قال يوسي بيلين وزير القضاء الإسرائيلي السابق، إن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تلقى مؤخرا انتقادات قاسية من جبهتي الساحة السياسية والحزبية الإسرائيلية بسبب سياسة ضبط النفس التي يظهرها إزاء “حماس” في غزة، لكن منتقديه يقلون من عرض البدائل، بمن فيهم وزيري التعليم والحرب السابقين، نفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان”.
وأضاف بيلين، في مقاله بصحيفة “إسرائيل اليوم”، أنه من الصعب تصور الحالة التي نعيشها في “إسرائيل”، فقبل 14 عاما قرر رئيس الحكومة الأسبق أريئيل شارون الانسحاب بصورة أحادية الجانب من قطاع غزة، دون اتفاق مع السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، ولا بمعرفة بما سيقوم تجاه ما سيحدث بعد تنفيذ الانسحاب من القطاع.
وأشار إلى أن اليمين منح يده لشارون لأنه ترأس معسكره، واليسار كذلك منحه يدا أخرى لأنه لن يصوت ضد قرار بإنهاء جزء من الاحتلال للمناطق الفلسطينية، لكن صعود “حماس” بالانتخابات التشريعية، ثم سيطرتها على القطاع في 2007، حول غزة إلى منطقة تطلق الصواريخ على “إسرائيل”، التي ردت بدورها بفرض حصار محكم على القطاع فيما ردت حماس بتكثيف إطلاق الصواريخ على “إسرائيل” لإجبارها على رفع هذا الحصار.
ولفت إلى أن هذه الدورة استمرت في غزة بتوسيع وتضييق مساحة الصيد، وإدخال كميات الوقود لتشغيل محطة الكهرباء، والحد من دخول البضائع والمنتجات للقطاع، وهنا يمكن العودة لقرار الانسحاب التاريخي من القطاع بدون اتفاق مع الفلسطينيين، بعكس التفاهمات القائمة بين “إسرائيل” ومنظمة التحرير التي جعلت من الضفة الغربية وغزة إقليما جغرافيا ووحدة سياسية واحدة، مما أخرج الجني من قمقمه، وجاء إعادته صعبا جدا.
وأوضح بيلين، أحد رموز حزب “العمل”، أنه تنفيذ عملية عسكرية إسرائيلية واسعة تعيد السيطرة على القطاع أو بعض أجزائه مطلوبة في الرأي العام الإسرائيلي، لكن تبقى المخاطرة في الثمن المدفوع، لاسيما الأعباء التي ستتكفل بها “إسرائيل” لإعاشة مليوني إنسان في غزة، والاهم الأثمان المتعلقة بسقوط خسائر بشرية إسرائيلية في هذه العملية.
وبيّن أن رئيس حكومة الاحتلال يعلم تماما هذه الأعباء الاقتصادية والمخاطر والبشرية، ولذلك فهو يسعى منذ مارس 2018 حين انطلقت المسيرات الفلسطينية على حدود غزة للعثور على حلول تكتيكية، بعضها يفتقر للجوانب الردعية، وبعضها يظهر خضوعا لحماس، ودفعا للمنظمات الفلسطينية على هيئة جزية، رغم أن نتنياهو كان صاحب الشعار الانتخابي بعدم الخضوع لحماس طوال السنوات الماضية”.
وشدد على أنت نتنياهو بات يدرك اليوم عشية الانتخابات المقبلة أن غزة بالنسبة له تظهر نقطة الضعف الأصعب، التي يستغلها اليمين واليسار ضده لأنه يلتزم الصمت تجاه ما يحصل فيها، ويواصل سياسة ضبط النفس تجاهها، حتى أن الإسرائيليين باتوا يتلقون أخبار وقف إطلاق النار من الناطقين باسم حماس، لأن الناطق العسكري الإسرائيلي صامت لا يتكلم”.
ولفت إلى أنه آن الأوان لأن يتحدث نتنياهو بلسانه وصوته، ويعلن وقف إطلاق النار مع “حماس” أو عدم النجاح بالتوصل إليه، والاعتراف بأنه يجري مفاوضات مكثفة مع “حماس” التي تسيطر على غزة، ولا يضع رأسه في الرمال، ويجب الإعلان رسميا أننا في الطريق لإبرام تفاهمات طويلة الأمد مع “حماس” على غرار تهدئة، أو حل سياسي يشمل السلطة برعاية مصرية، وإلا فإن صمت نتنياهو الدائم تكمن فيه المشكلة.