الجمعة 04 يناير 2019 18:44 م بتوقيت القدس
كشف تقرير أن وزير التعليم الإسرائيلي، نفتالي بينيت، عقد صفقة مع رئيس جامعة حيفا، البروفيسور رون روبين، مكنت الأول من إقامة كلية للطب في مستوطنة "أرئيل" المقامة على أراض فلسطينية خاصة، في محافظة سلفيت وسط الضفة الغربية المحتلة، وفق ما ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، صباح اليوم الجمعة.
ورصد التقرير تبدل موقف رئيس جامعة حيفا خلال الفترة بين حزيران/ يونيو وتموز/ يوليو عام 2017، من إقامة كلية طب في مستوطنة "أرئيل"، وتنازله عن إقامة كلية مماثلة في الجامعة التي يترأسها، وذلك في أعقاب صفقة عقدها مع وزير التعليم، بينيت، المعروف بتوجهاته الاستيطانية المتطرفة.
وتقضي الصفقة بحسب تقرير صحيفة "هآرتس" بالمصادقة على ميزانيات واسعة لصالح جامعة حيفا، لتسهيل اندماج كل من كلية أورط براودة كرمئيل لدراسة الهندسة، وكلية فيتسو في حيفا لدراسة فن العمارة (أرخيتكتورا) في الجامعة.
في المقابل، يتنازل رئيس جامعة حيفا عن تقديم طلب باسم الجامعة، لـ"مجلس التعليم العالي"، لافتتاح كلية لتدريس الطب. علما بأن روبين كان قد توجه إلى بينيت في الـ13 من حزيران/ يونيو عام 2017، برسالة رسمية، طالب من خلالها بإصدار طلب عروض للمنافسة على إنشاء كلية طب جديدة، وعدم إعطاء الأفضلية للجامعة المقامة بـمستوطنة "أرئيل".
ويتضح من التقرير أن روبين تراجع عن المضمون الذي نقلته رسالته الأولى، في أعقاب اجتماعه ببينيت في عدة جلسات كانت أولها يوم 12 تموز/ يوليو 2017، وأعلن في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، في رسالة رسمية لوزارة التعليم و"مجلس التعليم العالي" أن "بعض التطورات المثيرة للاهتمام" دفعت جامعة حيفا إلى تعديل خطتها الأصلية.
بعد بضعة أسابيع، شكلت رسالة رئيس جامعة حيفا دافعا للجنة التخطيط ورصد الميزانيات التابعة لـ"مجلس التعليم العالي"، للمصادقة على إنشاء كلية الطب في "أرئيل"، الطلب الذي شكل أحد الأهداف الرئيسية للوزير بينيت، والذي "تتوج" بالموافقة النهائية للمجلس في تموز/ يوليو 2018.
جاءت مصادقة اللجنة خلافا لتوصيات الجهات المهنية المختصة، التي رفضت افتتاح كلية طب في الجامعة المقامة في المستوطنة، وبأغلبية ضيقة، حيث وافق 4 أعضاء من اللجنة على الطلب، فيما عارضه ثلاثة أعضاء. يذكر أن وزارة القضاء الإسرائيلية أعلنت الأسبوع الماضي أنه إذا ما ثبت تضارب مصالح أحد أعضاء اللجنة، فسيتم إلغاء قرارها بالمصادقة على إقامة الكلية، وذلك إثر تقرير سابق لـ"هآرتس"، كشفت من خلاله عن شبهات تضارب مصالح أحد أعضاء اللجنة.
وانتقد العديد من الأكاديميين إصرار بينيت على إقامة كلية الطب في مستوطنة "أرئيل"، وسط معارضة عدد من رؤساء مجلس التعليم العالي في إسرائيل، ورئيس المعهد التطبيقي – التخنيون، ورئيس جامعة حيفا نفسه، الذي سعى في وقت سابق إلى إقامة كلية للطب في حيفا، إلا أنه خسر في منافسة مع عرض قدمته جامعة بار إيلان.
وجاء في الرسالة الأولى التي بعثها روبين، لوزير التعليم، أنه يرفض التفضيل المسبق الممنوح لجامعة "أرئيل" لإقامة كلية طب، وطالب بإجراءات "تنافسية عادلة ومتكافئة"، وشدد على أن العملية التنافسية "ضرورية، حيث أن الموافقة على إقامة كلية مرموقة من هذا النوع لا يتم بشكل متكرر".
واعتبر أن الأسباب في منح الأفضلية لجامعة "أرئيل"، "غير واضحة، ولا تتطابق مع اللوائح"، وحذر من تأثير المنحة التي قدمها الملياردير الأميركي ومالك صحيفة "يسرائيل هيوم"، شيلدون إديلسون، لصالح جامعة المستوطنة، والمقدرة بـ25 مليون دولار، على اعتبارات "مجلس التعليم العالي"، وأكد على مطالبته بطلب تقديم عروض تنافسي بين الجامعات والمؤسسات التعليم الإسرائيلية في ما يتعلق بكلية الطب.
ونقلت "هآرتس" عن مصادر مطلعة أن رسالة روبين، شكّلت في تلك المرحلة، عقبة كبيرة أمام مصادقة لجنة التخطيط ورصد الميزانيات التابعة للمجلس، على إقامة كلية الطب بجامعة "أرئيل"، وأمام خطة بينيت في الإسراع في تدريب أعضاء هيئة التدريس في "أرئيل" لدمج كلية الطب.
وكشف تقرير "هآرتس" أن موقف رئيس جامعة حيفا تبدل تماما في أعقاب اجتماعه مع بينيت في حزيران/ يونيو 2012، والذي طالب خلاله الأخير رئيس جامعة حيفا، بأن يتنازل عن إقامة كلية طب في الجامعة، في المقابل تعهد بينيت بمساعدة الجامعة على الحصول على مبلغ يقدر بـ100 مليون شيكل، من "كيرن كيساريا" (صندوق قيسارية) الذي تسيطر عليه عائلة روتشيليد.
يأتي ذلك في سياق تسوية توصلت إليها "كيرن كيساريا" مع وزارة المالية في إطار مواصلة إعفائها الضريبي، حيث من المقرر أن تقدم 750 مليون شيكيل لمؤسسات التعليم العالي الإسرائيلي. وتعهد بينيت أن يواصل الضغط حتى يتم تحويل مبلغ 100 مليون شيكل لجامعة حيفا.
يذكر أن دمج كلية أورط براودة، وكلية فيتسو في جامعة حيفا، يتناقض مع سياسة مجلس التعليم العالي، الذي يطالب بتقليص عدد التخصصات والكليات.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2017 أرسل روبين رسالة ثانية وجهها لرئيس لجنة التخطيط ورصد الميزانيات، عبر من خلالها عن تبّدل أولويات الجامعة في إنشاء كلية طب، إذ أعلنت الجامعة عن تنازلها عن إقامة كلية الطب، فيما تسعى لضم كلية أورط براودة، وكلية فيتسو، ونقل بعض أقسام الجامعة لـ"البلدة التحتى" في مدينة حيفا.
ولم يطرح روبين موضوع الاستغناء عن إقامة كلية طب تابعة للجامعة على مجلسه الإداري، علما بأن المجلس كان قد كرس في السابق وقتًا من مناقشاته لهذا الموضوع. وعلى عكس ما ورد في رسالة روبين الأولى، نقلت "هآرتس" عن الجامعة زعمها هذا الأسبوع أن "إنشاء كلية طب لم يكن جزءًا من الخطة الإستراتيجية، لذا لم يطرح الموضوع للنقاش خلال جلسات مجلس إدارة الجامعة".
وعلى إثر ذلك، ناقش اللجنة التابعة لـ"مجلس التعليم العالي" في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر (أي بعد شهر تقريبًا على رسالة روبين الثانية)، الحاجة إلى زيادة عدد طلاب الطب. وأُخبر أعضاء اللجنة بأن طلب "أرئيل" كان "الوحيد في الخطة الخمسية لفتح كلية الطب، بعد أن أعلنت جامعة حيفا أنها ستتنازل عن تقديم طلب مماثل". وهكذا، تغلب جامعة المستوطنة على عقبة كبيرة.
وكشف محضر الجلسة أن لجنة التنظيم ورصد الميزانية وافقت من حيث المبدأ على طلب "أرئيل" ونقحته ورفعته إلى ما يسمى بـ"مجلس التعليم العالي في يهودا والسامرة".