الاربعاء 03 اكتوبر 2018 13:32 م بتوقيت القدس
على وقع تدهور العملة المحلية ونقص المواد الغذائية وتفشي الأوبئة، شهدت مدينة تعز اليمنية الثلاثاء إضرابا شاملاً، وخرجت مظاهرة غاضبة ضد سياسات وإجراءات التحالف الإماراتي السعودي وحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وقد ردد المتظاهرون هتافات ضد التحالف والحكومة اليمنية، وحملوهما المسؤولية الكاملة عن الكوارث التي يمر بها اليمن. وطالب المحتجون بسرعة توفير الحلول اللازمة للتدهور الاقتصادي.
ويبدو أن السلطات المحلية أدركت خطر السخط الشعبي، إذ دعت التحالف وحكومة هادي إلى سرعة التدخل ومعالجة الارتفاع الحاصل في سعر العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني. و حذرت هذه السلطات من أن استمرار انهيار الريال اليمني ستكون له آثار سلبية على سير المعارك. من جهتها دعت الحكومة اليمنية إلى عقد مؤتمر اقتصادي يمني خليجي للوقوف على الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد.
وخلال اجتماع حكومته في الرياض، قال رئيس وزراء اليمن أحمد عبيد بن دغر إن البلاد بحاجة إلى مؤتمر اقتصادي يمني خليجي على مستوى القمة. و رأى أن انقلاب الحوثي هو سبب انهيار الريال، إلى جانب أسباب أخرى من أهمها توقف تصدير النفط والغاز، اللذين كانا المصدر الرئيسي لميزانية اليمن.
وقال بن دغر إن الشرعية لا يمكنها أن تنتصر في معركتها مع الحوثيين وحلفائهم الإيرانيين في ظل أوضاع سيئة يعيشها المواطن اليمني. و أضاف "لا يمكننا أن ننتصر في معركتنا مع الحوثيين وحلفائهم الإيرانيين في ظل أوضاع سيئة يعيشها المواطن اليمني، لن يثق المواطن بما نقوله عن أنفسنا وعن توجهاتنا، بل بما نصنعه على الأرض ويلمسه المواطن".
ودعا بن دغر "الأشقاء" في المملكة العربية السعودية إلى تسهيل وتبسيط استخدام الوديعة أمام البنك المركزي والشركات والتجار اليمنيين. و ثمّن ما سماه دعم السعودية للاقتصاد والعملة المحلية من خلال وديعة مالية ومنحة نفطية لقطاع الكهرباء، "وآخرها 200 مليون دولار دعما للاستقرار المالي".
وليس سهلا أن تنطلق هتافات تطالب برحيل التحالف وتسخر من الشرعية في تعز حاضنة الثورة ومن بعدها الشرعية. لذلك من المهم جدا معرفة أسباب غضب أبناء تعز، وخروجهم على هذا النحو منددين "بحلفاء المعركة الواحدة". يتأجج الغضب الشعبي في تعز بعد تحذيرات ودعوات كثيرة دون جدوى لضرورة تصحيح العلاقة مع التحالف السعودي الإماراتي.
و"تصحيح العلاقة" عبارة مهذبة يستخدمها مسؤولون وناشطون يمنيون تعبيرا عن سخطهم على العلاقة التي وصفها كثير منهم بالاحتلال. و وفق أنصار الشرعية في اليمن، فإن التدهور السريع والمخيف في الاقتصاد لن تستفيد منه سوى مليشيا الحوثي، إذ سيتعزز موقفها بينما لا يمكن لمدن الشرعية الصمود بفعل تفشي الجوع والأمراض.
ولا تبدو المظاهرات في طريقها للهدوء، بل هناك دعوات لتجدد الحشد يوم الخميس القادم. و كان ناشطون يمنيون أطلقوا يوم الاثنين حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب "بتنفيذ ثورة شعبية ضد الجميع" بسبب سوء الأوضاع المعيشية.
الحكومة اليمنية عقدت جلسة بالرياض وطلبت مساعدة الخليجيين لعلاج تدهور الاقتصاد (الصحافة اليمنية)
ودعا نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي إلى خروج اليمنيين في ثورة أطلقوا عليها ثورة الجياع، للتنديد بالتدهور الشديد في الوضع المعيشي باليمن لدرجة أودت بحياة أطفال في محافظة الضالع جنوبي البلاد في المدة الأخيرة بسبب سوء التغذية.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن يمنيين قولهم إن الحملة جاءت "جراء استمرار انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية بشكل غير مسبوق، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، مع استمرار أزمة المشتقات النفطية وغاز الطبخ".
ولعل السؤال المهم هنا هو: لماذا يتلكأ التحالف السعودي الإماراتي في دعم أهل تعز؟
فتعز تعد من أبرز حواضن الثورة اليمنية، وإلى جانب ذلك لحزب الإصلاح نفوذ شعبي واسع فيها، وهي أسباب لا تسر دولتي التحالف وتحديدا الإمارات التي تعادي ثورات الربيع العربي وأي فصيل يمت بصلة لجماعة الإخوان المسلمين.
خلال سنوات الحرب، بدا أن إستراتيجية تحالف الرياض أبو ظبي تعتمد على ترك التعزيين لمصيرهم تحت وطأة قصف الحوثيين وحصارهم، فلما تراجعت حدة القتال، تجاهل داعمو الشرعية المفترضون حوائج أشقائهم وتركوهم عرضة للجوع والمرض والفاقة، وفق نشطاء تعز.
في سياق متصل، ناقش البرلمان الأوروبي في جلسة عامة ملف اليمن، على أن يتم التصويت على قرارٍ يوم الخميس المقبل. و كان البرلمان الأوروبي قد طلب من مسؤولة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني إطلاق مبادرة لوقف تصدير الأسلحة من الاتحاد الأوروبي إلى السعودية والإمارات بسبب انتهاكهما القواعد الإنسانية الدولية. وتزامنت الجلسة مع الكشف عن فساد في صفقة لبيع دبابات فرنسية للإمارات.
