح، محمد دحلان، لأسباب سياسية تتمثل بالقضاء على حكم حركة فتح، ومنظمة التحرير الفلسطينية، والإطاحة بالرئيس الفلسطيني، محمود عباس.
في هذا السياق، أكدت دراسة صادرة عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب اليوم، الأربعاء، على أنه "منذ فرض المقاطعة على قطر، بات نقل المساعدات القطرية إلى غزة معقدا أكثر، لأن مصر لم تعد تسمح منذئذ بنقل بضائع ومواد خام مصدرها قطر عبر معبر رفح. وعمليا بقيت إسرائيل الطريق الوحيدة أمام قطر من أجل نقل المساعدات إلى القطاع".
ولفتت الدراسة إلى أن "العلاقات بين قطر وحماس تعكس براغماتية أكثر مما تعكس تماثلا أيديولوجيا". لكن بالنسبة لإسرائيل، وفقا للدراسة، فإن الموقف المصري يضع معضلة أمام إسرائيل، لأنه "إلى جانب المصلحة المشتركة لإسرائيل وقطر بتوفير رد للضائقة الإنسانية في قطاع غزة، على إسرائيل أن تحافظ وتنمي علاقاتها الإستراتيجية مع مصر، وضمان تدخل مصر بوسائل المساعدة، وربما قيادتها أيضا".
وفيما يتعلق بالمساعدات القطرية للقطاع، قالت الدراسة إنه "بالنسبة لإسرائيل، هذه المساعدات تسهم في إرجاء محتمل للمواجهة المقبلة بينها وبين حماس". ويعني هذا الكلام أن الوضع الإنساني في القطاع، من دون المساعدات التي تقدمها قطر، سيتفاقم إلى حد يجعل الفصائل في القطاع تصعد عملياتها.
وتشير المعطيات الواردة في الدراسة إلى أن قطر قدمت 800 مليون دولار لقطاع غزة، منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، في صيف العام 2014. وأضافت الدراسة أن المساعدات القطرية للقطاع أكبر من أية مساعدات تقدمها أية دولة عربية أخرى، وأن هذه المساعدات تعزز القدرة على الحكم في القطاع، لأن جزءا منها يستخدم لدفع رواتب الموظفين.
ووفقا للدراسة، فإن "لجيران قطر مصلحة في إبعادها عن غزة، وجهودها (أي جهود دول الحصار) في هذا السياق تشمل نقل مساعدات من الإمارات إلى القطاع، بواسطة محمد دحلان. ولدحلان تأثير ومكانة في الشارع الغزي (الذي هرب دحلان منه)"، بسبب قدرته على توزيع أموال من الإمارات في غزة. وأضافت الدراسة أن "الإمارات تأمل بأن تراه يخلف محمود عباس ويتزعم فتح والسلطة الفلسطينية".
**تصاعد التوتر بين إسرائيلي ونظام السيسي بسبب المساعدات القطرية
قالت الدراسة إن "زيادة تأثير قطر في القطاع يعني تصاعد التوتر بين إسرائيل ونظام السيسي في مصر، الذي تولي إسرائيل أهمية بالغة للحفاظ على التعاون الإستراتيجي معه، وبين إسرائيل والأعضاء الثلاثة الآخرين في ’الرباعية العربية’، السعودية والإمارات والبحرين، التي تقاطع قطر منذ حزيران/يونيو العام 2017، وتسعى إسرائيل إلى رفع مستوى علاقاتها معها في إطار جبهة إقليمية ضد إيران".
وتابعت الدراسة أنه "يوجد توتر أساسي بين المصلحة الإسرائيلية بتحسن الوضع الإنساني في القطاع وبين الحاجة إلى الحفاظ على علاقات إستراتيجية جيدة مع مصر. ويضاف إليها اتفاق الغاز الهام الذي جرى توقيعه مؤخرا، ومع عدد من دول الخليج، التي لا تنظر بالإيجاب إلى تأثير قطر في القطاع".
في هذا السياق، أشارت الدراسة الإسرائيلية إلى العلاقات المتينة بين قطر وتركيا، ودعمهما لقطاع غزة والقضية الفلسطينية عموما. لكن الدراسة انتقدت وقوف قطر وتركيا إلى جانب الفلسطينيين خلال الأحداث في القدس المحتلة ونصب البوابات الإلكترونية في المسجد الأقصى، في تموز/يوليو العام الماضي. ومضت الدراسة أن "الوجود القطري – التركي في قطاع غزة هو بمثابة تهديد بالنسبة للمصريين، الأمر الذي من شأنه أن يرفع مستوى التوتر بين إسرائيل ومصر".
واعتبرت الدراسة أنه في وضع كهذا بإمكان إسرائيل التأثير على حماس وقطر، "من أجل ممارسة ضغوط قطرية على حماس كي تعيد الأخيرة جثتي الجنديين والمواطنين الإسرائيليين، الذين تحتجزهم حماس. كما أنه على إسرائيل أن تستنفذ، بخطوات منسقة مع الإدارة الأميركية ومصر، إمكانيات تليين الرفض القطري بالاستجابة إلى المطالب التي وضعها أعضاء ’الرباعية الدولية’ كشرط لوقف المقاطعة، وفي مقدمتها تبريد علاقاتها مع إيران".
وخلصت الدراسة إلى أنه "يتعين على إسرائيل الحفاظ على تنسيق وثيق مع الولايات المتحدة، ومن خلال إطلاع مصر بصورة دائمة، في محاولة لتليين المعارضة المصرية من مشاركة قطر في تخفيف الضائقة الإنسانية في القطاع، بواسطة تليين تفعيل معبر رفح، وذلك بموازاة ومساعدة الجهد الأميركي في خفض مستوى التوتر بين قطر ومصر".