من غرفة مليئة بالشاشات تُوجه مجندات إسرائيليات الجنود المتمركزين على طول حدود قطاع غزة، من أجل استهداف المتظاهرين في مسيرة العودة الكبرى.
المجندات يتبعن لوحدة خاصة تسمى “وحدة المراقبة” تعمل على مراقبة شاشات الكاميرات التي زرعتها المؤسسة الاسرائيلية على طول السياج في قطاع غزة.
ونشرت صحيفة “يديعوت احرنوت” تقريرا عن الوحدة، للكاتب “يوآف زيتون” تناول أبرز مهمات وحدة المراقبة الإسرائيلية على حدود قطاع غزة، تحت عنوان “مشكلةٌ خارج الشاشة، المجندات اللواتي يميزن بين الإرهابي والمحرض وغير المتورط”.
وجاء في التقرير: “في غرفة عمليات مكيفة مليئة بالشاشات تعمل مجندات وحدة المراقبة في القيادة الجنوبية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، المجندات يشخصن الحالة، ثم يوعزن للجنود في الميدان من أجل التدخل، وأصبح باستطاعتهن التفريق بين أوجه الفلسطينيين، والمعرفة مسبقاً من هو الإنسان الجيد والتمييز بين مجموعة الأطفال والمجموعات الإرهابية” على حد زعم التقرير.
ويضيف التقرير أنه ومنذ أسبوعين تقوم مجندات وحدة المراقبة بإحدى أعقد المهمات من مراقبة ورصد المشاركين في مسيرة العودة على طول السياج الفاصل، وتكمن مهمة مجندات وحدة المراقبة برصد كل من يحاول الاقتراب من الجدار، وخلال ذلك يحاولن التفرقة بين فلسطيني مسلح، وناشط مركزي في المظاهرة، وبين متظاهرين غير مشاركين.
ويشير التقرير إلى أن الجنود المنتشرين على تلال من التراب مقابل الجدار الفاصل على حدود قطاع غزة يوجهون بشكل مركزي من وحدة المراقبة في غرفة العمليات، والهدف الرئيسي هو منع اجتياز الفلسطينيين للجدار الفاصل.
وينقل التقرير عن “كرم أفنير” وهي ضابط كبير في هذه الوحدة القول “خلال الشهور الأربعة الأخيرة تعاملت مجندات وحدة المراقبة مع عمليات وضع عبوات ناسفة بالقرب الجدار الفاصل، ومع مسلحين وصلوا للجدار، وتم قتلهم بعد توجيهاتنا، ومع محرضين مركزيين على التخريب في الجدار واجتيازه، وبالرغم من كل هذا تعرضت وحدتنا لانتقادات بعد عمليات تسلل لم يتم اكتشافها قام بها شبان فلسطينيون بحرق معدات خاصة بالجيش”.
وتضيف أفنير: “منذ انتهاء حرب الجرف الصامد في العام 2014 لم يكن مثل هذا التوتر، الجنود في الميدان يرون الأمور من زاوية محددة للغاية، ومجندات وحدة المراقبة يشاهدن الفضاء كاملاً، ويفرقن بين الخطر وغيره، وتكون توصية مجندات المراقبة على من تطلق النار وعلى من لا تطلق، إذ أن الجنود لا يطلقون النار لوحدهم، ولدى المجندات القدرة على التفريق بين الوجوه، وبين من جاء ليفعل فعل سيئا” على حد زعمها.
تقول الضابط أفينر “هناك هدوء في غرفة الحرب خلال هذه الساعات، نحن نجلس مع المراقبين بعد كل حدث، نتحدث إليهم ونتحقق من أنهم رأوا شيئاً مقلقاً على السياج، يقولون أننا “عيون الدولة”، لكن فقط أولئك الذين يأتون إلى هنا يفهمون مدى صعوبة عملنا”.
ويلاحظ مما ذكر في التقرير أن كل عمليات القتل التي تمت خلال مسيرة العودة الكبرى، مقصودة وهي عن سبق إصرار وترصد.
ولعل أكثر ما يثبت صحة فرضية القتل المتعمد للمتظاهرين، حادثة قنص الصحفي ياسر مرتجى وقتله، إضافة لاستهداف عدد من زملائه، رغم ارتدائهم بزّات تدلل على مهنة الصحافة.
كما تعمد الاحتلال استهداف المسعفين، رغم وجود علامات تدلل عليهم، وأصيب خلال الجمعة الثانية 11 مسعفا، فيما كانت جل الإصابات في منطقة الركبة، ما يشير لتعمد الاحتلال التسبب بإعاقات لدى الشبان.
وأكّد الناطق باسم وزارة الصحة أشرف القدرة، أنّ 29 شهيداً ارتقوا خلال ثمانية أيام من مسيرة العودة الكبرى السلمية على الحدود الشرقية لقطاع غزة.
وتعمدت قوات الاحتلال استهداف المعتصمين السلميين بشكل مباشر من خلال القناصة المنتشرة على طول الحدود، وكانت جلّ الإصابات في الرأس والصدر والبطن؛ ما يؤكّد نية الاحتلال عن سبق إصرار وترصد إيقاع أكبر عدد من الشهداء في صفوف المتظاهرين.