الثلاثاء 03 سبتمبر 2019 17:05 م بتوقيت القدس
قال تقرير أمني إسرائيلي حول عملية أفيفيم، التي نفذها حزب الله، أول من أمس الأحد، إن "هدف الرد كان ترميم توازن الردع مقابل إسرائيل وترسيخ قواعد اللعبة المتبعة منذ العام 2006، والتي ستقود بموجبها أية عملية إسرائيلية في لبنان إلى رد من جانب حزب الله". ويذكر أن أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، قال في خطابات ألقاها أمس والأسبوع الماضي، إن العملية هي رد على الغارة الإسرائيلية على قرية عقربا قرب العاصمة السورية دمشق، وعلى الهجوم الإسرائيلي بطائرتين مسيرتين صغيرتين في الضاحية الجنوبية في بيروت، معقل حزب الله، مطلع الأسبوع الماضي.
واعتبر التقرير، الصادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب اليوم، الثلاثاء، أن هذه الأحداث "توضح معضلة الهويات لدى حزب الله، وخاصة بين هويته كتنظيم لبناني شيعي وطني، وبين كونه تنظيم شيعي، يتماثل مع الثورة الإسلامية الإيرانية، ويؤيد إيران ومدعوم منها. وحزب الله هو مركّب مركزي في ’محور المقاومة’ الإسلامية الشيعية في أنحاء الشرق الأوسط، ويدأب نصر الله، مؤخرا، أن يشمل فيه، إضافة إلى شركائه المعروفين – إيران، العراق، سورية ولبنان – كلا من حماس والجهاد الإسلامي، وكذلك الحوثيين في اليمن".
ووصف التقرير حزب الله، أيضا، بأنه "تنظيم مستقل متعدد الأوجه في لبنان: حركة سياسية، عمقت اندماجها في الأجهزة الحكومية في السنوات الأخيرة؛ منظمة اقتصادية؛ حركة اجتماعية، تهتم برفاهية السكان الشيعة في لبنان؛ بحوزته جيش قوي ومستقل، لديه أذرع عملانية تمارس الإرهاب وضالعة بجنائيات؛ حركة دينية وثقافية". واعتبر التقرير أنه "توجد في عملية صناعة القرار في حزب الله ديناميكية بين هذه الهويات المتعددة سوية، وفي غالب الأحيان موجودة في حالة انسجام، وأحيانا تبرز التناقضات بينها".
وأضاف التقرير أنه ينبغي النظر إلى تصريحات نصر الله وفقا لهذا الوضع. "ويبرز في هذه التصريحات الالتزام تجاه إيران أحيانا، بينما يبرز مجهود للحفاظ على مكانته كـ’حامي لبنان’ في أحيان أخرى؛ وفي جميع الأحوال، يحرص حزب الله على الحفاظ على استقلاليته مقابل إيران أيضا".
وأشار التقرير إلى أنه "في المواجهة العسكرية الدائرة بين إسرائيل وإيران في سورية، في السنوات الأخيرة، وفي العراق مؤخرا، تبرز مكانة حزب الله كجهة مركزية في منظومة المحور الشيعي، الذي يديره حرس الثورة الإيراني. والهجوم الإسرائيلي في عقربا، أوضح هوية حزب الله كمركّب في المحور الشيعي". وتدعي إسرائيل أن هدف هذا الهجوم في عقربا، هو إحباط عملية إطلاق طائرات مسيرة صغيرة باتجاه إسرائيل، وشارك فيها ناشطان من حزب الله، قُتلا في الغارة.
3 إمكانيات إسرائيلية مقابل حزب الله
لفت التقرير إلى أن حزب الله اعتبر الهجوم في الضاحية الجنوبية أنه تجاوز لخط أحمر، كونه عملية إسرائيلية أولى، منذ العام 2006، في الأراضي اللبنانية. وأضاف أن عملية أفيفيم "غايتها منع إسرائيل من إملاء قواعد لعبة جديدة واستئناف غاراتها في الأراضي اللبنانية بشكل دائم، مثلما تفعل في سورية والعراق، وتمكين حزب الله من مواصلة عملية تعاظم قوته العسكرية".
وتابع التقرير أنه "من الجهة الأخرى، فإن الدور الذي تبناه حزب الله كـ’حامي لبنان’ يشكل عاملا لاجما. ورده على الهجوم عكس أنه جهة سياسية موزونة. وذلك إثر شعور حزب الله بالمسؤولية تجاه الدولة اللبنانية. وحزب الله مهتم بمنع إلحاق أضرار شديدة أخرى بالدولة اللبنانية الفاشلة، وبجمهور مؤيديه أيضا، الذي لا يشمل الشيعة فقط، وإنما مجموعات بين المسيحيين المارونيين والأقلية السنية".
وأضاف أن "رد حزب الله المحدود والمدروس، حتى الآن، يدل على رغبته في الامتناع، في هذه الفترة، عن توسيع المواجهة مع إسرائيل، سواء كان ذلك لاعتبارات متعلقة بوضع إيران، وبمصلحته في منع حرب مدمرة للبنان. يضاف إلى ذلك اعتبارات ذاتية لحزب الله، الذي يخضع لضغط سياسي من مجموعة دول عربية أعلنت عنه كتنظيم إرهابي، ووصف دول (البحرين والإمارات) أداءه بأنه غير مسؤول. كما أن حزب الله يعاني من أزمة اقتصادية في أعقاب العقوبات المباشرة ضده التي تفرضها الولايات المتحدة".
لكن رغم كل ذلك، رأى معدو التقرير أن "حزب الله يتطلع إلى إرساء المعادلة التي أنتجها رده، وفي أعقابها، إسرائيل مطالبة بإعادة التفكير في حدود ’المعركة بين حربين’، استنادا إلى فرضية أن أي عملية أخرى تنفذها في لبنان قد تقود إلى رد حزب الله".
وخلص التقرير إلى أنه "في الظروف الناشئة، ثمة عدة إمكانيات أمام إسرائيل: 1. الامتناع عن عمليات أخرى في لبنان؛ 2. استمرار عمليات ’المعركة بين حربين’ في لبنان أيضا من أجل إحباط تهديدات إستراتيجية، وخاصة مشروع تحسين دقة الصواريخ، ومن خلال ’مخاطرة محسوبة’؛ 3. مبادرة إسرائيلية لـ’ضربة استباقية’ – أي حرب واسعة ضد حزب الله، يكون هدفها توجيه ضربة شديدة لقدرات حزب الله العسكرية. وفي جميع الأحوال، جدير إرجاء قرار بشن حرب واسعة في لبنان، التي قد تتطور إلى مواجهة دموية وتسبب دمارا للجانبين، إلى حين تبحث الحكومة الجديدة، بعد الانتخابات الإسرائيلية، تبعاتها بشكل عميق".