السبت 30 يونيو 2018 14:43 م بتوقيت القدس
3 سنوات مرّت على الطفل الفلسطيني أحمد دوابشة، الناجي الوحيد من المحرقة التي هزّت الفلسطينيين والعالم حينها.
المحرقة راح ضحيتها والديه وشقيقه الرضيع، بينما يزال الطفل وعائلته ينتظرون القصاص من قتلة أسرته من المستوطنين اليهود.
“كل الجروح تندمل مع مرور الوقت، إلا جرح أحمد، يكبر مع سنوات عمره”، يقول عمه نصر دوابشة.
وشهد 31 يوليو/ تموز عام 2015، جريمة بشعة ارتكبها مستوطنون في قرية دوما، بنابلس، شمالي الضفة الغربية، حيث أحرقوا منزل عائلة دوابشة ليلا، بإلقاء الزجاجات الحارقة داخل المنزل وحرقه بمن فيه.
واستشهد الوالدان سعد ورهام وطفلهما الرضيع علي، نتيجة إصاباتهم بحروق بالغة، في حين نجا طفلهما أحمد الذي كان حينها يبلغ أربع سنوات، وأصيب بحروق تصل لـ60% ، ولا زال يعالج من آثارها حتى اليوم.
ولجأت عائلة دوابشة للقضاء الدولي بعد ثلاثة أيام من الجريمة، من خلال وزارة الخارجية الفلسطينية، لكنها اصطدمت بوجوب استنفاذ الإجراءات القانونية في الدولة التي وقعت بها الحادثة، ليتم النظر بها عبر المحاكم الدولية، بحسب نصر دوابشة شقيق الشهيد “سعد”.
ويقول نصر، لوكالة الأناضول،: “حتما سنتوجه مجددا للقضاء الدولي لمحاسبة المجرمين، فنحن لا تعنينا قرارات المحاكم الإسرائيلية، وقد لجأنا إليها مضطرين لاستنفاد الإجراءات القانونية”.
ورفعت عائلة دوابشة قضيتين، الأولى جنائية ضد المستوطنين الذين نفذوا الجريمة وخططوا لها، ويتم النظر بها في المحكمة الإسرائيلية في اللد، وقضية تعويضات ضد الحكومة والجيش الإسرائيليين في المحكمة المركزية في الناصرة.
ويشير نصر دوابشة إلى أن الجانب الإسرائيلي حاول إنهاء القضية مع العائلة من دون أن تلجأ للقضاء، إلا أنها رفضت ذلك قطعيا.
وتتمسك الأسرة بموقفها المطالب بالقصاص من قتلة أبنائها، ومحاسبة الحكومة والجيش الإسرائيلي كون المستوطنين نفذوا الجريمة تحت حمايتهم، حسب قوله.
ويحاكم بالقضية مستوطنين اثنين، الأول متهم بتنفيذ الجريمة وعملية الحرق، والثاني متهم بالتخطيط لها.
وأسقطت المحكمة الأسبوع الماضي اعترافات المتهم الثاني بحجة أن اعترافاته انتزعت تحت التعذيب، كما طالب طاقم الدفاع عنه بالإفراج عنه ببديل الإقامة الجبرية كونه كان قاصرا عند اعتقاله.
ورفضت المحكمة المركزية الإسرائيلية في مدينة اللد، الإثنين الماضي، الإفراج عن المتهم الثاني، مشيرة إلى أنه “يشكل خطرًا على الجمهور”.
وأقرت المحكمة، أن “المتهم القاصر لم يكن ضالعا بشكل مباشر في جريمة القتل، إلا أنه كان يحمل أفكارا شبيهة بنية القتل، وسبق أن ارتكب جرائم بدوافع قومية عنصرية ضد الفلسطينيين”.
واعتبرت هيئة المحكمة أن “تأثير المتهم القاصر على الجريمة كان بشكل غير مباشر”.
ومع استمرار انعقاد وتأجيل جلسات المحاكمة، تؤكد عائلة دوابشة عدم اعترافها بمصداقية القضاء الإسرائيلي، بحسب نصر دوابشة، شقيق الشهيد “سعد”.
ويقول “نصر”، للأناضول،: “نحن لا نعترف بهذا القضاء غير العادل الذي يُسقط تهما عن قاصرين إسرائيليين، ويدين بنفس الوقت أطفالاً فلسطينيين ويحاكمهم على تهم انتزعت منهم تحت التعذيب”.
وتابع بالقول:”مستحيل أن ننتظر نيل حقنا من القضاء الإسرائيلي، فهو شريك للمستوطنين في جريمتهم، ويعطيهم الحرية بمهاجمة الفلسطينيين”.
وعلى الرغم من مصابها، تواجه العائلة المزيد من التهديدات من قبل المستوطنين.
وأشار “نصر” إلى أن مجموعة من المستوطنين كانت تتظاهر أمام مقر المحكمة، وكانوا يغنون ويهتفون بوجهه لدى خروجه من الجلسة ويقولون “حرقنالك عليّ، شويناه على الشواية، أرسلناه إلى الجنة”.
وقال:”هناك دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للمستوطنين يدعون فيها لقتل عائلة دوابشة وإرسالهم إلى الجنة”.
وأكد “نصر”:”بعد كل هذا سنتجه للمحاكم الدولية عند استنفاذ كل الحلول القانونية عبر القضاء الإسرائيلي الذي اضطررنا للتعامل معه على الرغم من عدم نزاهته”.
وقال:”قرارات المحكمة الإسرائيلية ستكون زائفة ولن تعنينا شيئا، نحن أصحاب قضية، ومصرون على المقاضاة الدولية، ونأمل أن ننال حقنا مهما كلفنا ذلك من جهد ووقت”.
“القضاء الإسرائيلي، ليس قضاء عادلا بالأساس”، هكذا عقب محامي عائلة دوابشة عمر خمايسة، على التفريق في التعامل بين القاصرين الفلسطينيين والإسرائيليين في المحاكم الإسرائيلية.
وأضاف خمايسة، في حديث للأناضول،:”القضاء الإسرائيلي يفرّق بين العربي الفلسطيني، والإسرائيلي أو اليهودي، إنهم لا ينظرون لهم بنفس المنظور”.
وبيّن أن طاقم الدفاع عن المتهمين في القضية، يحاولون الإفراج عن المتهم الثاني القاصر، بعد إسقاط بعض الاعترافات التي قالوا إنها انتزعت منه تحت التعذيب.
وأشار:”في حال تم القرار بالإفراج عنه وتحويله للإقامة الجبرية بالمنزل، سيتم الاستئناف من قبلنا لكن القضاء هو من يملك القرار”.
وتدعي لائحة الاتهام المقدمة بحق المتهم الثاني بأنه لم يشارك بشكل مباشر بالقتل، وإنما قام بأعمال تخريبية أخرى، وأنه خطط للمشاركة بالقتل لكنه لم يشارك به.
في حين أن الأول متهم بالقتل وسيبقى معتقلا حتى انتهاء الإجراءات القانونية، بحسب المحامي.
ولفت خمايسة إلى أن ملف القضية “مركّب”، وفيه أكثر من 150 شاهدا، مما يتطلب وقتا طويلاً للوصول للنطق بالحكم.
وأضاف:”طاقم الدفاع عن المتهمين اختار الطعن بشرعية الأدلة بالملف، على أساس أن قسما منها أخذ تحت التعذيب، وهذا ما أقرت به المحكمة المركزية في اللد”.
ورجح أن تكون الجلسات القادمة للبدء بالملف مرة أخرى، قبل أن يضيف: “أعتقد أننا قريبون من النهاية، نحن نتكلم عن أشهر وليس سنوات طويلة”.