الثلاثاء 10 يوليو 2018 16:19 م بتوقيت القدس
يزور رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، موسكو غدا، الأربعاء، حيث سيلتقي الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ويتوقع أن يتمحور اللقاء، مثل اللقاءات السابقة بينهما، حول سورية، وسيتركز حول الوجود الإيراني العسكري فيها.
وسبقت هذا اللقاء غارة جوية إسرائيلية أطلقت صواريخ على قاعدة "تيفور" العسكرية قرب حمص، في عمق الأراضي السورية، أول من أمس الأحد. ورأى محللون إسرائيليون، اليوم الثلاثاء، أن توقيت هذه الغارة لم يكن من قبيل الصدفة وإنما كان التوقيت متعمدا، قبل ثلاثة أيام من لقاء نتنياهو – بوتين، التي ستتبعها بعد أربعة أيام قمة تجمع بوتين والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في العاصمة الفنلندية هلسنكي.
وهاجمت إسرائيل قاعدة "تيفور" ثلاث مرات على الأقل، هذا العام. وأفاد المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوءاف ليمور، بأن هدف الغارة الأخيرة هو مركبات للمنظومة الجوية التي تسعى إيران إلى إقامتها في سورية.
ورأى ليمور أنه "لا يوجد أي شيء عادي في هذا الهجوم، وليس فقط لأن أي هجوم، خاصة هجوم يُنفذ بالقرب من القوات الروسية في سورية، ينطوي على احتمال لاشتعال الوضع، وإنما بالأساس بسبب التوقيت. وإسرائيل اختارت عن قصد الإصرار على خطوطها الحمراء في أسبوع بالغ الأهمية من الناحية السياسية: قبل ثلاثة أيام من لقاء نتنياهو مع بوتين، وقبل أسبوع من القمة التي سيعقدها بوتين من ترامب".
وأضاف ليمور أنه "بالإمكان الاعتقاد أن الهجوم المنسوب لإسرائيل كان رسالة واضحة إلى كلا الزعيمين. وعلى الأرجح أن نتنياهو سينقل هذه الرسالة نفسها إلى بوتين، وإلى ترامب بواسطة مبعوثيه، لكن لا يوجد أفضل من هجوم كي يضع الأمور بشكل واضح. وما تريد إسرائيل قوله هو إنه ليس في نيتها التنازل بأي حال بشأن مسألة الوجود الإيراني في سورية، وأنه إذا لم تعمل الدول العظمى بهذا الخصوص، فإن إسرائيل ستواصل العمل لوحدها".
ووفقا لليمور فإن "إسرائيل لا تعمل في فضاء فارغ، وإنما من خلال إدراك أن الوضع مريح لها. فإدارة ترامب مؤيدة لإسرائيل ومعادية جدا لإيران، وإدارة بوتين تريد هدوءا في سورية وإيران بأفعالها هي احتمال دائم لإثارة الفوضى، وتظام الأسد يريد استكمال السيطرة على سورية والبدء بإعادة الإعمار وآخر شيء يريده هو مواجهة جديدة، وخاصة مع إسرائيل. وتدرك إسرائيل أنه لا توجد جهة ستقيد عملياتها، بل أن هذا توقيت جيد لرسم حدود منطقة واضحة. وبالإمكان ربط ذلك بالغارة المنسوبة لإسرائيل قبل أسبوعين ضد قافلة أسلحة إيرانية عند حدود العراق – سورية".
تقديرات إسرائيلية: خطر الحرب ضئيل
من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن إسرائيل تشن غارات كهذه في سورين لسببين. الأول، يكون هدف الهجوم شحنة جديدة من الأسلحة أو منظومات أسلحة تم البدء بنصبها. والسبب الثاني هو "إشارة إستراتيجية: القصف (الأخير) حدث في أسبوع يتقدم فيه نظام الأسد، بمساعدة روسية وإيرانية، لإعادة احتلال جنوب سورية ويستعد لعودته إلى الزاوية الجنوبية الغربية للدولة، الجولان السوري".
وأضاف هرئيل، مثلما كتب ليمور، أن "حقيقة أن الهجوم نُفذ قبل ثلاثة أيام من لقاء بوتين – نتنياهو في موسكو، يبعث رسالة بموجبها إسرائيل مصرة على الدفاع عن مصالحها ولا تخشى تحفظا روسيا أو ردا إيرانيا". ووفقا لهرئيل، فإنه لم يتم التوصل لتسوية سياسية جديدة في جنوب سورية، خلافا للتقارير التي ترددت حول تسوية كهذه.
وتابع هرئيل أن "إسرائيل مستمرة في التركيز على مصلحتها المعلنة، وهي إبعاد الإيرانين ومليشياتهم من كل الأراضي السورية، وخاصة من جنوب سورية. وألمحت روسيا إلى أنها ستعمل على إبعادهم حتى مسافة 80 كيلومترا عن الحدود (خط وقف إطلاق النار في الجولان المحتل)، لكن مدى التزام روسيا بذلك ليس واضحا، حتى لو كان الروس والأسد أقل حماسة من السابق بخصوص التعاون مع الإيرانيين. ويدل على ذلك القبول الروسي الظاهر للهجمات المنسوبة لإسرائيل ضد غايات إيرانية في سورية".
ويكرر نتنياهو الادعاء بأن "إسرائيل ترى مهددة جراء الوجود الإيراني في سورية، ولو بشكل غير مباشر". ورأى هرئيل أن "نتنياهو يطرح بذلك مطلبا كبيرا، ويشير إلى أن في نيته محاولة تنفيذه على الرغم من المخاطر الكبيرة المرتبطة بذلك. وفي خلفية مطلب نتنياهو الفشل الإسرائيلي المتواصل في معالجة تهديد مشابه وضعه حزب الله، منذ أكثر من عقدين. فقد ازدادت ترسانة صواريخ حزب الله، بتشجيع وتمويل إيراني، من مئات القذائف الصاروخية في نهاية العملية العسكرية ’عناقيد الغضب’ في العام 1996 إلى 13 ألفا عشية حرب لبنان الثانية في العام 2006، وإلى أكثر من 100 ألف اليوم. والاعتقاد في إسرائيل هو أنه ما زال بالإمكان قتل التهديد الإيراني الجديد، في سورية، وهو صغير".
وأضاف هرئيل أن التقديرات في إسرائيل تعتبر أن قائد فيلق القدس التابع لحرس الثورة الإيرانية، الجنرال قاسم سليماني، مصر على مواصلة مشروع التموضع العسكري الإيراني في سورية، وأنه يرى بسورية قاعدة لتصعيد القتال ضد إسرائيل لفترة طويلة.
وخلص هرئيل إلى أن "إسرائيل تصف عملية كبح إيران وحزب الله، بدعم إدارة ترامب، مصلحة إستراتيجية قومية. وفي العاشر من أيار/مايو الماضي، عندما عاد نتنياهو من موسكو، أرسل سليماني جنوده من أجل إطلاق رشقات من القذائف الصاروخية من سورية باتجاه مواقع الجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان. وقد فشل هذا الهجوم واعترضت بطاريات القبة الحديدية عددا من هذه القذائف الصاروخية. وردت إسرائيل بمهاجمة أهداف إيرانية أخرى. وبدا للوهلة الأولى أن سليماني تراجع، لكن الآن أصبح واضحا أن إيران مستمرة في جهودها. وهذه هي الخلفية لتقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الآخذة بالتبلور للعام 2019، بأن الاحتمالات لحرب يبادر إليها ضد إسرائيل هي احتمالات ضئيلة جدا. وفي المقابل، فإن خطر تدهور غير مخطط له نتيجة لتبادل الضربات في الشمال، أو في قطاع غزة، مرتفع أكثر مما كان عليه خطر كهذا في السنتين الأخيرتين".