السبت 22 يونيو 2019 17:09 م بتوقيت القدس
قال مستشرق إسرائيلي إن “الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي متورط في عدد من المشاكل الإقليمية العالقة، ومنها الصراع على السلطة الحاصل في جارته الجنوبية السودان، وتقوية وضع الجنرال خليفة حفتر في جارته الغربية ليبيا، وربما يدخل في وساطة بين السعودية وإيران في منطقة الخليج”.
وأضاف تسفي بارئيل الخبير المخضرم في الشؤون العربية بمقاله التحليلي بصحيفة هآرتس، أن “مصر تخوض مع حليفتيها السعودية والإمارات العربية المتحدة صراعا قويا لوضع نظام حكم في السودان تابع لها، في ظل المساعدات السياسية والدبلوماسية والأمنية التي توفرها للعسكر السودانيين، وعلى رأسهم الجنرال عبد الفتاح برهان، وقيامه بزيارة للقاهرة كي يتعلم من السيسي كيفية فض الاعتصامات المدنية”.
الكاتب الذي أصدر مذكراته الصحفية في كتاب يلخص جولاته وزياراته في دول المنطقة مثل مصر، الأردن، تونس، المغرب، تركيا، العراق، يقول إن “القاهرة والرياض وأبو ظبي تضغط على الجنرالات السودانيين بعدم الخضوع للمتظاهرين، وتفريقهم بالقوة، واتباع ذات الطرق التي انتهجها السيسي لتثبيت حكمه في مصر، لأن هناك مصلحة لهذه الدول الثلاث لبقاء حكم المجلس العسكري السوداني”.
أما في ليبيا، فقال بارئيل، محلل شؤون الشرق الأوسط وعضو هيئة تحرير هآرتس، وعمل مراسلا للصحيفة في واشنطن والمناطق الفلسطينية، أن “مصر والإمارات تعملان لتثبيت وضع الجنرال حفتر الذي يهدد، دون نجاح، باحتلال العاصمة طرابلس، ويعمل مستشارون عسكريون مصريون وإماراتيون بجانبه، ويقوم عادة بزيارة القاهرة للتشاور مع السيسي، وباتت القاهرة العنوان المركزي لما يريد الغرب إيصاله من رسائل إلى حفتر”.
وأوضح أنه “في ظل الصراعات الداخلية الناشبة في المنطقة، مثل الحرب في سوريا، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي التي تعمل على تشتيت الدول العربية، فإن الترويكا العربية اليوم المكونة من مصر والسعودية والإمارات باتت تشكل عنصر تأثير إقليمي واضح في المنطقة، رغم أنها ليست في عداد الحلفاء السياسيين والعسكريين الدائمين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط”.
وكشف بارئيل، المحاضر بالكلية الأكاديمية سافير وجامعة بن غوريون، أن “السعودية تعاني زعزعة وضعها في واشنطن، خاصة من الكونغرس والرأي العام، مما دفعها لإقامة علاقات متنامية مع الصين وروسيا، والإمارات تسعى لمنافسة قطر في الولايات المتحدة، ولا تثق كثيرا في الرئيس ترامب، والقاهرة مرهونة اقتصاديا بالرياض وواشنطن، لكنها مؤخرا باتت تشتري أسلحة من موسكو، وبكين تستثمر في مشاريع مصرية كبيرة”.
وأكد بارئيل، الباحث في السياسة والثقافة الشرق أوسطية، أن “ترامب يعتبر رئيسا ممتازا لهذه الدول الثلاث: مصر والسعودية والإمارات، لكنها تتجهز لليوم الذي لا يصبح فيه رئيسا أمريكيا خلال عامين بعد الانتخابات الرئاسية القادمة”.
وأشار إلى أنه “فيما يتعلق بالتوتر السعودي الإماراتي مع إيران، فإن السياسة المصرية تبدو لهما ليست كما يجب، مما يدفع للأخذ بجدية التقارير التي تتحدث عن وساطة قد تقودها القاهرة بين الرياض وطهران، لكن الأمر مرهون بالرغبة السعودية”.
وعند الحديث عن الدور المصري في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يقول الكاتب إنه “تقلص في السنوات الأخيرة ليصبح عبارة عن مشاورات مكوكية حول تحقيق تهدئة بين حماس وإسرائيل، أما السعودية فتقود جهود إنجاح صفقة القرن لتسوية هذا الصراع، حيث أخذت على عاتقها دور الضغط على الفلسطينيين لقبول الصفقة، ومحاولة تجنيد الأردن لصالحها من خلال التحضير لقمة البحرين التي ستنعقد بعد أيام قليلة”.
وختم بالقول إن “قمة البحرين تحولت مع مرور الوقت إلى حدث قليل الأهمية، وذي جانب استعراضي، فالفلسطينيون لن يأتون، والأردن يعيش تحت ضغط شعبي يتنامى، في حين تبدو مصر الشريكة الوحيدة في هذه العملية”.
ينتقل بارئيل، للحديث إلى الشؤون المصرية الداخلية بالقول إنه “وسط كل هذه الانشغالات التي ينخرط فيها السيسي أتت وفاة الرئيس السابق محمد مرسي، التي قد تشكل للنظام المصري قضية مماثلة لجريمة قتل الصحفي السعودي خاشقجي الذي تورط فيه النظام الحليف للسيسي في السعودية، بجانب الإدانات الدولية بسبب الجنازة الصامتة التي فرضتها السلطات المصرية للرئيس الراحل”.
وأوضح بارئيل، أن “تبعات وفاة مرسي دفعت وزير الخارجية سامح شكري ليصبح رأس حربة لتفنيد الاتهامات التي يتلقاها النظام المصري أمام العالم، والسبب واضح، أنه في حال تم العثور على دليل أو إثبات بقتل مرسي، فسيكون له تبعات خطيرة على العلاقات المصرية الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة”.
إن “مصر قد تجد نفسها تحت طائلة العقوبات التي تعانيها السعودية اليوم، مثل منع بيعها السلاح عقب مقتل خاشقجي، وربما تعيد العديد من المؤسسات الدولية المانحة النظر في تقديم مساعداتها لنظام السيسي في حال ثبوت تورطه في جريمة قتل مرسي”.