الاثنين 05 اغسطس 2019 12:15 م بتوقيت القدس
وجه تحقيق أممي شبهات الفساد والسرقة لعشرة من عمال الإغاثة التابعين للأمم المتحدة، والسكب غير المشروع خلال عملهم في بعثات الإغاثة في اليمن، بحسب ما أفادت وكالة "الأسوشيتد برس"، اليوم الإثنين.
كما نسبت لهم تهم التعاون مع المتحاربين من جميع الأطراف لإثراء أنفسهم من المواد الغذائية والأدوية والوقود والأموال المتبرع بها دوليا.
وحصلت وكالة الأسوشيتد برس على وثائق التحقيق الداخلية للأمم المتحدة وقابلت ثمانية عمال إغاثة ومسؤولين حكوميين سابقين.
وأجرى المدققون من منظمة الصحة العالمية تحقيقا في المزاعم بأن أشخاصا غير مؤهلين قد تم توظيفهم في وظائف ذات رواتب عالية وتم إيداع مئات الآلاف من الدولارات في حسابات مصرفية شخصية للعاملين، والموافقة على إبرام عشرات العقود المشبوهة دون توفر المستندات المناسبة، وفقدان أطنان الأدوية والوقود المتبرع بها.
وينصب تركيز تحقيق ثان أجرته منظمة أخرى تابعة للأمم المتحدة، اليونسكو، على موظف سمح لقيادي حوثي بالتنقل في مركبات تابعة للوكالة ما يقيه الضربات الجوية المحتملة من قبل قوات التحالف الذي تقوده السعودية. وتحدث الأشخاص إلى الأسوشيتد برس عن التحقيقات شريطة عدم الكشف عن هويتهم خوفا من الانتقام.
ويقول منتقدون إن هذا الفساد يهدد شريان الحياة الدولي الذي تعتمد عليه غالبية سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة. وفي العام الماضي، قالت الأمم المتحدة إن المانحين الدوليين تعهدوا بتقديم ملياري دولار إلى الجهود الإنسانية في اليمن.
ويتركز تحقيق منظمة الصحة العالمية في عملياتها في اليمن على نيفيو زاغاريا، وهو طبيب إيطالي كان يشغل منصب رئيس مكتب المنظمة في صنعاء من 2016 حتى أيلول/سبتمبر 2018، طبقا لثلاثة أفراد لديهم معرفة مباشرة في التحقيق.
وجاء الإعلان العلني الوحيد عن التحقيق في جملة مدفونة في 37 صفحة من التقرير السنوي للمدقق الداخلي لعام 2018 للأنشطة في جميع أنحاء العالم. ولم يذكر التقرير زاغاريا بالاسم.
ووجد التقرير الصادر في الأول من أيار/مايو الماضي، أن الضوابط المالية والإدارية في مكتب اليمن كانت "غير مرضية"- وهو أدنى تصنيف لها- وأشار إلى وجود مخالفات في التوظيف وعقود تم إبرامها دون منافسة ونقص في الرقابة على المشتريات.
وأكد المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، تاريك جاساريفيتش، للأسوشيتد برس، أن التحقيق جار. وأضاف أن زاغاريا تقاعد في أيلول 2018 ، لكنه لم يؤكد أو ينفي أن زاغاريا كان بالتحديد قيد التحقيق.
وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية: "مكتب خدمات الرقابة الداخلية يحقق حاليا في جميع المخاوف التي أثيرت. يتعين علينا احترام سرية هذه العملية، ولا يمكننا الخوض في تفاصيل مخاوف بعينها."
وذكر أربعة موظفين حاليين وسابقين أن مكتب منظمة الصحة العالمية في اليمن - تحت قيادة زاغاريا- يعج بالفساد والمحسوبية.
وذكر ثلاثة منهم أن زاغاريا استعان بموظفين مبتدئين -عملوا معه في الفلبين-ورقاهم إلى وظائف ذات رواتب مرتفعة رغم أنهم غير مؤهلين.
إثنان منهم-طالب جامعي فلبيني ومتدرب سابق -حصلا على منصبين مرموقين، لكن دورهما الوحيد ينحصر في الاهتمام برعاية كلب زاغاريا"، حسبما قال موظفان.
وقال مسؤول إغاثي سابق إن "الموظفين غير المؤهلين الذين يتقاضون رواتب مرتفعة يقوضون نوعية العمل ومراقبة المشروعات، ويخلقون ثغرات كثيرة من أجل الفساد."
واعتمد زاغاريا أيضا عقودا مشبوهة دون توفير عطاءات تنافسية أو تقديم وثائق إنفاق.
ووفقا للوثائق الداخلية، تم الاتفاق مع شركات محلية لتقديم خدمات في مكتب عدن التابع لمنظمة الصحة العالمية، تبين أنها تضم أصدقاء وأفراد عائلات موظفي منظمة الصحة العالمية وبتكلفة إضافية مقابل الخدمات.
وشوهد صاحب شركة يسلم نقودا لأحد الموظفين، وفقا لما تظهره الوثائق، وهي رشوة واضحة.
وفي عهد زاغاريا، استخدمت أموال المساعدات المخصصة للإنفاق خلال حالات الطوارئ مع القليل من المساءلة أو المراقبة، وفقا للوثائق الداخلية.
وبموجب قواعد منظمة الصحة العالمية، يمكن تحويل أموال المساعدات مباشرة إلى حسابات الموظفين، وهو إجراء يهدف إلى تسريع شراء السلع والخدمات وسط الأزمة.
وتقول المنظمة إن هذا الإجراء ضروري لمواصلة العمليات في المناطق النائية، لأن القطاع المصرفي في اليمن لا يعمل بشكل كامل.
ونظرا لأنه من المفترض أن تكون هذه العملية مقصورة على حالات الطوارئ، فليس هناك شرط بأن يتم تحديد الإنفاق على هذه التحويلات المباشرة. أذ وافق زاغاريا على التحويل المباشر للأموال بقيمة إجماليها مليون دولار لبعض الموظفين، كما نصت الوثائق.
لكن في كثير من الحالات، لم يتضح كيف أنفق هؤلاء الموظفين المال، حيث لم يرد زاغاريا على تساؤلات طرحتها عليه أسوشيتد برس عبر البريد الإلكتروني.
وتنظر اليونيسف، وهي وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة تعمل في اليمن، في مزاعم ارتكاب موظفيها مخالفات في اليمن.
وفقا لثلاثة أشخاص على دراية بالتحقيق، يجري مراقبون في اليونيسف تحقيقا مع خورام جاويد، مواطن باكستاني يشتبه في سماحه لمسؤول حوثي كبير باستخدام مركبة تابعة للوكالة.
ومنح ذلك الحوثي حماية رسمية من الغارات الجوية التي يشنها التحالف الذي تقوده السعودية، حيث تقوم اليونيسف بمراجعة تحركات سياراتها مع التحالف لضمان سلامتهم.
وعبر المسؤولون عن مخاوفهم من إمكانية استهداف مركبات الوكالة في حال ظنت قوات التحالف أنها تستخدم لحماية المسلحين الحوثيين.
وكان جاويد معروفا بصلاته الوثيقة مع أجهزة الأمن التابعة للحوثيين. وقال زميل سابق له ومسؤول إغاثة إنه تفاخر باستخدام علاقته لمنع مراقبي اليونيسف من دخول البلاد، حتى أن المسلحين الحوثيين أقاموا لوحة كبيرة له في أحد شوارع صنعاء، لشكره على خدماته.
ولم يتسن الوصول إلى جاويد للتعليق، لكن مسؤولي اليونيسف أكدوا أنه فريق تحقيق توجه إلى اليمن لفحص هذه المزاعم. وأعلنوا نقل جاويد إلى مكتب آخر، لكنهم لم يكشفوا عن موقعه.
وفقا للعديد من الأشخاص الذين تحدثوا إلى وكالة أسوشيتد برس، هناك علاقات وثيقة بين موظفي الأمم المتحدة والمسؤولين المحليين في كلا طرفي الصراع.
وذكر تقرير سري للجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية باليمن، والذي حصلت عليه الأسوشيتد برس، إن سلطات الحوثي تضغط باستمرار على وكالات الإغاثة، لإجبارها على توظيف موالين لهم، وإرهابهم بالتهديد بإلغاء التأشيرات بهدف السيطرة على تحركاتهم وتنفيذ مشروعات بعينها.
وقال مسؤول إن عدم قدرة الأمم المتحدة أو عدم رغبتها في معالجة الفساد المزعوم في برامج مساعداتها يضر بجهود الوكالة لمساعدة اليمنيين المتضررين من الحرب.
وأضاف مسؤول الإغاثة "هذه فضيحة لأي وكالة وتدمر حيادية الأمم المتحدة.