حاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضم مناطق الأغوار الفلسطينية بطرد سكانها الذين يسجلون قصة صمود تتعدى العيش تحت قسوة بيوت الصفيح.
تشكل مساحة الأغوار 28% من الضفة الغربية، وتحاول سلطات الاحتلال إخلاء التجمعات البدوية تمهيدا لضمها الى إسرائيل. ويحظر على التجمعات البدوية البناء بما فيها بناء بيوت الصفيح واقامة الخيام والعرائش، حيث لا تتوقف جرافات الاحتلال عن هدم هذه المساكن التي لا تكاد تقي قاطينها من حر الصيف وبرد الشتاء.
في منطقة رأس الأحمر في الأغوار الشمالية، هدمت الثلاثاء، جرافات الاحتلال 8 مساكن من الصفيح لعائلة بني عودة بزعم البناء غير مرخص على أراضي الدولة، وهي حجة تستخدمها سلطات الاحتلال لتبرير عمليات الهدم والطرد، “لكن العائلة التي سبق أن هدمت قوات الاحتلال مساكنها ثلاث مرات ستعيد نصب بيوتها مرة أخرى، وستعود الجرافات في اليوم الثاني لتقوم بعملية الهدم، فهنا معركة وجود من أجل الأرض”، كما تقول العائلة في تصريحات صحفية.
ويضيف صاحب المنزل ابو محمد “خسرنا اليوم كل شيء، هدموا مساكننا وحظائر الأغنام، وعمدوا إلى تخريب الملابس والفراش، لكنهم لن يقتلعونا من المكان، فنحن موجودون قبل الاحتلال”.
ويقول معتز بشارات وهو أحد سكان التجمع وناشط ضد الاستيطان، في حديث معه “أن نحو 23 عائلة بقيت في تجمع خربة رأس الأحمر من أصل 76 عائلة لم تتحمل اجراءات الاحتلال وعمليات الهدم المتكررة والإبعاد”.
واوضح انه منذ 5 سنوات أعلنت سلطات الاحتلال منطقة الرأس الأحمر التي تمتد على مساحة 15 ألف دونم منطقة عسكرية مغلقة ويحظر الدخول والبناء عليها، ومن حينها أخطرت جميع السكان بالترحيل وبهدم منشآتهم ومنازلهم، لذلك في أي لحظة قد تأتي الجرافات لتهدم ما تبقى بالتجمع الذي يفتقر الى كل مقومات الحياة.
وتابع، تضطر العائلات المحرومة من خطوط الكهرباء والماء، السير على الاقدام أو استخدام “الدواب” لتوجه للقرى الأقرب بغية تأمين احتياجاتهم المعيشية والطبية ،عقب منع سلطات الاحتلال استخدام السيارات والآليات الزراعية في المنطقة، حيث تقوم بمصادرة وفرض غرامات مالية باهظة على مستخدميها وهو ما زاد من عزلة المنطقة.
وتسعى اسرائيل الى ترحيل التجمعات الفلسطينية في الأغوار، وهي تجمعات سكانية بدائية يحظر فيها البناء لغايات استيطانية واقتصادية، بالمقابل تقيم اسرائيل في الأغوار عشرات المستوطنات الزراعية التي تدر عليها ملايين الدولارات.
وخلال السنوات الماضية كثفت إسرائيل عمليات الهدم والطرد وتسليم الإخطارات للبدو، وتحاول نقل السكان إلى “كرفانات” ضمن خطة أطلق عليها إعادة التموضع للبدو المنتشرين في مناطق “سي”، ونقلهم الى تجمعات بالقرب من منطقة العيزرية شرقي القدس، ومنطقة بالقرب من أريحا بجوار تجمع النويعمة.
وتستخدم إسرائيل المناطق التي يقطنها بدو ومزارعين في الاغوار الشمالية إلى ساحات لتدريب قواتها، وهو ما يعرض حياة المواطنين للخطر، حيث قتل خلال السنوات الماضية رعاة أغنام جراء انفجار ألغام أرضية وضعها جيش الاحتلال ضمن تدريباته العسكرية، ورحل عشرات العائلات بذريعة التدريبات.
وقالت وزيرة العدل الإسرائيلية ايليت شاكيد إن إسرائيل ستسعى لضم مناطق “سي” بما فيهم نصف مليون فلسطيني وخاصة مناطق الأغوار خلال المرحلة المقبلة.
ويقول رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وليد عساف، في حديث معه: هناك مخططا يعتبر منطقة الأغوار الحدود الشرقية لإسرائيل ومن حينها لا تسمح للسكان بالبناء في معظم المناطق المصنفة “سي” داخل حدود الاغوار، وتقوم بشكل دوري بهدم التجمعات الفلسطينية الموجودة بالمنطقة، حيث هدمت العام الماضي أكثر من 500 مسكن في الأغوار ومناطق “سي”.
واشار الى ان اسرائيل تقوم بعملية تهجير ناعمة للتجمعات السكانية في الأغوار واراضي “سي” لصالح بناء المستوطنات من خلال هدم منازلهم ومنعهم من البناء، حيث تسعى الى تهجير 135 قرية وتجمع يمتد على السفوح الشرقية للأغوار امتدادا الى منطقة الخان الأحمر.
ولفت ان مخطط التهجير فشل بعد إصرار السكان وقيام منظمات دولية بإعادة بناء كل مسكن يتم هدمه، لذلك انتقل الحديث الى خطة اخرى وهي خطة تقع ضمن مخطط “صفقة القرن” تقوم على ضم مناطق “سي” مع السكان ، وهو المخطط الذي أعلنت عنه بشكل واضح وزيرة العدل الإسرائيلية شاكيد، لافتا ان هذا المخطط يسعى الى ضم 75% من الضفة الغربية بما فيها مناطق “ب” ويعيش داخلها نصف مليون فلسطيني، بينما سيتم منح نحو 100 تجمع فلسطيني غير متصل حكم ذاتي على أن تقوم الدولة في قطاع غزة.