قال جنرال وسياسي إسرائيلي إن “الجهود التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في هذه المرحلة من خلال تصديره للحل الاقتصادي مع الفلسطينيين، إنما يعيد ذات الأخطاء التي ارتكبها الإسرائيليون بعد توقيع اتفاق أوسلو مع الفلسطينيين في 1993”.
وأضاف عامي آيالون الرئيس الأسبق لجهاز الأمن العام الشاباك في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت، أن “المحاولات المستميتة التي تبذلها الإدارة الأمريكية لعقد قمة البحرين الاقتصادية الأسبوع القادم باعتبارها خطوة أولى لإعلان صفقة القرن تتصدر عناوين الأخبار.
لكننا حين نقترب منها أكثر فأكثر سنكتشف كم أن هذه الصفقة تحمل مخاطر كبيرة ودامية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأوضح أيالون، وهو وزير سابق وعضو كنيست عن حزب العمل، أن “هذه المخاطر كفيلة بتحذير الجانبين، الفلسطينيين والإسرائيليين، من المطلعين على تاريخ هذا الصراع منذ عقود طويلة، خاصة الأعوام الثلاثين الأخيرة.
على أن دعوة ترامب لتصدر الحل الاقتصادي لجهوده الجارية لحل الصراع عبر قمة اقتصادية هي تكرار بائس لفشل سابق، وإخفاق قديم جديد لمصطلحات السلام الاقتصادي والشرق الأوسط الجديد”.
وأكد أيالون، القائد السابق لسلاح البحرية، الحاصل على وسام الشجاعة، وخاض حرب 1973، وهو أول رئيس للشاباك تم الكشف عن اسمه، أن “البدء بهذه العملية المعقدة عبر الزاوية الاقتصادية ليس خطأ تكتيكيا حول إدارة الحوار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي فحسب، بل خطأ استراتيجي مدمر وكارثي.
ولو تعمق ترامب وطاقمه بقراءة تاريخ مفاوضات الفلسطينيين والإسرائيليين، لفهموا أن الحديث عن إنعاش اقتصادي قبل إيجاد حلول لقضايا الصراع هو محاولة للضحك على الفلسطينيين، ونقص فادح لفهم تطلعاتهم الوطنية”.
وأشار آيالون، الذي وضع مع سري نسيبة السياسي الفلسطيني صيغة لحلّ القضية الفلسطينية، حملت اسميهما، أنه “لو كان بالإمكان منذ زمن أن نشتري من الفلسطينيين هذه التطلعات والطموحات من خلال وعود اقتصادية لحصل ذلك مع انطلاق هذه العملية منذ البداية، لكنه لم يحصل.
ما يؤكد أن العودة لهذه الطريقة لا ينم فقط عن غياب البعد الأخلاقي للإدارة الأمريكية، وإنما انعدام الجاهزية اللازمة”.
وأضاف أننا “رأينا نتائج هذا التفكير الخاطئ في زمن اتفاق أوسلو، فالفروقات بين الاتفاقين اللذين تم التوصل إليها آنذاك كانت كبيرة وهائلة، وأقصد اتفاق باريس الاقتصادي واتفاق القاهرة الأمني، لأنهما لم يتطرقا للقضايا اللباب الجوهرية.
ما أدى في النهاية لإعلان فشل العملية برمتها، وعلى المدى البعيد اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية، التي لم تنشب على خلفية اقتصادية، بل لغياب الأفق السياسي الذي لم يكن واضحا”.
وأوضح أن “هذا الخطر الكبير الذي يقف أمام الأطراف بهذه المرحلة، مما يجعلنا نرى في محاولات ترامب الإعلاء من شأن البعد الاقتصادي على نظيره السياسي مع الفلسطينيين استنساخ جديد لإخفاقات سابقة.
ولذلك لا معنى لأي تحركات أو قمم إن لم يكن الهدف النهائي المرجو الوصول إليه واضحا، وهذا الهدف من وجهة نظر الفلسطينيين وإسرائيل يجب أن يكون إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية مع تبادل أراضي”.
وختم بالقول أنه “دون أن يتفق الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، ومعهما الوسيط الأمريكي، على هذا الهدف بوضوح وجلاء، فلن تسفر الجهود الجارية في هذه الآونة عن نتائج تذكر”.
وأكد أن “الطريق إلى جهنم مفروشة بالنوايا الحسنة، ولذلك فإن السلوك الذي يقوم به ترامب وبنيامين نتنياهو باستمرار باتهام الفلسطينيين بأنهم رافضي سلام سيؤدي في النهاية لأن تشهد المنطقة كلها تصعيدا طويل المدى سيتسبب بإبعاد الجانبين عن الجلوس على طاولة الحوار.
ما يتطلب التحرك للحيلولة دون سفك جديد للدماء، والطلب من ترامب التنازل عن خطته الاقتصادية، وإلا فإننا سندخل في دوامة دامية مع الفلسطينيين”.