تواصل إسرائيل الانشغال على مدار الساعة بإيران، سواء محليا أو دوليا، وتدمج في ذلك بين القوة العسكرية والهجمات المتكررة على المواقع الإيرانية في سورية، وبين العمل الدبلوماسي والسياسي لزيادة حدة الضغوطات على إيران.
ورغم التقديرات الإسرائيلية التي تستبعد اندلاع حرب شاملة، إلا أن ذلك لم يمنع أصواتا إسرائيلية من التحذير من إمكانية تدهور الأوضاع، نتيجة واقعة تدفع الأوضاع نحو التصعيد، أو نتيجة تصعيد الردود الإيرانية على الهجمات الإسرائيلية، وفقما أشار إلى ذلك الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، مساء الإثنين.
وفي ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سورية، ثمة اعتقاد في إسرائيل أن القوة العسكرية وحدها لا تكفي لإخراج إيران من سورية، وأن هناك حاجة لممارسة ضغوطات سياسية دولية أشد على إيران، الأمر الذي تحدث عنه قائد سلاح الجو الإسرائيلي سابقا، أمير إيشيل.
وتركز المؤتمر السنوي للمعهد لدراسات الأمن القومي، الإثنين، بالشأن الإيراني، كما ينوي رئيس الحكومة الإسرائيلية المشاركة في مؤتمر في وارسو يتركز حول ما يطلق عليه "التهديد الإيراني"، والذي بادر إليه وزير الخارجية الأميركية.
وفي السياق ذاته، ينوي رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، استضافة قمة مجموعة "فيسغراد" (فيشيغراد)، والذي يتوقع أن يتناول إيران ضمن جملة القضايا.
قائد سلاح الجو الإسرائيلي السابق: القوة العسكرية لن تخرج إيران من سورية وإنما روسيا
قال قائد سلاح الجو الإسرائيلي السابق، الجنرال أمير إيشيل، مساء اليوم الإثنين، إنه رغم قوة إسرائيل الكبيرة فإن "قدراتها العسكرية لن تخرج الإيرانيين من سورية".
وعلى خلفية زيارة اثنين من المسؤولين الروس لإسرائيل لمناقشة الأوضاع في سورية، قال إيشيل "لا توجد قدرة عسكرية لإخراج إيران من سورية"، واستدرك أن روسيا هي التي تستطيع ذلك، مضيفا أن "هناك احتمالا كبيرا بأن تنقلب روسيا علينا".
وفي حديثه في المؤتمر السنوي للمعهد لدراسات الأمن القومي الإسرائيلي، قال إيشيل إنه لا يعتقد أن إسرائيل في الطريق إلى الحرب، ولكنه أضاف "أعتقد أنه يجب ألا نوهم أنفسنا، فمن الممكن أن يتطور ذلك، وقد رأينا ذلك في إطلاق الصاروخ على جبل الشيخ".
وتابع أنه "يوجد لإسرائيل القدرة على توجيه ضربة قاسية لنظام بشار الأسد واستقراره، ولكن روسيا ليست معنية بذلك". وأضاف أن إسرائيل تعمل على الجبهة الشمالية أيضا بواسطة "عمليات سرية".
وقال إن "البديل المباشر هو ما نفعله في استهداف التمركز الإيراني ونقل الوسائل القتالية إلى حزب الله، وهناك بديل آخر هو إخراج إيران من سورية. ولكن ذلك لن يحصل بفضل عملية عسكرية، وإنما بواسطة عملية سياسية بقيادة روسيا".
وأضاف أن "التصعيد بشكله الحالي لن يؤدي إلى مواجهة شاملة لأن روسيا لن تسمح بذلك، الأمر الذي سينشئ ميزان ردع متبادل بين إسرائيل وإيران"، مضيفا أن العمليات التي تنفذها إسرائيل ضد إيران تهدف إلى تحريك عملية خلق ضغوطات سياسية واسعة على إيران.
وبحسبه، فإن البديل للوضع الحالي هو "الإمكانية الصفرية بأن تنشط الولايات المتحدة في الساحة الدولية"، ولكنه لا يعتقد أن ذلك سيحصل، مضيفا أن السوريين أيضا لا يريدون "المتفجر الإيراني لديهم".
يشار إلى أنه على خلفية التوتر على الجبهة الشمالية، فقد وصل إلى إسرائيل، اليوم، المبعوث الروسي لشؤون سورية، ألكسندر لافرانتيف، ونائب وزير الخارجية الروسية، سيرجي فيرشنين. ومن المتوقع أن يجتمعا، الثلاثاء، مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو.
وكان المسؤولان الروسيان قد اجتمعا، الإثنين، مع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية.
وتأتي هذه الزيارة في أعقاب التوتر الذي حصل الأسبوع الماضي في العلاقات بين إسرائيل وروسيا، على خلفية هجوم سلاح الجو الإسرائيلي على سورية. ووجهت موسكو تحذيرا لإسرائيل، طالبت فيه بوقف هذه الهجمات.
وعلى صلة، قال الجنرال نيتسان ألون، في المؤتمر ذاته، إن غالبية العمليات العسكرية التي يصادق عليها المجلس الوزاري المصغر هي "لأهداف عملية وموضوعية، وليس لخلق صورة إنجاز، أو لتحقيق أغراض سياسية"، على حد قوله.
ريفلين: إيران قد تصعد من ردها على التدخل الإسرائيلي في سورية
قال الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، بدوره، إنه يتوقع أن تصعد إيران من ردها على التدخل الإسرائيلي في سورية.
وفي المؤتمر للمعهد لدراسات الأمن القومي في تل أبيب، قال ريفلين، إنه يصف الوضع الإستراتيجي لإسرائيل في الفترة القريبة بـ"التصعيد والتعقيد".
وقال أيضا إنه "يبدو أن السقطات الإيرانية على الجبهة الشمالية، والتفاهمات مع الحكومة الروسية ستؤدي إلى لجم إيران في الساحة الإقليمية"، ولكنه أشار إلى "تغيير اتجاه" في الشهور الأخيرة. وأضاف أن هناك من يعتقد أنه تم لجم المخططات الإيرانية في المنطقة بسبب التدخل الإسرائيلي، ولكنه يعتقد أن إيران سوف تصعد من ردودها في الشمال، في سورية ولبنان.
وأضاف أن الجهود الإيرانية تتصل أيضا بالساحة الدبلوماسية العالمية، كما أن "استمرار التجارب على الصواريخ البالستية، والمؤامرات التي تخرج من طهران باتت محط خلاف مع الدول في الاتحاد الأوروبي"، على حد قوله.
"أوروبا تقترب من إسرائيل بشأن إيران"
وبحسبه، فإن هذا الموضوع قد ناقشه في لقائه مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي. وقال إنه يشعر أن الأوروبيين يتقربون من إسرائيل في تفكيرها حيال إيران، مضيفا أن الصورة في الساحة الدولية أكثر تعقيدا، فهي تتحرك بين الرغبة في الحفاظ على الاتفاق النووي، وبين النية لوضع خطوط حمراء صارمة لإيران يجعلها تدفع ثمنا باهظا إذا تجاوزتها.
وقال أيضا إن إسرائيل قوية، وإن الثروات الدبلوماسية والإستراتيجية التي بنتها خلال سبعة عقود واجهت تحديات كبيرة، وإنها ترد على التهديدات من الخارج والتحديات من الداخل، في حين أن "إيران تتغذى من الفراغ السلطوي في سورية، والضعف البنيوي للحكومة اللبنانية، وانسحاب القوى الديمقراطية من الشرق الأوسط".
"هناك حاجة لمبادرة سياسية إقليمية"
وقال أيضا إنه "يجب أن نعيد حلفائنا إلى المنطقة، ربما في إطار مبادرة سياسية إقليمية. الوضع الراهن في الساحة الفلسطينية لا يخدم إسرائيل. يجب بناء الثقة مع الفلسطينيين. لنتحدث عن أمور يمكن حلها، وليس عن أمور تشغلنا 150 عاما ولا يمكن حلها في لحظة. التفاهمات التي تتجاوز الأحزاب والكتل لا تؤدي إلى خسارة مصوتين، فمنذ مطلع الصهيونية وحتى يومنا كانت إسرائيل المبادرة هي إسرائيل المنتصرة". على حد قوله.
وتطرق ريفلين إلى التوتر على الحدود مع قطاع غزة في الشهور العشرة الأخيرة، وقال "إذا كان ذلك في الماضي يتجلى في إطلاق الصواريخ، ففي السنة الأخيرة أضيف إليه المظاهرات على السياج الحدودي، وإطلاق الطائرات الورقية الحارقة. وتابع أن "الصراع الداخلي بين حركتي فتح وحماس، وقرار محمود عباس فرض عقوبات على قطاع غزة دفع إسرائيل إلى اتخاذ القرارات الأقل سوءا".
وأضاف أن الحل العسكري لوحده لن يؤدي إلى تحسين الأوضاع للمدى البعيد في المنطقة، وإنما "الدمج بين القوة العسكرية والتسهيلات الجزئية، والدبلوماسية المصرية". وبحسبه، فإن إسرائيل كانت تريد أن تعود السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، ولكن في الوضع القائم، فإنها تتخذ القرارات بناء على المصالح الفورية، حتى لو تعارضت مع الرؤية المستقبلية.
وقال أيضا إن "التعقيدات إزاء حركة حماس لن تزول، فروحها وعناصرها ينتقلون إلى الضفة الغربية بشكل مقلق. وإذا كان ينظر إلى حماس كتهديد، فإن قطاعات من الشعب الفلسطيني وقيادته يرون أنه قد تكون طريق حماس هي الحل. هذا التوجه الجديد ينشئ تعقيدات حقيقية أمام إسرائيل".
نتنياهو يشارك في المؤتمر الدولي وارسو ضد إيران
من المتوقع أن يشارك رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في مؤتمر ضد إيران سيعقد في العاصمة البولندية، وارسو، بعد أسبوعين.
ونقلت "شركة الأخبار" الإسرائيلية (القناة 13) عن مسؤول إسرائيلي قوله إن إسرائيل أطلعت الحكومة البولندية والإدارة الأميركية بشكل رسمي بنية نتنياهو المشاركة في المؤتمر.
ومن المتوقع أن يشارك في المؤتمر وزراء خارجية عدد من الدول الخليجية، بينها السعودية والإمارات والكويت وعمان.
كما يتوقع أن يكون نتنياهو أحد الخطباء المركزيين في المؤتمر. وبحسب "شركة الأخبار" فإنه ينوي إلقاء خطاب يشن فيه هجوما حادا على إيران.
وكان وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، الذي بادر إلى عقد المؤتمر، قد صرح، قبل بضعة أسابيع، أن المؤتمر سيتركز في ما أسماه "التهديد الإيراني"، الأمر الذي دفع كل من روسيا والصين إلى الإعلان عن مقاطعة المؤتمر، كما دفع الدول الأوروبية العظمى إلى الإعلان عن إيفاد مستوى أقل من وزراء خارجية. ومنذ ذلك الحين تحاول واشنطن وبولندا التهدئة، والادعاء بأن المؤتمر سيتركز على الأمن في الشرق الأوسط بشكل عام، وليس بإيران بالذات.
وفي هذا الإطار، قال نائب مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، جوناثان كوهين، إن المؤتمر ليس بهدف "تشويه سمعة إيران"، وذلك في أعقاب تغريدة لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، وصف فيها المؤتمر بأنه "سيرك معاد لإيران".
ودعا كوهين إلى المؤتمر كـ"لقاء لعصف الأدمغة بهدف رسم بنية تحتية أمنية أوسع"، وشدد على أنه "ليس هيئة لمناقشة الادعاءات المعارضة للاتفاق النووي مع إيران"، مضيفا أنه بالرغم من معارضة واشنطن للاتفاق النووي، فإنها تحترم الدول الأخرى التي قررت دعم الاتفاق، وإن "المؤتمر لا يهدف لتشويه سمعة إيران أو مهاجمتها".
ترسيخ العلاقات مع مجموعة فيسغراد
إلى ذلك، من المقرر أن يتوجه نتنياهو من وارسو إلى ألمانيا للمشاركة في مؤتمر الأمن السنوي، وبعد ذلك يعود إلى البلاد لاستضافة قمة مجموعة "فيسغراد" (فيشيغراد)، التي تضم هنغاريا وبولندا وسلوفاكيا والتشيك.
يشار إلى أن مجموعة فيسغراد تضم أربع دول في وسط أوروبا تعارض مركبات كثيرة في السياسة الداخلية والخارجية للاتحاد الأوروبي.
ويعمل نتنياهو على ترسيخ العلاقات مع دول هذه المجموعة، وذلك لاستغلالها كرافعة معارضة لقرارات الاتحاد الأوروبي ضد إسرائيل، وخاصة ما يتصل منها بالاحتلال والاستيطان وحقوق الشعب الفلسطيني، إضافة إلى إيران.