الخميس 15 مارس 2018 21:08 م بتوقيت القدس
الحمدُ لله رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيد المرسلين سيدنا محمد النبي الأُمّي وعلى آله وصحبه أجمعين، فهو الذي اهتدى واكتفى واقتضى وارتضى وأبى إلا أن يكون من المسلمين وَسَلِّم تسليما كثيراً وبعد:
ما بينَ الليلِ والفَجرِ،أوقاتُ سكينةٍ وَسُكونٍ وأمنٍ وطمأنينة، بها يتهجد العابدون لربهم، ويتدارسُ طلابُ العلمِ سعياً لمُستقبلهم، وتنامُ الأنفُس تعباً وكَدْحاً، يستمر الليلُ بسكونه وتأتي ثُلةٌ وذِلّةٌ عالةٌ على المجتمع حادوا عن الأعراف والمفاهيم، ولم يوُقظهم كِتابٌ ولا خُلُقٍ وَدين،عكّروُا سُهْدَ الليلِ وَصَفْوهِ وانتَزعوُا طُمأنينة القلبِ وسادوُا فسادَ الظُلمِ بِعثراتهم وشوائبهم وَضُرّهم، ضلّوُا الطريقَ فأضلوُا غيرهم فأصبحوا خَفافيشاً لعتمةِ الليلِ، هو وقتٌ ثمينٌ بالنسبة لهُم يُناسِبُ أفعالهم ويُحقق مآربهم القذرة ليترِكوا بصمة سوئهم ودمارهم بأبناء مجتمعهم، هذا ما يجري بين الليلِ والفجرِ فأين مسؤوليتنا مما يَحْدُث؟!
محطاتٌ ووقفاتٌ عديدة لبيع السموم والمخدرات في قريتنا، تُباعُ وتُروّجُ على يدِ حُثالةٍ وثُلةٍ حقيرةٍ من خفافيش الليل والحشرات المُزعجةٍ، أصبحت بمتناول الجميع بأسهل الطرق تصل الى بيوتنا مُتخفينَ بِخُفْيةٍ في ساعات الليل المتأخرة يقومون ببيع وجباتٍ وحبوبَ وإبر السموم والمخدرات، لم يسلمِ الأمواتُ مِنْ أذاهم، فَمَدْفَنُ الأمواتِ باتَ مُلتقى لهم، هناك تُبرمُ الصفقةُ في حِلْكَةِ الظلام بين الاموات وهُناك تنتهي تدميراً لشبابنا، تفكيكاً لِأُسرنا، دَماراً وإبادةً لمُجتمعنا القروي وهلاكاً لمستقبلهم، فأين مسؤوليتنا مما يَحْدُث؟!
ما بينَ الليلِ والفَجرِ الدامِسِ أيُها الأبْ أيُتها الام الغارِقَيْنٍ في سُباتِكُما ونومِكُما، إبناً لكُما قد غيّب فِراشَهُ وغُرفته، مَعهُ من المال ما يكفيه من تَعَبِكَ وذراتِ عَرَقِكَ أيُها الأب، ليلحق بهذا المركب المُضلِ الضليل، ليُحيي ليلهُ مَعَ قُرناءِ السوءِ في شُرُبٍ وتدخينٍ وأعمالٍ تندى لها الجبين، والأعجب كُل العجَب يُوثّقُ ذلك ظُلمهُ لنفسه بما يفعله عبر مواقع التواصل الاجتماعي بكل وقاحة، يزداد سوءاً بعد سوء وتتصلّب شرايين قلبه بشوائِبَ ظُلْمِهِ فتفسُدَ أخلاقُهُ، وَينطفِئُ لهيبَ شبابه، وبذلك قد أصبح عالةً مُفسداً قّثّاثاً هدّاماً لمُجتمعه فلا حول ولا قوة الا بالله...
ما بينَ الليلِ والفَجرِ الدامِسِ تجولُ بِيَ قدمايَ كُل ليلةٍ على ان أُمارس الرياضة بعد مُطالعتي وقبل نومي في شوارع القرية القريبة مُصطحباً معي ذكر الله، أُشاهد ذات اليمين وذات الشمال في سكك الطُرقاتِ والاحياء أبناءً وأطفالاً في ساعات الليل المُتأخرة منهم من يشرب الدخان ومنهم من يشرب المُحرمات ومنهم من يجول في سيارة والده في منتصف الليل بسياقة جنونية يمُرُّ مِراراً وَتكراراً في نفس الشارع ذاهباً وآيباً ازعاجاً للهُجّع النيام اقلاقاً لراحة المرضى والشيوخ والأطفال، أيُها الأبْ أيُتها الام الغارِقَيْنٍ في سُباتِكُما ونومِكُما، إبناً لكُما قد غيّب فِراشَهُ وغُرفته قد ظلم نفسه وظلم غيره فأصبح من المُفسدين هداكم الله وهداه...
أيُها الآباء، هناك ضريبةً غاليةً وثمينةً ستدفعونها لسوء تربيتكم، لإهمالكم بأبنائكم، لفتحكم الباب على مصراعيه، قد ضيعتم الامانة وَخُنتم عهدها واليوم أبنائكم في حضيض الأخلاقِ وذروة الباطل والسوء، نامت عيونكم وقلوبكم ولم تعو وتُدركوا مخاطر زماننا ،لن نُعزيك بإبنٍ ضالٍ ضلّ الطريق وأضللته أنت بإهمالك ونومك وغفلتك وضياع امانة تربيتك ، لعل الباب لا زال مفتوحا وهُناك فُرصةً لأن تتنبه من غفلتك وتحكُم بيتك بِحِكمةٍ وأمانةٍ وعقلٍ واتزّان فهي أمانةٌ في عنقك نُريد منك المسؤولية العظمى في تربية أبنائك لتفتح قناة حوارٍ مع ابنائك نراقبهم ونتنبه لمصاريفهم المجهولة، لتتنبه لصحبتهم ومع من يذهبون والى ايّ ساعةٍ يمكثون ويتأخرون عن البيت ، لننشر الوعي في فكرهم ولنفتح قناة حوارٍ معهم نكرّس كل وقتنا اليهم عطفاً عليهم وتوجيها لهم بالخير فنُريد شباباً وكوكبةً من أبنائنا قد فازوا برضا الخالق عز وجل فازوا في دينهم ودُنياهم، شرفهم القدر ان يكون من أهل العلم والإصلاح والتغيير والعمل فوالله نفخر بهم ونعتز بطيبهم ...
ختاماً أيها الليل الساكن السكون نعتذر منك عما حدث وما يحدُث قد أقلقنا سُهادك ودُجاك الساكن ،لك منا عهدٌ أن ننثر الخير في قريتنا وان نأمر بمعروف الخير وننهى عن مُنكر الشرِّ ومُثلثه فجميعنا مسؤولون عن حماية مجتمعنا وبث الاخلاق والتربية والسلوك الحسن فيه، ختاماً أتقدمُ بألف تحية مُكللة بعطر القلوب إلى أولئك الآباء الذين عزموا وصدقوا وحملوا معنى الامانة في تربية أبنائهم تربية صالحة ونشأةٍ حسنة ليكونوا وجها وجُزءاً مُشرقاً في مجتمعنا - جزاكم الله عنا ومجتمعنا خير الجزاء والحمد لله رب العالمين
صهيب هاني ناجي خطبا
28 جمادي ثاني 1439 هجري
15.3.2018 ميلادي
التعليقات
محمود15 مارس 2018
بوركت خال الله يجزيك الخير
ام السعيد15 مارس 2018
كل الاحترام خيا صهيب بارك الله فيك ..مقال اقل ما يقال عنه رائع وهادف ننتظر منك المزيد من المقالات لتوعية الشاب !
محب في الله15 مارس 2018
لا اقول بعد شكر الكاتب على هذه المقاله والدعاء له بكل الخير سوى: فهل من مدكر........
الحاج ابو محمود .ج15 مارس 2018
لكل مبدع إنجاز ولكل شكر قصيده ولكل مقام مقال ولكل نجاح شكر وتقدير فجزيل الشكر نهديك ورب العرش يحميك شيخ على هذا المقال والكلمة الموجه إلينا لكي نعى ونسعى للحفاظ على اولادنا وبناتنا اجمعين في هذا البلد الطيب ان شاء الله فكلمات الثناء لا توفيك حقك شكرًا لك على عطائك
امهات نحن15 مارس 2018
بارك الله فيك اخي والذي ذكر سببه البعد عن كتاب الله وسببه مدارسنا التي لا تعطي اي اهميه لحصة الدين حتى من الصفوف الاولى ولا يعملون على توعية اولادنا وسببة اهالي غافلون لانه حتى الاهالي الذين يعملون جاهدين على تربية اولادهم بالكاد ينجحون فما بالك بالذي لا يابه ابدا . عسى الله ان يهدينا ويرحمنا جميعا .
ام15 مارس 2018
بارك الله فيك يا شيخ صهيب واضح من كلامك انك متالم على ابناء بلدك يا ريت الوالدين يدرسو كلامك جيدا ويعملو به وينقذو اولادهم قبل فوات الاوان الله يرفع من قدرك يا شيخ وجزاك الله كل خير
ن . م 15 مارس 2018
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة ... اتمنى لك دوام التقدم والنجاح في توعية أبناء بلدك...كلامك يجب ان يدرس يا شيخ صهيب ....بارك الله فيك
الرينة15 مارس 2018
ابن البد با رك الله فيك يا اخ صهيب ويا ريت كل شباب البد مثلك الله يهدي الشباب كلهم امين يا رب العالمين
واحد15 مارس 2018
قلت حقا وأنصفت