الجمعة 30 اغسطس 2019 08:40 م بتوقيت القدس
وثّق مركز الشهاب لحقوق الإنسان (SHR) قيام وزارة الداخلية المصرية بقتل وتصفية 56 مواطنا، كانوا رهن الاختفاء القسري، بعد إلقاء أجهزة الأمن القبض عليهم.
وقال: “خلال العامين السابقين، دأبت وزارة الداخلية على إصدار بيانات، تزعم فيها أنها قد هاجمت -كما تقول- وكرا للإرهابيين، ومن ثم تبادلت معهم إطلاق النار وقتلهم، ثم يفاجأ أهالي بعض المختفين قسريا بأن أسماء ذويهم ضمن من قامت وزارة الداخلية بقتلهم”.
وأشار مركز الشهاب، في بيان له، الأربعاء، بعنوان “مختفون قسريا تم قتلهم”، إلى أنه في حالات قتل المختفين قسريا يوجد شهود على أنه تم القبض عليهم من منازلهم، ومن كمائن أمنية، قبل الوقائع المذكورة في بيانات وزارة الداخلية، التي تفيد بقتلهم بزعم تبادل إطلاق النار”.
وأكد أن “بعض هذه الحالات حررت أسرهم محاضر شرطية باختفائهم قسريا قبل صدور بيان وزارة الداخلية، وبعض هذه الحالات أرسل ذووهم مناشدات وتلغرافات للنائب العام ووزير الداخلية تفيد باختفائهم قبل صدور بيان وزارة الداخلية”.
واستطرد قائلا: “بعض هذه الحالات نشرت المنظمات الحقوقية مناشدات واستغاثات من قبل ذويهم، بعدما تم القبض عليهم وتعرضهم للاختفاء القسري قبل صدور بيان وزارة الداخلية. وبعض هذه الحالات عندما ذهب ذووهم لاستلام جثثهم وجدوا آثار تعذيب واضحة عليها”.
ولفت إلى أن “بيان وزارة الداخلية بشأن مقتل هؤلاء، يكاد يكون سيناريو مكررا دون تغيير يتم نشره مباشرة عقب كل عملية قتل”، مؤكدا أنه “لم يتم تقديم دليل واحد من قبل وزارة الداخلية ضد هؤلاء على اقترافهم أعمال إرهابية، ولم يتم تقديم دليل واحد من قبل وزارة الداخلية يفيد بحدوث اشتباك وتبادل إطلاق نار”.
وأضاف: “لقد أصبح الاختفاء القسري خلال السنوات الست الأخيرة في مصر سمة ممنهجة للسلطات المصرية، حيث ترد إلينا مئات الشكاوى بأسماء مختفين قسريا، لم يستدل على مكانهم بعد رحلة بحث شاقة بين أروقة ومقرات الجهات الأمنية”.
ونوه إلى أن “الاختفاء القسري يُعدّ من أكثر الحالات التي تمثل انتهاكا لحقوق الإنسان، والتي تشكل جريمة دولية، إذ إن الشخص الذي يتعرض للاختفاء القسري يصبح محروما من كافة حقوقه الإنسانية، فهو لا يجد من يدافع عنه، ويحيا كأنه خارج نطاق حماية القانون”.
وذكر مركز الشهاب أن “الأمور في مصر، وما تؤكده الوقائع، كلها تدلل على أن الدور المنوط بجهاز الشرطة القيام به لا يتم، فلا هي تقوم به ولا الجهات المسؤولة، بل هم المسؤولون عن حالات الاختفاء القسري للمعارضين في مصر”.
وأوضح مركز الشهاب أن “عشرات البلاغات بشأن الاختفاء القسري لم يتم التحقيق بها، ولم يستدل على مكان احتجاز المختفي، وحتى عقب إعلان وزارة الداخلية عن مقتل بعض الأفراد، كما تدعي، في تبادل لإطلاق النار”.
وأردف: “يُقدم ذوو المختفين المستندات والشهود وغيرها من الأدلة التي تفيد بأنه تم القبض على ذويهم من قبل قوات الأمن، وأنهم كانوا رهن الاختفاء القسري، لكن لا يتم التحقيق في ذلك من قبل السلطات، ما يوضح أنها على علم بجريمة جهاز الشرطة، وتتستر عليها”.
وقال إن “الاختفاء القسري يمثل تحديا لمفهوم حقوق الإنسان بشكل مطلق، فهو يجرد الإنسان من صفته الإنسانية، كما يُعد من أعلى مستويات الفساد، وسوء استخدام السلطة، حيث يحرم الإنسان من الحق في الحياة بقتله بعد إخفائه قسريا”.
وطالب الحكومات والهيئات والمنظمات الدولية العمل على “التوقيع والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري من قبل الحكومة المصرية دون أي تأخير، مع الامتناع عن إبداء التحفظات التي قد تؤدي إلى عدم التوافق مع دوافع وأغراض الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري”.
ودعا مركز الشهاب إلى “تجريم الاختفاء القسري في الدستور والقانون المصري، وبشكل صريح، مع اعتبارها جريمة لا تسقط بالتقادم، ووضع عقوبة رادعة لمن يثبت اقترافه تلك الجريمة أو من يتستر عليها”.
كما طالب بتسيير لجنة تقصي حقائق من قبل الأمم المتحدة، بخصوص حالات الإخفاء القسري التي تم قتلها في مصر، وبناء على تقرير لجنة تقصي الحقائق يتم فتح تحقيقات موسعة حول ما تم خلال جريمة الإخفاء القسري، وما تم بعدها من ممارسات مخالفة للقانون أدت للقتل”.
وشدّد على ضرورة “محاسبة المسؤولين عن ممارسة الإخفاء القسري من قيادات وزارة الداخلية، والمخابرات والمسؤولين عن احتجاز أشخاص دون وجه حق، داخل أماكن احتجاز غير قانونية أو سرية”.
وأكد على أهمية “تفعيل دور الرقابة الدورية من قبل النيابة والقضاء على المقرات السرية التابعة لجهاز الشرطة، والسجون، ومعسكرات الأمن المركزي، والسجون العسكرية غير المعلومة، وتقديم المسؤولين عن الإخفاء دون سند قانوني للمحاسبة”.
وأوصى بالنظر في “الإجراءات التي اتخذها ذوو المفقودين، من بلاغات وشكاوى تثبت إخفاء ذويهم من قبل الأجهزة الأمنية، والبت فيها على وجه السرعة، والرد على أسر المختفين قسريا بخطاب رسمي يتضمن نتيجة البحث والتحقيق”.
ومركز الشهاب لحقوق الإنسان هو “منظمة حقوقية تطوعية لدعم الحرية والديمقراطية وإرادة الشعوب، ومناهضة الظلم والتمييز بكافة صوره، تعمل من أجل عالم يتمتع فيه الإنسان بحياة كريمة، تأسس بمصر عام 2006، وحصل على موافقة السلطات البريطانية للعمل كمنظمة حقوقية تحت رقم 10658421 – لندن”، بحسب البيان التأسيسي للمركز.