تأتي الذكرى السادسة للانقلاب العسكري في مصر وسط معاناة متزايدة للمواطنين من موجات غلاء متتالية وأزمات معيشية عديدة. ويتزامن ذلك مع مؤشرات اقتصادية سلبية خلال سنوات ما بعد الانقلاب ومنها تراجع سعر العملة المحلية وارتفاع عجز الموازنة وتفاقم الديون المحلية والخارجية إلى مستويات قياسية، كما يتزامن مع زيادات هذه الأيام في فواتير الكهرباء والوقود والخط الثالث لمترو الانفاق.
وحسب مراقبين، كانت هناك بعض المؤشرات الإيجابية مثل ارتفاع الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي، إلا أنهم قالوا إنها جاءت عبر القروض والاستدانة والتي رفعت حجم الدين الخارجي لنحو 105 مليار دولار، ولم تأت عبر الموارد الذاتية وأنشطة الصادرات والسياحة وتحويلات المغتربين والاستثمارات المباشرة.
كما أشاروا إلى تحسن جودة العديد من الخدمات حيث اختفت على سبيل المثال ظاهرة انقطاع الكهرباء كما توفرت معظم السلع الضرورية في الأسواق إلا أن أسعارها تضاعف مرات عدة، وسط توقعات بمواصلة موجات الغلاء طريقها في ظل البرنامج الإصلاحي الذي تقوم به الحكومة حسب اتفاقها مع صندوق النقد الدولي.
وبعد الزيادة الكبيرة في فاتورة الكهرباء رسميا بداية من هذا الشهر، تتأهب الحكومة لزيادة جديدة في أسعار الوقود ما أثار سخطاً واسعاً ومكتوما في الشارع المصري.
ومع حلول الذكرى السادسة للانقلاب ينتظر المصريون زيادة في سعر لتر البنزين 92 إلى 8 جنيهات، وبنزين 80 لنحو 7 جنيهات، والسولار المستخدم في سيارات الأجرة التي يعتمد عليها قطاع عريض من المصريين إلى 7 جنيهات وسط توقعات بارتفاع في كافة أسعار السلع الأخرى وأجرة النقل.
ودشنت العديد من الصحف والمواقع الإخبارية الحكومية أو المقربة من النظام، حملة واسعة النطاق على مدار الساعات الماضية، للترويج لأهمية إسراع الدولة في رفع الدعم عن أسعار المواد البترولية، استكمالاً لإجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي، بذريعة توجيه تلك الأموال لصالح ملف العدالة الاجتماعية، في إطار تحسين أوضاع المستحقين والأولى بالرعاية.
وكما جرت العادة قبل تطبيق أي زيادة لأسعار الوقود، نشرت تلك الصحف العديد من التقارير حول ارتفاع تكلفة دعم المواد البترولية بسبب زيادة الأسعار العالمية للنفط، في تمهيد لاتخاذ الحكومة قرار الزيادة المرتقب، أملاً في حصولها على ملياري دولار قيمة الشريحة الأخيرة من قرض صندوق النقد الدولي.
ونشرت صحيفة “اليوم السابع”، تقارير عدة حول وصول قطار ترشيد الدعم إلى محطته الأخيرة، حملت عناوين منها “الشريحة الأخيرة لترشيد دعم الوقود… وداعا للإهدار”. كما نشرت صحيفتا “الأهرام” الحكومية و”الوطن” الخاصة الموضوع ذاته بنفس العناوين والمتن.
وتعد الزيادة الجديدة المرتقبة للوقود هي الخامسة منذ الانقلاب العسكري، إذ جاءت أول زيادة لأسعار الوقود عقب ثورة 25 يناير 2011، في 5 يوليو/ تموز 2014، بعد الانتخابات الرئاسية، وتنصيب السيسي رئيسا، وبررت الحكومة ذلك وقتها، بأن منظومة الدعم تلتهم 20% من الموازنة العامة للدولة.
وزادت أسعار البنزين والسولار في بداية عهد السيسي، عما كانت عليه أيام الرئيس الراحل محمد مرسي، بنسب تصل إلى 78%.
وفي نوفمبر 2018، رفعت الحكومة المصرية أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 50 في المائة، ووصل سعر أسطوانة غاز الطهو إلى 50 جنيها، بعد أن كان سعرها 8 جنيهات قبل الانقلاب العسكري.
كما شهدت أسعار خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي المقدمة للمواطنين ثلاث زيادات متوالية، على مدار السنوات الست الماضية.
ولم تتوقف قفزات الأسعار عند هذا الحد بل امتدت إلى تذكرة المترو التي ارتفعت بنسبة 1000% خلال 6 سنوات (من جنيه إلى 10 جنيهات).
كما قفزت أسعار الخضروات والفواكه والسلع الغذائية إذ أظهرت بيانات حديثة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن ازداد إلى 14.1 في المائة في مايو/أيار الماضي من 13 في المائة في إبريل/نيسان الماضي.
وكان التضخم وصل إلى نحو 35% عقب تعويم الجنيه المصري منذ نحو 3 أعوام قبل ان يتراجع خلال الفترة الأخيرة. وانخفضت العملة المحلية من نحو 7.1 جنيهات مقابل الدولار قبل 3 يوليو/تموز 2013 إلى نحو 16.6 جنيها حاليا، وسط توقعات بانخفاضها إلى أكثر من 19 جنيهاً في الفترات المقبلة.
كما ارتفعت الديون لمستويات قياسية إذ أظهرت بيانات من البنك المركزي المصري ارتفاع إجمالي الدين العام المحلي للبلاد إلى 4.108 تريليونات جنيه في نهاية ديسمبر/كانون الأول في حين كانت تبلغ نحو 1.527 تريليون جنيه قبل الانقلاب.
وزاد الدين الخارجي للبلاد إلى 96.612 مليار دولار في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2018 مقارنة بنحو 43.2 مليار دولار قبل الانقلاب، كما استدانت الحكومة نحو 9 مليارات دولار في النصف الأول من العام 2019.