كشف خبيران أمنيان إسرائيليان “المزيد من تفاصيل شخصية عربية رفيعة المستوى، جرى تجنيدها للعمل لصالح الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، ونقل معلومات وأسرارا بالغة الحساسية عن دولته طيلة خمس سنوات ماضية، دون علمه بذلك، ومنحته المخابرات الإسرائيلية لقب “طوربيدو”.
وأضاف يوسي يهوشاع ورؤبين فايس في تحقيقهما المطول في صحيفة يديعوت أحرونوت، أن “ضابط الاستخبارات الإسرائيلية “د” ابن 38 عاما من وحدة 504 المكلفة بتجنيد العملاء بالدول العربية، أبلغهما بأن هذا العميل حقق نجاحا منقطع النظير في تاريخ عمل الوحدة، حيث تم تجنيده بعد عملية رصد وتعقب دقيقة استمرت عدة أشهر، تخللها جمع معلومات دقيقة عنه وعن أقاربه وأعماله ومجالات اهتمامه”.
طريقة التجنيد
وأشارا إلى أن “التقرب من هذه الشخصية العربية، وتجنيدها دون علمها، تمت عبر مقرب منه، أبلغنا أنه يمكن أن يقدم العون في أي تعاون تجاري محتمل، وقد التقى المشغل الإسرائيلي معه باعتباره رجل أعمال كبير”.
وأوضحا “تم التحضير للقاء بالهدف بعناية فائقة وترتيب لوجستي مدروس، فَنُقل بسيارة فارهة لمكان اللقاء الفاخر، بهدف بناء الثقة، والتعارف، وإيهامه بأنه يتعامل فعلا مع رجل أعمال ثري”.
وأوضحا أنه “بدأ العميل تدريجيا بنقل المعلومات والأسرار عن دولته لمشغله دون علم منه، واستمرت اللقاءات حتى اليوم في عدة دول حول العالم، وأماكن مختلفة وسيناريوهات مخطط لها بدقة، دون كشف قيمة المعلومات الاستخباراتية التي قدمها العميل المذكور، حفاظا على السرية، وعدم انكشاف خديعته، خاصة وأنه يواصل عمله حتى اليوم”.
التحقيق الصحفي يسلط الضوء على هذا المشغل الإسرائيلي بقوله أنه “كاذب محترف في العمل، يجيد العربية، وينتج كيمياء سريعا مع الغرباء، ومستعد للابتعاد عن أسرته فترات متباعدة، ويتم اختياره وأمثاله من بين 700 يتقدمون لهذه الوظيفة الاستخباراتية”.
معلومات حساسة
وأكدا أن الاستخبارت الإسرائيلية اعتبرت “طوربيدو” هدفا طموحا جدا، وصل لمنصب كبير جدا في دولته، وله قدرة وصول إلى معلومات حساسة للغاية تُعنى بها الاستخبارات.
وتابعا: “بدا خلال جمع المعلومات عنه أنه ليس متطرفا تجاه العمل في خدمة إسرائيل، ولم يعتبر خطا أحمر من ناحيته، رغم أنه كان قريبا جدا من كل المحافل في دولته، وعلى اتصالات جد وثيقة”.
وقال ضابط الاستخبارات الإسرائيلي “د” “خلال لقاءاتي معه كنت أبث له الإحساس بأني لست متحمسا أو مستعجلا للحصول على المعلومات، أردت أن أخلق فيه توقعا، بأن يفحص بريده كل يوم، وينتظر جوابي، مع أنه كان يتجول حول العالم دون أن يعلم أن المخابرات الإسرائيلية تتابعه، ومهتمة بالتعرف على كل تفاصيل حياته وشخصيته، ترقبا لرصد ثغرة للتسلل منها، والإيقاع به”.
وأضافا أن “طرق التجنيد المألوفة لإسقاط العملاء والجواسيس لم تصلح مع هذه الشخصية العربية، لأنه ينبغي حيازة المعلومات عن الهدف المحدد، وبناء سيناريو ملائم خلال ثلاثة شهور، أو الانتقال للبحث عن شخصية أخرى مرشحة لتجنيدها للتجسس”.
الحوالات المالية
وأكدا أن “طريقة التجنيد المباشرة عبر الكشف للمرشح للتجسس عن هوية المشغل كمخابرات إسرائيلية، لا تكون ملائمة في أحيان كثيرة، خاصة مع مسؤولين كبار في دول معادية، وينبغي استبدالها بطريقة تجنيد خلاقة، لأن هناك احتمالا واردا بأن يبلغ استخبارات بلاده، وعندئذ قد يتحول عميلا مزدوجا، ويلقم إسرائيل بمعلومات مغلوطة عمدا”.
ويكشف التحقيق الإسرائيلي أن “أول لقاء بين العميل العربي الذي لم تكشف جنسيته وبين المشغل الإسرائيلي “د”، تم في دولة أجنبية، وبعد فحص المكان واتخاذ تدابير الأمن والسلامة، جاء اللقاء قصيرا، وفيه قدم الاثنان سيرة ذاتية لكل منهما، والانجليزية لغة الحديث”.
وأكد الضابط “د”، أنه “في لقاءاتنا الثنائية المتكررة خلال السنوات الخمس الماضية كنا نتأكد من قصة التغطية الأمنية، والتأكد من التفاصيل الصغيرة التي تشمل نوع البدلة التي يرتديها العميل، ونوع ساعة اليد التي يضعها بيده، والهاتف المحمول الذي يستخدمه، والفندق الذي نلتقي فيه”.
وأضاف: “في بعض اللقاءات تحدثنا بالعربية والانجليزية ولغة أجنبية أخرى، وأحرص أن تكون اللقاءات في غرفة مزروعة بأجهزة تنصت وتصوير دقيقة”.
ويختم التحقيق المطول حديثه بالقول أنه “عند استلام الحوالات المالية فضّل العميل العربي تحويل حوالات بنكية لحسابه الشخصي أو بالعد النقدي، وحينها فهمنا أننا من الممكن أن نتقدم معه بعيدا”.
ولفت إلى “أن ما كان يتقاضاه أقل من ثلاثة آلاف دولار شهريا، وصرنا نلتقي مرة كل عدة شهور في دولة مختلفة، وأدمن علينا وكأننا أصدقاء نلتقي في مطاعم فاخرة”.