قال رئيس شعبة الاستخبارات في الموساد سابقا، ورئيس شعبة "تيفل" في الجهاز سابقا، حاييم تومر، اليوم السبت، إنه إذا حاول الرئيس الروسي التدخل في الانتخابات للكنيست، فإن ذلك سيكون في صالح رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو.
وقال في مقابلة مع الصحيفة الاقتصادية الإسرائيلية "غلوبس"، إن خطر التأثير الأجنبي على الانتخابات "قائم وملموس"، وأنه يمكن منع ذلك فقط عن طريق "الاستعدادات المسبقة والتعاون بين كافة الهيئات والسلطات".
وأضاف أنه يرجح أن "المستوى السياسي لم يذوّت بعد أن تفعيل "الذباب الإلكتروني" ( "Bots" و"Trolls") هو أيضا حرب سيبرانية".
وفي أعقاب تصريحات رئيس الشاباك، ناداف أرغمان، والتي جاء فيها أن دولة أجنبية ستحاول التدخل في انتخابات الكنيست، قال تومر أن "اسم اللعبة هو حرب سييبرانية".
وأضاف "عرفنا إستراتيجية استهداف المنشآت التحتية الوطنية، كما عرفنا إستراتيجية استهداف البنى التحتية المالية لشركة أو أفراد، ولكن منذ انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016 انكشفنا للمرة الأولى على نطاق واسع لتدخل سيبراني لأهداف سياسية".
وتابع أنه من المهم التشديد على ذلك "لأننا نعيش في حالة تقييم للطريقة التي نفكر ونستوعب فيها الأمور لكي ندرك أن الخطر حقيقي وقائم".
ويحذر تومر من أن محاولات جهات خارج البلاد، وخاصة روسيا، التأثير على نتائج الانتخابات تلزم المستوى السياسي في إسرائيل "بتغيير مفاهيمي عميق"، مضيفا أن جهات حكومية مختصة، مثل منظومة السايبر الإسرائيلية، تعلم أن المشكلة قائمة، ولكن المشكلة هي أن المستويات السياسية غير مؤهلة لاستيعاب أن تفعيل الذباب الإلكتروني هو حرب سيبرانية".
وتابع أن "الخطوة الصائبة الفورية، والتي يجب أن تكون مفهومة ضمنا، هي أن يقوم رئيس كل جهاز، بما في ذلك رئيس الحكومة ورئيس الاستخبارات العسكرية ووزير الأمن، بالعمل على ذلك مع الجهاز الذي يخضع له، على وضع خطة عمل منظمة بالتعاون مع كافة الهيئات للدفاع عن المنظومة الإسرائيلية من إمكانية تفعيل خطة هجومية على مستوى دولتي يهدف للتأثير على نتائج الانتخابات".
وبحسبه، فإنه لا تكفي تحذيرات وتهدئة أرغمان، الذي كشف هذه الأمور، وقال إن لديه أدلة على ذلك، فهو يركز فقط جزءا من الجهود التي تستطيع وقف التدخل السيبراني السياسي.
ويرسم تومر في المقابلة ميزان القوى العالمي في مجال الحرب السيبرانية، ليصنف إسرائيل إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا والسويد، التي تمتلك قدرات هجومية تعتبر الأقوى في الدول الغربية. أما في باقي دول العالم فإن أبرزها روسيا والصين وكوريا الشمالية.
وفي هذا الإطار يشير إلى أنه ينسب لروسيا الهجوم السيبراني على الانتخابات الأميركية، أما الصين فهي تدير حربا سيبرانية بواسطة الجيش الصيني الذي يركز جهوده على سرقة المعلومات لأهداف صناعية وعلمية لتحقيق توازن إستراتيجي، وكان اعتقال المسؤولة الكبيرة في شركة "هاواوي" في كندا مرتبط بهذه القدرات السيبرانية. أما كوريا الشمالية فقد اشتهرت في قضية "سوني بيكتشرز" عام 2015، والتي عطلت أعمال شركة الأعمال التلفزيونية والسينما والتوزيع العملاقة.
وبحسب تومر، فإن هذه القضايا هي الجزء المكشوف في سلسلة هجمات يرجح أنها في إطار التجارب وتدخل ضمن الاستعدادات لحرب محتملة، مثل تعطيل القطار الخفيف في كاليفورنيا، أو فيروس "WannaCry" في بريطانيا، حيث لم يتضح من هو الرابح من هذه الهجمات.
وتابع أن هناك نوعا آخر من الهجمات ضد البنى التحتية والتي تحمل رسائل سياسية. وبحسبه فإن "الإيرانيين هاجموا شركة النفط السعودية "Saudi Aramco" التي تعطلت لمدة 72 ساعة، ما تسبب بأضرار تتراوح ما بين 6 إلى 10 مليار دولار، بهدف نقل رسالة مفادها: لا تتورطوا معنا"، إضافة إلى هجمات الروس على محطة الطاقة الأوكرانية، أو محطة الطاقة في ليتوانيا لتحذيرها من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
كما يأتي على ذكر الهجمات (الاختراقات) لتحقيق أرباح مالية، وبضمن ذلك سرقة 100 مليون دولار وأكثر، والتي لم يسمع عنها أحد، وذلك من بنكين، على الأقل، أحدهما في آسيا والثاني في أميركا الشمالية، بينما يعتقد خبراء أنه يتم سرقة ما بين 4 إلى 6 مليار دولار سنويا من خلال اختراقات سيبرانية.
أما عن الهجمات الأخيرة فقد عمد إلى توصيفها بأنها على المستوى السياسي، حيث أن روسيا تعتبر الجهة التي تقف وراء محاولات التدخل التي حصلت في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا.
وردا على سؤال بشأن ما الذي يدفع الروسي إلى التدخل في ما يجري في إسرائيل، باعتبار أن ما حصل في الولايات المتحدة كان واضحا، أجاب أنه قرأ مقالات تدعي أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يريد أن ينتج عالما يناسب مفاهمية وطابعه السلطوي. أما بالنسبة لإسرائيل فهو يعتقد أن بوتين معني بأن يبقى رئيس الحكومة الحالي في منصبه، حيث أنه يمكنه إجراء حوار معه، كما يجمعهما التقدير المتبادل لبعضهما البعض.
ويضيف أنه علاوة على ذلك، فإن نتنياهو يشد إسرائيل نحو "سلطة أوتوقراطية استبدادية"، بينما يريد بوتين حوارا مع زعماء أوتوقراطيين يدركون "نواقص الديمقراطية" مقابل "الأوتوقراطية". وفي هذه الحالة، فإنه في حال سعى بوتين للتدخل في إسرائيل، فإن هذا التدخل سيكون في صالح نتنياهو. ولم يستبعد في الوقت نفسه أن تكون مصلحة روسيا في ألا ينتخب نتنياهو، بحيث تكون هناك" سلطة ضعيفة، وإسرائيل تكون أضعف" إلى حين تتشكل حكومة وتسند نفسها بائتلاف لبيد وغانتس وغيرهم.
يشار إلى أن تومر عمل في صفوف الموساد مدة 30 عاما، أشغل فيها منصب رئيس شعبة الاستخبارات في السنوات 2008 حتى 2011، وحتى العام 2013 أشغل منصب رئيس شعبة "العالم" في الجهاز، المسؤولة عن العلاقات الدبلوماسية والاستخبارية. ويعمل اليوم مستشارا في مجال الاستخبارات السيبرانية، وكان له دور في شركة "البعد الخامس"، إلى جانب رئيس أركان الجيش السابق، بيني غانتس، والقائم بأعمال رئيس الموساد سابقا، رام بن باراك. وأغلقت الشركة مؤخرا.