كشف تقرير، نشر فجر الخميس، عن فشل مشروع استخباري عسكري إسرائيلي سري جدا، جرى العمل على تطويره عدة سنوات، ووصلت تكلفته إلى مئات الملايين من الشواقل. وينضاف هذا فشل هذا المشروع إلى مشاريع أخرى لم يجر الحديث عنها من قبل، والتي صرف عليها موارد ضخمة.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد بادر في العقد الأخير إلى مئات المشاريع التكنولوجية، وعمل على تطويرها، إلا أنه تبين أن جزءا منها توقف في أوج العمل عليها، أو تم تغييرها أو أنها اختفت وكأنها لم تكن، علما أنه تم تخصيص موارد ضخمة لها تتجاوز مئات الملايين من الشواقل.
وبحسب مصادر في وزارة جيش الاحتلال، فإن أحدا لم يدفع ثمن هذا الإخفاق باستثناء الجمهور الإسرائيلي.
وعادة ما يكون المشترك لهذه المشاريع هو العمل عليها تحت ستار كثيف من السرية، ومراقبة صارمة، وسهولة الحصول على ميزانيات لتمويلها، وخاصة عندما تتصل بالاستخبارات والحرب السيبرانية والمنظومات التكنولوجية، إضافة إلى أن تمويلها يتم بعيدا عن الأضواء.
وبضمن هذه المشاريع التي توقفت فجأة ووضعت على الرف قيد الحفظ، مشروع اتصالات ضخم لشعبة الاستخبارات العسكرية، وآخر يتصل بمقر حديث تحت الأرض لسلاح الجو التابع لجيش الاحتلال، والذي وصلت تكلفته إلى مئات الملايين من الشواقل.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" في موقعها على الشبكة، فإن أحد العاملين في وحدة التنصت التابعة لسلاح الجو في مقر وزارة الجيش (الكرياه) في تل أبيب كشف عن التوقف التام لأحد هذه المشاريع في المقر، بعد ثلاث سنوات من العمل المتواصل على مشروع وصف بأنه "ضخم وسري جدا".
ويتضح أن هذا المشروع بلغت تكلفته أكثر من 800 مليون شيكل، بحسب مصادر في وزارة الجيش، وهو عبارة عن مشروع سري جدا تابع للاستخبارات العسكرية يتصل بالتنصت والاتصالات، وذي أهمية عملانية كبيرة لجيش الاحتلال عامة، والمهمات الاستخبارية بوجه خاص.
بدأ العمل على هذا المشروع قبل نحو 12 عاما، ونظرا لضخامته، فقد تقرر توظيف شركة تكنولوجية خارجية، وحددت له ميزانية وصلت إلى 400 مليون شيكل في البداية، لمدة أربع سنوات من التطوير.
وأضاف التقرير أن المشروع تغير خلال العمل عليه من جهة المطلوب منه والقدرة على تطويره، كما جرى تسريع العمل فيه خلال العقد الأخير، ما اقتضى المزيد من الميزانيات، الأمر الذي استجابت له وزارة الجيش.
في نهاية المطاف ضوعفت الميزانية، ووصلت إلى 800 مليون شيكل. وقبل نحو 5 سنوات قرر الجيش وقف المشروع، بداعي أنه "لم يعد ذا صلة بسبب تغير الميدان الأمني".
وفي حينه رفض وزير جيش الاحتلال، موشي يعالون، اتخاذ إجراءات في الجهاز الأمني بعد احتجاجات مسؤولين في وزارة الجيش. كما رفض التعقيب على تقرير الصحيفة.
كما رفضت شعبة الاستخبارات في الجيش الإدلاء بمعلومات عن تكلفة المشروع النهائية، أو الرد على سؤال الصحيفة بشأن الدروس المستخلصة أو الإجراءات التي اتخذت تجاه المسؤولين الذين بادروا أو صادقوا على المشروع.
وعقب المتحدث باسم جيش الاحتلال بالقول إن "تكلفة تطوير المشروع وتحويله إلى عملاني ليست صحيحة، وينقصها بعض التفاصيل"، وأن "تغير العدو والجبهة، إضافة إلى أن إطالة مدة تطوير المشروع وتحويله إلى عملاني جعلت المشروع غير فعال وليس ذا صلة".
إلى ذلك، تناول التقرير مشروعا آخر لسلاح الجو صرف على تطويره عشرات الملايين، وترك أصداء ليس بسبب وقفه، وإنما لأنه لم يكن هناك أي حاجة له منذ البداية.
والحديث هنا عن منظومة أطلق عليها "أوريون"، والتي بدأ العمل عليها قبل 10 سنوات، لتطوير القدرات الاستخبارية العسكرية بما يتصل بـ"إنتاج ومنالية المعلومة الاستخبارية للسرب القتالي، بدءا من المرحلة الخام وحتى المنتوج النهائي".
وفي حينه عمل عشرات المبرمجين والمهندسين والضباط على تطوير "أوريون"، إلا أنه تقرر في نهاية المطاف وقف المشروع.
وعن ذلك، عقب المتحدث باسم جيش الاحتلال بالقول إنه بدأ العمل على المشروع في العام 2009، وبعد بضعة سنوات تقرر أن المنظومة "ليست ناضحة لتكون عملانية، ولم تعد ذات صلة بالاحتياجات العملانية المطلوبة اليوم".
وأشار التقرير أيضا إلى مشروع آخر لسلاح الجو الإسرائيلي، والذي وصف بأنه "بئر بدون قاع"، حيث أن الحديث عن تطوير مقر لسلاح الجو تحت الأرض. وقبل سنتين تم الاتفاق على موعد تطويره وإنهائه، والذي يقدر بمئات الملايين من الشواقل.
ولتبرير المشروع جاء أن "الذراع الإستراتيجية لإسرائيل (سلاح الجو) تقود المعارك بين الحروب، من خلال مئات العمليات الهجومية والسرية التي تهدف إلى المس بتسلح أعداء إسرائيل بأسلحة متطورة، بدءا من إيران، مرورا بحزب الله، وحتى حركة حماس، إضافة إلى الحملات العسكرية، مثل الرصاص المصبوب وعامود السحاب والجرف الصامد، التي أديرت من مقر قديم نسبيا في مقر وزارة الجيش في تل أبيب، مع بنى تحتية قديمة، الأمر الذي صعب إدارة المهمات، ولم يكن مناسبا للواقع العملاني في العقد الحالي".
وبحسب التقرير، فإنه قبل وقت قصير من افتتاح المشروع، قرر ضابط كبير في طيران الاحتلال أن المقر ليس جاهزا بعد، وأنه يجب الاستثمار أكثر في المنظومات والتطوير والميزانيات. وصودق على ذلك، ولا يزال العمل فيه مستمرا حتى اليوم تحت الأرض وسط تل أبيب.
وبحسب الجيش، فإن تأجيل افتتاح المقر الجديد تأخر بسبب إدخال منظومات إصغاء متطورة أخرى ليكون بموجب المعايير المتطورة المطلوبة".
وفي هذا السياق، أشار التقرير، نقلا عن مسؤول في وزارة الجيش إلى أن كلفة المشروع ترتفع بمئات النسب المئوية، وتقوم اللجان الخاصة في وزارة الجيش بالمصادقة على ذلك بدون طلب أي توضيحات عينية، كما يرافق المشروع ضباط كبار دون أي رقابة حقيقية من هيئة أركان الجيش.
ونقلت الصحيفة عن المسؤول نفسه قوله إن الشركات الخارجية "تحتفل" بميزانية وزارة الجيش، وتتكرر هذه الإجراءات وتعيد نفسها المرة تلو المرة، دون أن يدفع أحد ثمنا ذلك، باستثناء الجمهور الإسرائيلي، على حد قوله.
وأضاف أنه "من الجائز الافتراض أن هناك مشاريع أخرى مماثلة أخرى وضعت على الرف، ووصلت تكلفتها إلى بضع مئات أو عشرات الملايين".
وعن ذلك عقب المتحدث باسم جيش الاحتلال بالقول إنه "يجري تطوير مشاريع تكنولوجية وعملانية بموجب الاحتياجات والتحديات المتغيرة في الوحدات المختلفة. ويتم التحقيق في قرار وقف أو تغيير مشروع بحسب التقدم فيه أو بحسب الاحتياجات المتغيرة، ويتم استخلاص الدروس من العمل المرتبط بتطوير وإدارة المشروع".