القدس

القدس

الفجر

05:09

الظهر

11:38

العصر

14:19

المغرب

16:38

العشاء

18:06

دولار امريكي

يورو

دينار أردني

جنيه استرليني

دولار امريكي

0 $

دولار امريكي

0

يورو

0

دينار أردني

0

جنيه استرليني

0

القدس

الفجر

05:09

الظهر

11:38

العصر

14:19

المغرب

16:38

العشاء

18:06

على أطلال حطين - بقلم الشيخ: كمال خطيب

الجمعة 29 يونيو 2018 12:11 م بتوقيت القدس

اسعار العملات

0

دولار امريكي

0

دينار أردني

0

يورو

0

جنيه استرليني

مواقيت الصلاة

الفجر

05:09

الظهر

11:38

العصر

14:19

المغرب

16:38

العشاء

18:06

يوم الثلاثاء القريب 7/3 هو يوم ذكرى معركة حطين الخالدة التي وقعت في العام 1187 م وقادها الفاتح صلاح الدين الأيوبي في مواجهة كبار قادة وملوك أوروبا الصليبيين، وقد أنزل بهم هزيمة نكراء كانت مقدمة لفتح القدس الشريف وتحرير المسجد الأقصى من يد الصليبيين وذلك بعد ثلاثة أشهر من حطين وتحديدًا يوم 3/ 10/ 1187، وتزامن ذلك مع ليلة الإسراء والمعراج، حيث طويت صفحة تسعين سنة من الاحتلال الصليبي لها بدءًا من العام 1099م.

لن نقف على أطلال حطين وإن كنا نتشرف بالبُعد عنها مسيرة عشرة كيلومترات فقط، نعشقها ونعشق أرضها وسماءها، ولكننا لن نقف على أطلالها كما وقف قيس ابن ذريح مجنون لبنى، وليس كما وقف قيس بن الملوح مجنون ليلى، نعم لن نبكي على الأطلال ونعاتب أنفسنا كعتاب مجنون لبنى وقد قال:

أتبكي على لبنى وأنت تركتها     لقد ذهبت لبنى فماذا أنت فاعل

وإنما نحن الذين نقف على أعتاب ليلانا حطين، نستنشق عبير ذكراها وعبق مجدها، نقسم لها أننا لن ننساها وأننا سنعود إليها وتعود الينا، نحتضنها وتحتضننا.

كان هذا كله مهرًا للقدس عروس الدنيا التي فرّط بها بل غدرها وخانها الفاطميون الشيعة حكام مصر يومها، وكانت القدس تحت سيطرتهم كما كل فلسطين، فما إن اقتربت منها زحوف الصليبيين حتى انسحبوا منها نحو عسقلان ودخلها الصليبيون عام 1099 م دون قتال حيث استباحوا أهلها واستباحوا مسجدها الأقصى، وذبحوا في ساحاته سبعين ألف مسلم ممن لجأوا إلى المسجد ظانين أن له حرمة عند الصليبيين.

ظل تحرير القدس وتخليصها من الصليبيين يشغل بال كثيرين من القادة المسلمين يومها، كان أبرزهم عماد الدين زنكي وابنه نور الدين، ثم كان صلاح الدين الايوبي رحمه الله الذي أكمل ما بدأه سابقاه، حيث كانت خطته تحرير الأمارات والمدن الإسلامية من أيدي المسلمين الفاسدين قبل أن يحرر القدس، فكان انتصاره على الفاطميين العبيديين وتخليص القاهرة منهم عام 1170 م ثم دمشق 1179 م ثم حلب 1183 ثم الموصل 1185 ثم كان تحرير القدس 1187.

# القشة التي قصمت ظهر الصليبيين

كانت استعدادات صلاح الدين العالية والمتواصلة ليوم خلاص القدس والمسجد الأقصى الذي غاب عنه صوت الأذان، بل والذي أنزل فيه الهلال عن مسجد قبة الصخرة ورفع مكانه الصليب، فكان الذي عجّل فيه تسارع الأحداث هو ما قام به أمير الكرك الصليبي “أرناط” والذي ليس فقط قد قام بقطع طريق الحجاج المسلمين المتجهين من الشام إلى الحجاز وهتك عرض الحاجّات وقتل الحجاج، بل كان يقول لهم بشماته “أين محمد ينتصر لكم؟ “. فلما بلغ صلاح الدين هذا القول انتفض غاضبًا يقول “أنا سأنوب عن محمد يا أرناط” واقسم ونذر نذرًا لله إن وقع أرناط أسيرًا أن ينحره هو بيده.

لقد زادت وقاحة أرناط لما أمر أسطوله البحري المتمركز في ميناء العقبة بالتوجه نحو سواحل الحجاز ثم الوصول إلى المدينة المنورة لنبش قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما بلغ خبر ذلك التحرك صلاح الدين قال جملته الشهيرة بغضب: “لا حول ولا قوة إلا بالله، المسجد الاقصى والآن مسجد رسول الله؟!”. فأرسل صلاح الدين إلى أمير الأسطول المصري الأمير حسام الدين لاعتراض أسطول الصليبيين، وهذا ما كان حيث أحرق كل سفنهم وقتل جنودهم وأخذ منهم اثنين كما أمره صلاح الدين، وذبحهما يوم النحر ليكون هذا الفعل رسالة إصرار وتحدي من صلاح الدين للصليبيين.

# معركة السبع ساعات

صحيح أن التحشيد لمعركة حطين بدأ مبكرًا، وتعداد كل معسكر بلغ عشرات آلاف المقاتلين، لكن خطة صلاح الدين وقواته المتمركزة في منطقة كفر سبت، أنها قامت باحتلال طبريا والاستيلاء على ينابيع المياه، وقد منعت قوات الصليبيين الذين كانوا يربطون في السهول والتلال بين لوبية وحطين من الوصول إليها.

كان الحر شديدًا وقيظًا، وحقول الأشواك اليابسة تحيط في معسكر الصليبيين، فأمر صلاح الدين بإشعال النار فيها فكان اللهيب والدخان والعطش، ثم كان الأمر بالهجوم الذي وصفه ابن كثير بالقول: “فاجتمع على الصليبيين حرّ العطش ولهيب النار وحرّ الصيف وضرب السيف”.

لم تستمر المعركة سوى سبع ساعات، فقُتل من الصليبيين الآلاف ووقع في الأسر الآلاف، ومن نجا فقد هرب شمالاً نحو إمارة صور وغربًا نحو إمارة عكا.

أما صلاح الدين فإنه سلك طريق سهل كفركنا الذي ورد ذكره في كتب التاريخ، واستولى على تلة المشهد التي اتخذت مرصدًا للصليبيين، ووصل إلى الساحل واستولى على عكا ثم قيسارية ثم يافا وعسقلان، واتجه نحو القدس فحاصرها حتى كان يوم فتحها يوم 3/10/1187.

وكان حظ أرناط أمير الكرك سيئًا، فهو لم يُقتل كما قُتل ملوك وأمراء آخرين، وإنما وقع في الأسر حيث أوقفه صلاح الدين أمامه وذكّره بما فعله بالحاجّات المسلمات وشماتته بهم قبل قتلهم بأن يأتي محمدًا لنصرتهم ثم محاولته لنبش قبر الرسول صلى الله صلى الله عليه وسلم. فقال له صلاح الدين: وأنا أنوب اليوم عن رسول الله يا أرناط -وقطع رأسه بسيفه. علمًا أنه أكرم كل الأسرى وخاصة القادة والملوك منهم، فأحضر لهم الأطباء وقدم لهم الماء البارد والفاكهة، باستثناء أرناط.

فأين معركة الأيام الستة في حزيران عام 1967م التي فيها ضاعت القدس وذل العرب والمسلمون، من معركة الساعات السبعة في تموز 1187 والتي استردت فيها القدس وعزّ المسلمون وذل الصليبيون.

# المقعد الشاغر وأشباه الرجال

يقول المرحوم الدكتور مصطفى السباعي في كتابه الجميل “هكذا علمتني الحياة” صفحه 349: “مازالت أمتنا تنتظر البطل الذي يملأ فراغها السياسي والعسكري منذ أن غاب صلاح الدين، وما زالت تمنح قلوبها وتأييدها كلما خالت مخايل البطولة فيمن يدّعيها، حتى إذا اكتشفت بذكائها زيف البطل الممثِّل تخلت عنه بين فجعية الخيبة وتجدد الأمل في بطل جديد وما زالت تبحث ومازالت تنتظر”.

إنه صلاح الدين بطل حطين الذي قال جملته يوم حرر القدس وقدم للأقصى منبره الثمين هدية التحرير” لن يرجعوا إليها ما دمتم رجالًا”. تلك الجملة التي ظلت ترنّ في آذان الصليبيين من أهل أوروبا، ولم ينسوها رغم مرور مئات السنين. فلما رجعوا واحتلوا بلادنا من جديد خلال سنوات الاستعمار، وقف القائد البريطاني اللورد اللنبي على مشارف القدس نهايه العام 1917 م وقال: “الآن انتهت الحروب الصليبية”. ووقف القائد الفرنسي الجنرال غورو عند قبر صلاح الدين في دمشق وضرب القبر بعصا المارشالية وقال: “ها قد عدنا يا صلاح الدين”.

اللافت هو بإذن الله وتقديره أن أهم معارك الإسلام الخالدة، وقعت في بقعة جغرافية وفي مثلث لا يزيد طول أضلاعه عن ثلاثين كيلو متر حيث حطين، عين جالوت، اليرموك. واللافت أيضا أن قبر بطلين من أبطال هذه المعارك صلاح الدين بطل حطين موجود في دمشق وقبر خالد بن الوليد بطل اليرموك موجود في مدينه حمص، بينما قبر سيف الدين قطز بطل عين جالوت في مصر.

ليس أن المقعد بعد صلاح الدين ما يزال شاغرًا وإن كان حاول وما يزال يحاول بعض أدعياء البطولة من الزعماء المزيفين ملأَه، الذين سرعان ما تظهر التجربة أنهم أشباه رجال وأن مقعد البطولة كبير عليهم بل إنهم لا يستحقونه.

فكيف يكون بطلًا من ضيّع الجولان والقدس وسيناء والضفة في ستة أيام، بل كيف يكون بطلًا من طائرته وبراميله المتفجرة كانت حرامًا على إسرائيل، بينما هي تدك وتدمر قبر خالد بن الوليد في مسجده الشهير في حي الخالدية الذي سمي باسمه في مدينة حمص، بل وكيف يكون بطلًا من حوّل المسجد الأموي في دمشق إلى حسينية شيعية إيرانية، بينما يرقد فيه جثمان البطل صلاح الدين الايوبي الذي خلص مصر من شرورهم ومن طعناتهم الغادرة للامة، والذين لشدة كراهيتهم له فإنهم يطلقون عليه اسم هلاك الدين بدل صلاح الدين.

وإذا كان صلاح الدين قد حذر من عودة أعداء الأمة إلى القدس “لن يرجعوا إليها ما دمتم رجالاً” فها قد رجع إلى القدس وإلى دمشق الإسرائيليون والأمريكيون والروس “الصليبيون الجدد” والإيرانيون، بينما بشار في سوريا يذبح شعبه ويدمر قبر خالد بن الوليد ويهين قبر صلاح الدين، وبينما السيسي في مصر يهين سيف الدين قطز ويذل شعبه ويحارب الفضلاء الأخيار فيه، علمًا أن يوم ذكرى انقلاب السيسي على الرئيس الشرعي محمد مرسي هو نفسه يوم 7/3 يوم ذكرى معركة حطين.

# التحام الأجزاء المبعثرة

قال المستشرق الأوروبي “روبرت بين” في كتابه -السيف المقدس-: “يجب أن ندرس حال المسلمين الذي حكموا الدنيا مرة، وهل يمكن أن يعودوا من جديد، لأن الشعلة التي رفعها محمد لم تنطفئ بعد”.

ولأجل ذلك فإنهم يدرسون ويتابعون ويرصدون حال الصحوة الدينية المتنامية في العالم الإسلامي لدراسة وتحليل ظروف هذه الصحوة، ومقارنتها بالظروف التي ظهر فيها صلاح الدين الأيوبي بعد حال الشرذمة والذلة والضعف والجهل التي عاشتها الأمة الإسلامية، وكيف تحولت إلى نهضة دينية وعلمية وعسكرية كانت حطين واحدة من ثمارها.

وإنني ما زلت أحتفظ في مكتبتي بتقرير صحفي لملحق صحيفة يديعوت أحرونوت صدر يوم 10/7/1987 أي بعد أسبوع من الذكرى الثمانمائة لمعركه حطين، وفي التقرير صور تفاصيل عن وفد من علماء اجتماع وعلماء تاريخ وسياسيين وغيرهم من مراكز دراسات أوروبية وأمريكية وكندية وإسرائيلية وهم يزورون موقع معركة حطين، وذلك بعد زيارات سبقتها إلى مصر والأردن والسعودية وغيرها، لبحث دراسة الظروف والمستجدات التي يمر بها العالم الاسلامي، وهل هي تشبه الظروف التي ظهر بها صلاح الدين وانتصاره الحاسم في معركة حطين.

باختصار شديد فإنهم ما يزالون يتجرعون مرارة هزيمة حطين، وإنهم ومع مرور ثمانمائة سنه فإنه كابوس حطين ما زال يلاحقهم، وأن لعنة حطين ما تزال تطاردهم. إنهم يتخوفون من أن يظهر صلاح الدين جديد ليملأ المقعد الشاغر وليطبق نظرية “التحام الأجزاء المبعثرة”، فيجمع تحت رايته الأخيار في الامة وما أكثرهم، ليعيد صياغة واقع الأمة من جديد، وليعيد مجد حطين مرة أخرى

والقوم يخشون انتفاضة ديننا        بعد الجمود وبعد نوم قرون

يخشون يعرب أن تجود بخالد     وبكل سعد فاتح ميمون

يخشون أفريقيا تجود بطارق      يخشون كرديًا كنور الدين

إن أعداءنا يدركون أكثر بكثير من أبناء أمتنا، أن هذه الأمة أبدًا لن تموت، وأن فيها من مقومات النهضة ما يجعلها تفاجئ الدنيا، وأن حالة الضعف والوهن والشرذمة هي حالة عرضية طارئة وظاهرة مؤقتة، توشك أن تتبدد وأن تزول. إنهم يعرفون جيدًا أن المسألة هي مسألة وقت فقط، كما قال قائلهم: “ليس السؤال هل سينتصر الإسلام أم لا، ولكن السؤال كيف ومتى”، وإنما هي دورة من دورات التاريخ لا بد أن تأخذ مداها ثم لا تلبث أن تكون المفاجأة كما قال شاعرنا:

وفاته أن للأيام دورتها        وقد تفاجئه من غير تنبيه

أيحسب الغرب أن الشرق يتركه   يمتص خيراته والفقر يشقيه

والمسلمون، أليس الغرب يعرفهم   أم أن أحقاده العمياء تنسيه

والغرب يعرف من حطين صولتهم   وإن تبجح فالتاريخ يخزيه.

# وقفة عى الأطلال

لقد جاء هذا الوفد العلمي الأوروبي ليقف على أطلال حطين ويتذكر مصارع ومخازي الآباء والأجداد وما حلّ بهم في سهل حطين وهضابه.

أما نحن فإننا نقف على أطلال حطين ليس لنبكي الماضي ونندب الحظ وإنما لنجدد العهد، ولنستنشق من حطين من عبق المجد ونسائم الفرج.

إننا نقف على أطلال حطين ليس كوقوف قيس على أطلال ليلى وقد رحلت ولن تعود، وإنما نحن الذين نقف على أطلال حطين لنقسم لها أننا لن ننساها، وأننا سنعود إليها وتعود إلينا نحتضنها وتحتضننا.

إنها ليلانا، هي القدس وهي دمشق وهي حطين وهي اليرموك وهي عين جالوت. إنها ليست ذكريات وإنما هي الاشراقات، إنها ليست الماضي وإنما هي المستقبل، إنها ليست جرعات لمريض يحتضر وإنما هي دفقات ونبضات قلب مفعم بالشباب والقوة والأمل.

لكأني بدوي تكبيراتهم وصهيل خيولهم وصليل سيوفهم يملأ الدنيا، فيوقظ النائمين، ويذكّر الغافلين بل ليقول للجبناء: ألا لا نامت أعينكم.

نحن إلى الفرج أقرب، فأبشروا.

رحم الله قارئًا دعا لنفسه ولي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون


الكلمات الدلالية : على, أطلال, حطين, بقلم, الشيخ, كمال, خطيب,


اضف تعقيب

اسعار العملات

0

دولار امريكي

0

دينار أردني

0

يورو

0

جنيه استرليني

مواقيت الصلاة

الفجر

05:09

الظهر

11:38

العصر

14:19

المغرب

16:38

العشاء

18:06