عندما كُنتَ في الماضي أن تنوي التصريح والبوح عن مشاعرك أو طموحاتك وأحلامك أو تبادل الحديث والمحاورة كُنتَ تلجأ لأقرب الناس إليك من العائلة ، وإلى الأصدقاء المُقَرَّبين ، أما اليوم فإنك بحكم أمر الواقع تلجأ إلى العالم الإفتراضي والمفتوح الذي لم يكن فيه مكان للخصوصية والسرية للفرد وللمجموعة ، والذي يتلخص بوسائل التواصل الإجتماعي على إختلاف صورها وأشكالها ، فالأضرار المُحتملة المترتبة من هذا الإنفتاح ( العشوائي ) والغير مراقب ، فإنها تتفاوت من مجتمع لآخر ومن شعوب لأخرى ومن ثقافة لثقافة ، لذلك فإني أقول إن ما نشاهده ونعيشه في هذا العالم الوهمي ليس منسلخًا من الواقع والحقيقة إنما هو العاكس للحقيقة وللواقع الذي طالما لم يخرج للعيان بسبب عدم توفر الأدوات والوسائل التواصلية التي تنتشر اليوم .

وبما إننا على أعتاب مرحلة إنتخابات للبلديات والسلطات المحلية ، وأشدد في وسطنا العربي بالذات فإني أطمح وأطمع في تسليط الضوء والإجتهاد في تغيير عدة مفاهيم وقناعات خاطئة تعبث وتستغل وسائل التواصل للترويج والتضليل والوقيعة بين أبناء المجتمع الواحد لهدف سياسي ولخدمة مرشح وتفضيله على آخر والطعن بالمتنافسين والفُرقاء والإستفزاز المتعمد والغير متعمد ، وللأسف الشديد يكون الطرف الأكثر عُرضة والأكثر إستغلالا على هذا الصفيح الساخن والضحية والحلقة الأضعف تكون من عامة الناس من روّاد الصفحات والمواقع الإلكترونية وأصحاب حسابات والصفحات على مواقع التواصل الإجتماعي والذين لا يمثلوا ولا ينتموا لأي توجه سياسي ولا لأي فصيل عائلي أو طائفي وإن كانوا محسوبين عليها ،وهناك مصطلح أود أن أستخدمه وأضعه بين مزدوجين للدلالة على أهمية وجودها وتفشيها في فترات الإنتخاب وهي عملية ((الإحراج)) التي تُمارس على العامة من الناس .

عزيزي المُرَّشح أعزاء جمهور المُرَشحين المُلتهبين دعوا الناس وخياراتهم وإمنحوهم حرية الخَيار والقرار ، ولا تراقبوا تحركات إعجاباتهم العفوية (الايكات) ولا تنَقِّبوا في أعماق تعليقاتهم ولا تتبعوا آثار كلماتهم ولا تصنِّفوا الناس ، ولا تُفَتِّشوا خلف ضمائرهم ولا تشككوا في نواياهم ومصدقيتهم ، ولا تَحظِروا ولا تحْجِروا على الآراء والتعددية ولا تحتكروا الأمانة والمصداقية ، لا يمكن أن يُحاسبَ شخصًا كونه أبدا إعجابه بجميع المرشحين وتتطالبه بالوضوح وتحديد موقفه، إن وسائل التواصل الإجتماعي هدفها الأساسي التواصل الإيجابي وليس تصفية الحسابات والمراقبة تحت أي مسمى كان، وليست أداة تقييم وليست مرجعية إحصائية معتمدة ، أن الغالبية العظمى من الناس كالذي يمشي على حذر بين الألغام المزروعة يجتهد على تفاديها ، وكالذي يمشي بين حبات المطر يخشى البلل ،فلا يجوز لأي مرشح فرض قناعاته على الآخرين والضغط عليهم لنشرها لهدف كسب الجماهرية ورضى الناس ، إن مكان تحديد الموقف هو الصندوق وفِي الموعد المقرر لذلك .

مهند نواطحة
الرينة

الكلمات الدلالية : بين, الضغط, والإحراج, بقلم, مهند, نواطحة,