الاربعاء 13 فبراير 2019 19:39 م بتوقيت القدس
أحيى العراقيون اليوم الذكرى الثامنة والعشرين لواحدة من أفظع المذابح التي شهدتها بغداد خلال حرب الخليج الثانية عام 1991، حين قصفت الطائرات الأميركية بقنابل غير تقليدية ملجأ العامرية الذي احتمت فيه عشرات العائلات، ما أدى إلى مقتل أكثر من 400 مدني بينهم 261 امرأة و52 طفلاً، إلا أن الحصيلة ارتفعت بعد أشهر إذ توفي أغلب من أخرج من الملجأ، وكان أصغرَ الضحايا رضيعٌ عمره 7 أيام، وأكبرَهم شيخٌ بعمر 83 عاما.
ورغم تكرار المآسي على العراقيين خلال العقود الثلاثة الماضية، إلا أن المجزرة ما زالت تحفل باهتمام واسع، ويحيونها كل عام من مختلف طوائف العراق وقومياته.
كما شهدت منصات التواصل الاجتماعي اليوم الأربعاء، إحياءً واسعاً لذكرى جريمة ملجأ العامرية، في حي العامرية غربي العاصمة بغداد الآهلة بالسكان، خلال حرب الخليج الثانية، وكان الخوف يومها من القصف الأميركي على بغداد يدفع بالعوائل العراقية للمبيت داخل الملاجئ المخصصة للمدنيين، ومنها ملجأ العامرية الذي اختلطت به مشاهد الموت بأبشع صوره.
أم عمر (67 عاما)، شاهدة على تلك الليلة المروعة، التي كانت آخر صلة لها بأولادها الثلاثة، وقالت في حديث صحفي معها: “لم يكن فيلم رعب، بل كان مشهدا للإجرام بحق الإنسانية جمعاء، ففي تلك الليلة القارسة البرد لم أكن أعلم أنّها آخر اللحظات التي أرى فيها أطفالي الثلاثة عمر وسعد ورعد، كنا داخل الملجأ وهم يلعبون بعيدا عنّا بمسافة لا تزيد عن 40 إلى 50 مترا مع أصدقائهم بإحدى زوايا الملجأ”.
تمسح دموعها التي لم تتوقف عن الانهمار، وتضيف: “بلحظة اختفى كل شيء لا نعرف ما الذي حدث، فالدخان والصراخ والأصوات التي تصدر من كل مكان وحالة الذهول أنستنا كل شيء، حتى لم نعرف ما الذي حدث”، مبينة أن “حالة الذهول أنستنا كل شيء حتى أطفالنا، لا أتذكر سوى الدخان والنار والضجيج وأصوات الصراخ، وبعدها اختفى كل شيء”.
وتابعت: “صحوت وأنا في المستشفى، لكن لم أجد أطفالي الثلاثة، فقدتهم إلى الأبد، ولم أجد حتى بقاياهم، وها أنا أستعيض عنهم بذكريات بالكاد أتشبث بها حتى لا تطير هي الأخرى مني، وأزور قبورهم كل يوم جمعة رغم أني لا أراهم لكني أشم رائحتهم وتساعدني على تذكر أصواتهم وضحكاتهم”. وأضافت: “أصبحت تلك الليلة قصة دموية نرويها للأطفال، أصبحت شاهدا على إجرام أميركا التي قتلت وأحرقت أطفالنا”.
ولم تكن تلك الليلة مفزعة في ملجأ العامرية فحسب، بل كانت مرعبة في عموم بغداد، فأطباء مستشفى اليرموك التي تبعد نحو 5 كيلومترات عن الملجأ رووا مشاهد الجثث والأشلاء، والجرحى، التي لم تفارق ذاكرتهم.
وقال الطبيب، باسم أحمد، في تصريحات صحفية: “في تلك الليلة لم تتسع المستشفى التي استنفرت كافة كوادرها لاستقبال الجثث وأجزاء الجثث والجرحى. كانت سيارات الإسعاف تنقل إلينا الجرحى المشوهين، وأخرى تنقل القتلى إلى الطب العدلي في المستشفى، كان أغلب الجرحى محترقين بالكامل، ومات كثيرون منهم داخل المستشفى”.
وتابع: “لم نستطع تقديم شيء لهم، أنقذنا عدداً قليلاً ممن أمكن علاج إصاباتهم”، مشيرا إلى أنّ “تلك الليلة لا يمكن نسيانها أبدا، كان الجرحى والمشوهون من الحروق يملأون ردهات المستشفى وأرضها، والكل يصرخ ألما ورعبا”.
وعلى منصات التواصل، حفلت تعليقات العراقيين واستذكارهم المذبحة بوسم #ملجأ_العامرية.
وقالت ريما وهي ناشطة عراقية: “كي لا ننسى جرائم أميركا، في مثل هذا اليوم 13 شباط 1991 قتلت القوات الأميركية (408) عراقيين حرقاً داخل#ملجأ_العامرية في بغداد بينهم 261 امرأة و52 طفلاً.
ويقدر عدد ضحايا الملجأ بأكثر من 400 قتيل، ولم يعثر على أشلاء أغلبهم، لأنها تحولت رمادا بفعل القصف والنار. وقصفت طائرتان أميركيتان الملجأ بصاروخين ذكيين، تسببا بمقتل 408 مدنيين، لم يعثر على جثث أغلبهم. وبررت الولايات المتحدة الأميركية الهجوم حينها، بأنّه استهدف مراكز قيادية في العراق.