الاحد 11 اغسطس 2019 19:09 م بتوقيت القدس
أثار انتحار الملياردير الأميركي المعتدي جنسيا، جيفري إبستين، في الزنزانة التي كان يقبع بها منتظرا تطورات محاكمته بالاعتداء الجنسي على قاصرات، منذ السادس من تموز/ يوليو الماضي، جدلا حادا في الولايات المتحدة، حول ظروف انتحاره.
وسرعان ما بدأت التكهنات بالظهور على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحف الأميركية، والتي عبّر بعضها عن نظريات مؤامرة، حول ملابسات انتحار إبستين، خصوصا أن للملياردير علاقات واسعة جدا بأثرياء وسياسيين في جميع أنحاء العالم، يُظن أن بعضهم قد شارك إبستين ارتكاب جرائم جنسية بحق قاصرات،
وسارع أصحاب النظريات إلى طرح تكهنات لا أساس يدعمها، بعضها عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب نشره عبر حسابه على "تويتر"، والتي تُفيد بأن وفاة إبستين لم تكن انتحارا أو أن مرتكب جريمة القتل أراد أن تبدو انتحارا.
ونالت تلك الأفكار زخما على خلفية عادت للظهور بعد اعتقال إبستين الشهر الماضي، لمزاعم تنظيمه حلقة تجارة جنسية هدفها جلب مراهقات له. فقد وصفت بعض ضحاياه تعرضهن لاعتداءات جنسية من قبل أصدقاء الممول الثري ومعارفه. الأمر الذي هيأ أرضية خصبة للنظريات والتكهنات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بحسب ما نقلته وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية.
ورفضت المحكمة طلب إبستين، الذي نفى جميع التهم الموجهة إليه، بالإفراج عنه بكفالة وكان يواجه عقوبة محتملة بالسجن خمسة وأربعين عاما إذا ما أدين في اتهامات التجارة الجنسية والتآمر التي تكشفت الشهر الماضي. وكان في انتظار المحاكمة العام المقبل.
ومع ذلك، عبّر صحافيون وناشطون وسياسيون كثر، عن رفضهم لنظريات المؤامرة التي تدعي اغتيال إبستين، لكنهم أيضا انتقدوا بشدة سوء الإدارة التي أدت إلى انتحار الملياردير.
وقد أقدم إبستين على إنهاء حياته صباح أمس السبت، في داخل محسبه في منهاتن بنيويورك في الولايات المتحدة، رغم أن السجن لديه آلية التعامل مع المهددين بالانتحار، علما أن رجل الأعمال كان قد حاول الانتحار الشهر الماضي.
وكتبت الصحافية آلي واتكينز، في صحيفة "نيويورك تايمز"، أن انتحار إبستين يُثير الجدل لأن مسؤولي السجن كانوا قد ألغوا التدابير اللازمة للتعامل معه كسجين مُعرض لإنهاء حياته، قبل ساعات فقط من انتحاره الفعلي.
وهذا بدوره يُثير تساؤلات عن الخطوات التي اتخذها مسؤولو السجن لإبقاء إبستين على ق دي الحياة، والتأكد من أن ينال جزائه في المحكمة.
وذكرت أن سياسيين كُثر هاجموا وزارة العدل الأميركية، مطالبين بالكشف عما حصل للملياردير، وكان من بينهم السناتور الجمهوري عن ولاية نبراسكا، بن ساسي، الذي قال في رسالة رسمية وجهها إلى الوزارة، إنه من غير المعقول أن إبستين لم يكن خاضعًا لمراقبة لمدة 24 ساعة، مضيفا أن "الضحايا يستحقون مواجهة المعتدي المتسلسل في المحكمة".
وطالب المدعي العام، ويليا بي. بار، بفتح تحقيق خاص في ملابسات انتحار إبستين، مصرحا أن موته "يثير تساؤلات خطيرة تتطلب إجابات فورية".
وكشف مسؤول في إدارة السجن، للصحافية، رافضا كشف هويته، أنه كان من الصعب للغاية على إبستين أن يضر بنفسه لو كان لا يزال في "مراقبة الانتحار"، التي تتخذ فيها إدارة السجن إجراءات صارمة لمنع انتحار المسجون، حيث أن زنزانته تخضع لمراقبة على مدار الساعة، دون أي أداة تُتيح انتحار النزيل، ولا حتى أغطية للسرير.
نظريات المؤامرة
قالت وكالة "أسوشييتد برس" إن علاقته بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، والرئيس الأسبق بيل كلينتون، والأمير البريطاني أندرو، كانت الأبرز بين الشائعات والنظريات المثارة عبر الإنترنت، والتي تتساءل عما يعرفه الساسة عن الجرائم الجنسية المنسوبة لإبستين.
غير أن نظريات أخرى سرعان ما ثبت زيفها.
على سبيل المثال، بعد أيام من اعتقال إبستين ظهرت صور ساخرة وتعليقات تزعم أن إدارة باراك أوباما زورت، كي تحمي الرئيس الأسبق كلينتون، اتفاقا سريا في فلوريدا عام 2008 يسمح له، بالإقرار بجريمة تحريض قاصر على ممارسة البغاء، لتجنب مواجهة اتهامات في جرائم أخرى أكثر خطورة.
ونفذ الاتفاق بالفعل في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الإبن، وقبل تولي أوباما المنصب.
في الوقت نفسه نشر الآلاف عبر "تويتر" و"فيسبوك" صورة خضعت للتلاعب تظهر إبستين مع ترامب وابنته وهي صغيرة.
وقال الناطق باسم كلينتون، أنخل أورينا، إن الرئيس الأسبق "لم يعرف شيئا عن تلك الجرائم النكراء التي أقر إبستين بارتكابها في فلوريدا قبل عدة أعوام، أو تلك التي اتهم فيها مؤخرا في نيويورك" مضيفا أنه خلال عامي 2002 و2003 قام كلينتون بأربع رحلات على متن طائرة إبستين توقف خلالها في عدة محطات وإن طاقم الرئيس الأسبق وعناصر أمنه السري كانت معه في كل رحلة.
وأقر ترامب بمعرفته بإبستين لكنه قال إن "العلاقة بينهما انقطعت منذ فترة طويلة".
وذكرت الوكالة أنه ثمة نظريات أخرى سوداوية منتشرة عبر الإنترنت، خاصة بعد العثور على إبستين مصابا بكدمات على عنقه، على أرض زنزانته الشهر الماضي. فبعض المعلقين عبر الإنترنت وصفوا الأمر بأنه "محاولة قتل".
بعد ساعات من وفاة إبستين أمس السبت، ومع انتشار وسم (هاشتاغ) "#اغتيال_إبستين" عبر "تويتر" في كل أنحاء العالم، شارك ترامب في حملة التكهنات حول وفاة الملياردير. فيما شارك سياسيون آخرون في حملات التشكيك في ملابسات وفاة إبستين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري عن ولاية فلوريدا ريك سكوت، وهي الولاية التي كانت مسرحا لعدد من الانتهاكات الجنسية التي ارتكبها إبستين، إلى احتمال أن آخرين ربما كانوا ضالعين في وفاة إبستين، عندما طالب مسؤولي السجون بتفسير ما حدث في منشأة "مركز ميتربوليتان الإصلاحي" في مانهاتن.
فيما طرح عمدة نيويورك السابق ومحامي ترامب حاليا رودي جولياني، عدة تساؤلات عن وفاة إبستين، عبر "تويتر"، حيث كتب "من كان يراقب؟ ما الذي أظهرته الكاميرا؟ .. تتبعوا الدوافع".
وأطلق اعتقال إبستين الشهر الماضي تحقيقات منفصلة حول كيفية تناول السلطات لقضيته في البداية عندما نسبت إليه اتهامات مشابهة في فلوريدا قبل ما يزيد عن عشرة أعوام.
وكان وزير العمل الأميركي ألكسندر أكوستا، قد قدم استقالته الشهر الماضي بعدما تعرض لانتقادات حادة لإبرام ذلك الاتفاق تحت إشرافه عندما كان ممثل الادعاء الأميركي في ميامي.
وأصر ممثلو الدفاع عن إبستين على أن الاتهامات الجديدة في نيويورك يغطيها اتفاق 2008 وأن إبستين لم تكن له أي اتصالات غير مشروعة مع فتيات قاصرات منذ معاقبته بالسجن ثلاثة عشر شهرا في فلوريدا.