الجمعة 17 مايو 2019 19:10 م بتوقيت القدس
خلال اجتماعهم المسائي اليومي، يخرج ستّة أساتذة هنود متقاعدون بتوقعات قاتمة حول مصير أقليتهم المسلمة، في حال فاز رئيس الوزراء القومي الهندوسي، ناريندرا مودي، بولاية ثانية.
ومن مدينة أعظم كره في ولاية أتر براديش، شماليّ الهند، والتي ارتبط اسمها منذ القدم بشعراء وأكاديميين مسلمين، يقول محي الدين آزاد "نحن على وشك التحول إلى مواطنين درجة ثانية".
ويرى هذا الأستاذ السابق للغة العربية "إذا نجح مودي بتولي السلطة من جديد، فإننا سنضيع"، وذلك فيما يخوض هذا البلد العملاق في جنوب آسيا منذ منتصف نيسان/ أبريل الماضي انتخابات تشريعية تنتهي بعد غدٍ، الأحد، دعي للاقتراع فيها نحو 900 مليون ناخب. على أن يتم فرز الأصوات في 23 أيّار/ مايو.
ووصل القوميون الهندوس من حزب ناريندرا مودي "بهاراتيا جناتا" (بي جي بي) إلى السلطة في الهند عام 2014، وهم يأملون في الفوز بولاية ثانية من خمس سنوات في هذه الانتخابات الضخمة، الأكبر في التاريخ. وتقوم الركائز الفكرية لهؤلاء على أيديولوجية التفوق الهندوسي في أمّةٍ شديدة التعددية.
ويؤكد، من جهته، أستاذ الكيمياء السابق، حسن خالد عزمي، أن "الولاية الأولى بالنسبة لحزب ’بهاراتيا جناتا’ كانت مرحلة تجريبية. وعندما يعودون للسلطة، سيعمدون إلى تنفيذ برنامجهم المجهز منذ وقت طويل".
ويشكّل الهندوس 80% من 1.3 مليار هندي، فيما تضم الهند ثاني أكبر مجتمع مسلم في العالم، حيث يبلغ عدد المسلمين فيها 170 مليون نسمة.
ومنذ وصول ناريندرا مودي إلى السلطة قبل خمس سنوات، تشعر هذه الأقلية بالتهديد. وأعيدت تسمية مدن عديدة كانت أسماؤها مستوحاة من التراث الإسلامي المغولي، وعدّلت عدّة كتب مدرسية من أجل تقليص إسهامات المسلمين في تاريخ الهند.
وبين أيّار/ مايو 2015 وكانون الأول/ ديسمبر 2018، قتل 44 شخصًا أكثريتهم مسلمون في عمليات ضرب حتى الموت نفذتها حشود غاضبة دفاعًا عن عبادة البقرة، الحيوان المقدّس لدى الهندوس، بحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش".
ولم يعرب المسلمون في الهند، سابقًا، عن رغبتهم في تأسيس حزب قائم على معتقدهم، على اعتبار أن الأحزاب الموجودة أصلًا يمكنها تمثيلهم. لكن هذا الاعتقاد قد يتغير.
ويشرح أسد الدين أويسي، وهو أحد أكثر النواب المسلمين شهرةً والنائب الوحيد عن حزبه "آل إينديا مجلس اتحاد المسلمين"، أن "المسلمين لم يعرفوا زعيمًا يقودهم منذ الاستقلال" عن الاستعمار البريطاني في عام 1947.
ويتابع أن الكتل السياسية الرئيسية في الهند لا تسمح للمسلمين بالارتقاء في صفوفها، ويرى أن هذه الظاهرة مقلقة لمستقبل الديموقراطية في الهند، ويضيف "الديموقراطية الناجحة في الهند هي ديموقراطية المشاركة وليست ديموقراطية الأغلبية".
ويضم البرلمان المنتهية ولايته 24 نائبًا مسلمًا من أصل 545 نائبًا، وهو أدنى عدد نواب مسلمين منذ الاستقلال.
ولم يرشح حزب "بهاراتيا جناتا" سوى سبعة مسلمين كما فعل في عام 2014، وحينها لم ينجح أحد منهم في الوصول إلى البرلمان، بينما رشح حزب المعارضة الأساسي "المؤتمر الوطني الهندي" برئاسة راهول غاندي 30 مسلمًا.
وفي الانتخابات المحلية في عام 2017، لم يرشّح حزب مودي أي مسلم في أتر برديش وهي أكبر ولايات الهند من حيث عدد السكان، إذ تضم 220 مليون نسمة، 20% منهم مسلمون.
والحاكم الحالي للولاية، هو الراهب الهندوسي الراديكالي، يوغي آديتياناث، ويدلي الأخير مرارًا بتصريحات معادية للمسلمين ويرى البعض أنه قد يتولى في المستقبل منصب رئاسة الوزراء.
اقرأ/ي أيضًا | الانتخابات الهندية مستمرة: مودي يؤجج الشعور القومي للفوز
ولقلقه من الظهور كشديد التأييد للمسلمين، حاول حزب المؤتمر المعارض أيضًا استقطاب الهندوس. وقام رئيسه، راهول غاندي، بعدة زيارات لمعابد هندوسية خلال حملته الانتخابية أظهر فيها تفانيه الديني.
ويرى المسؤول الديني المحلي في ولاية أعظم كره، سرفار أحمد أن التهميش السياسي للمسلمين تمّ تدريجيًا وخلال ولايات الحكومات المتلاحقة، ويؤكد لوكالة فرانس برس "عاملونا كأننا قتلة أطفال وإرهابيون ودخلاء وغير وطنيين خلال الولايات المختلفة في الهند بعد الاستقلال".
وتضمّ أعظم كره البالغ عدد سكانها 450 ألف نسمة 15% منهم مسلمين، جامعةً رائدة في الدراسات الإسلامية، لكن المنطقة باتت سيئة السمعة في أواخر أعوام الـ2000، لاحتوائها على خلية إسلامية مفترضة، اتهمت بالمسؤولية عن تفجيرات دامية في كافة أنحاء البلاد.
ويقول الطالب رضوان أشرف إنّ هذا الحدث أسهم بشدّة في مفاقمة الانقسامات بين الطوائف المختلفة في أعظم كره، ويضيف "مساحة عملنا السياسي تقلصت تلقائيًا. من يصوت للمسلمين ومن يتحالف معهم فيما يجري تقديمهم كإرهابيين عنيفين؟"، ويؤكد "بات أن تكون مسلمًا في الهند بمثابة فضيحة. الجميع يريد تجنبنا".