بات معظم الفلسطينيين في قطاع غزة، غير قادرين على شراء الأضحية أو توفير مستلزمات العيد، نظرا للأزمة الاقتصادية التي تضرب مفاصل القطاع الحيوية، في الوقت الذي يستعد فيه المسلمون في أنحاء العالم لعيد الأضحى.

ويشكو تجّار المواشي في غزة من إحجام المواطنين الفلسطينيين عن شراء الأضاحي لهذا العام، جراء تردّي الأوضاع الاقتصادية وانعدام القدرة الشرائية لديهم، واصفين حركة سوق المواشي قبيل أيام من عيد الأضحى بـ"الأسوأ" على الإطلاق. وشكّل ارتفاع أسعار السوق العالمي للحوم الحمراء سببا يضاف إلى إحجام الغزيين عن شراء الأضاحي لهذا العام.

وقالت المواطنة الفلسطينية سها فايز (28 عاما) من مدينة غزة، بحزن شديد، إن زوجها لن يشتري أضحية العيد هذا العام، وأضافت في حديثها لـ"الأناضول": "اعتدنا في الأعياد السابقة على شراء الأضاحي حيث كان يتوفر لدينا مردود من الدخل يعيننا على ذلك، لكن اليوم مع الخصومات التي شهدتها راتب زوجي (موظف في السلطة الفلسطينية) لن نكون قادرين على ذلك".


(أ ب)
وبيّنت أن الخصومات التي تعرّضت لها رواتب موظفي "السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، فاقمت من تردي الأوضاع الاقتصادية بالقطاع"، مُشيرة إلى أنها بالكاد بات ذلك الراتب يكفي لتوفير المستلزمات الأساسية للحياة، إلى جانب دفع "أجرة المنزل"، التي تستنزف نصف ما تبقى منه.

وتفرض السلطة الفلسطينية خصومات مالية على رواتب موظفيها في قطاع غزة تصل من 30-50% للفرد الواحد، منذ نيسان 2017 .

وقال مدير الإنتاج الحيواني بوزارة الزراعة الفلسطينية في قطاع غزة، طاهر أبو حمد: "هذا العام الأسوأ الذي يمر على سوق المواشي بغزة، حيث تعتبر حركة السوق الأقل والأضعف مقارنة بالأعوام السابقة"، وفي مثل هذا الوقت من كل عام، يستهلك قطاع غزة ما يزيد عن 14 ألف رأس من الماشية (أبقار)، وأكثر من 30 ألف رأس من الأغنام. وأضاف أبو أحمد أن حجم الاستهلاك تراجع، حيث وصل إلى 8 آلاف رأس من الماشية، وأقل من 20 ألف رأس من الأغنام.

وتراجع حجم استيراد المواشي من خارج قطاع غزة، حيث سجّل سوق المواشي استيراد نحو 25 ألف رأس من الماشية في مثل هذا الوقت من العام الماضي، بيد أن تلك الكميات تراجعت لتصل إلى (15-16) ألف رأس فقط لهذا العام، كما قال أبو حمد.

وأوضح أبو أحمد أن "مستوردي المواشي يتخوفون من استيراد كميات كبيرة من المواشي، في ظل انعدام القدرة الشرائية لدى المواطنين، ما يتسبب بتكبّدهم خسائر مالية"، مُشيرا إلى أن ضعف إقبال المواطنين الفلسطينيين على شراء الأضاحي لهذا العام، يعود لعدة أسباب أبرزها الأزمة الاقتصادية التي يعيشها قطاع غزة.


هل يستعيض الغزيون بالخرفان الاصطناعية بدلا عن الحقيقية؟ (أ ب أ)
وأضاف أبو أحمد أن الأزمة مستمرة، وهي الأصعب والأشد لهذا العام والتي فاقمتها مشكلة خصم رواتب موظفي السلطة الفلسطينية بغزة"، لافتًا إلى أن ضعف أداء القطاع الخاص بغزة وتراجع دخل الفرد الواحد تسبب أيضا بقلة الإقبال على شراء المواشي، إضافة إلى أزمة الكهرباء التي تؤثر بشكل غير مباشر في ذلك الجانب، حيث توثر على وسائل حفظ اللحوم في فترة الأعياد؛ فيتخوف المواطنون من فساد لحوم الأضاحي جرّاء انقطاع التيار لفترات طويلة ما يتسبب بإحجامهم عن شرائها".

وذكر أبو حمد، أن أسعار المواشي بغزة ارتفعت لهذا العام تزامنا مع ارتفاع أسعار السوق العالمي للحوم الحمراء، إذ ارتفع سعر الكيلو الواحد من لحوم المواشي من (4-4.5 دولار) العام الماضي، إلى (4.8-5.4 دولار) هذا العام، فيما ارتفع سعر الكيلو الواحد من الأغنام من (4.5-6.5 دولارات) العام الماضي، إلى (6.5- 7 دولارات) هذا العام.

وقال تاجر المواشي، شادي نصر، وهو من شمالي قطاع غزة: "سوق المواشي لهذا العام يشهد تراجعا ملحوظا في الإقبال على شراء الأضاحي (...) المواطن الفلسطيني بغزة يحجم عن شراء الأضحية بسبب تردي الوضع الاقتصادي، وانعدام قدرته الشرائية، فمن إجمالي المواشي لديّ والبالغ عددها 120 رأسا ، بعت حتّى اللحظة 30 رأسا فقط".

وبيّن أن المواطنين الذين كانوا يشترون خروفيْن قبيل العيد، باتوا يشترون خروفا واحدا، ومن كان يشتري عجلا بات يشتري خروفا بسبب تردّي الأوضاع الاقتصادية وانعدام القدرة الشرائية، يلجأ بعض المواطنين إلى شراء الأضاحي بالتقسيط، وفق نصر الذي وصف وضع سوق المواشي والأضاحي لهذا العام بـ"السيء جدا"، مرجعا ذلك إلى انعدام السيولة النقدية لدى المواطنين.


(أ ب)
بدوره، قال سعيد النادي، العامل في شركة النادي للأبقار، إن الشلل والركود يضرب سوق المواشي في قطاع غزة لهذا العام ، وتابع، في حديثه لوكالة "الأناضول": "في هذا الوقت من كل عام كنت أبيع تقريبا 50 رأسا من العجول، لكن اليوم لديّ 100 عجل في الشركة، ولم أبع غير اثنين فقط".

ويشكو النادي كغيره من تجّار المواشي من قلة إقبال المواطنين على شراء الأضاحي لهذا العام، مرجعاً ذلك إلى تردّي الأوضاع الاقتصادية. ويقول إن "عددا كبيرا من المواطنين يقبلون على السوق لشراء الأضاحي بالتقسيط"، مُشيرًا إلى أنه قبل نحو 3 أعوام كان سوق الماشية خلال فترة عيد الأضحى أفضل من حيث الحركة التجارية.

ويعيش أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، ويعانون من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة للغاية؛ جرّاء استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض لأكثر من 11 عاما.

ووفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، لعام 2017، يعاني نحو 53 بالمائة من سكان غزة، الفقر، فيما قالت الأمم المتحدة، العام الماضي، إن 80 بالمائة منهم يتلقون مساعدات إنسانية عاجلة.

الكلمات الدلالية :