السبت 09 نوفمبر 2019 20:26 م بتوقيت القدس
قُتل مساء اليوم السبت، 7 متظاهرين عراقيين، خلال مواجهات مع قوات الأمن وسط بغداد، في اشتباكات جاءت بعد "اتفاق سياسي" للإبقاء على السلطة الحالية في البلاد، وإنهاء الاحتجاجات "حتى وإن اضطر الأمر إلى استخدام القوة"، بحسب ما أفادت وكالة "فرانس برس" للأنباء.
وبدأت القوات الأمنية تفريق الحشود التي تطالب بـ"إسقاط النظام" بالرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، وكان دوي الرصاص كثيفا عند مدخل النفق المؤدي إلى ساحة التحرير من جهة جسر "السنك".
وأفاد شهود عيان بأنهم شاهدوا عددا من المتظاهرين المصابين بالرصاص والمضرجين بالدماء قبل أن يتم نقلهم بعربات الـ"توك توك" بسبب النقص في سيارات الإسعاف.
وأدى ذلك إلى مقتل أربعة متظاهرين، ثلاثة منهم بالرصاص الحي، وواحد بقنبلة غاز مسيل للدموع، وإصابة 80 آخرين على الأقل بجروح، بحسب ما أفادت مصادر أمنية وطبية.
ونقلت وكالة "الأناضول" عن مصدر طبي من دائرة صحة بغداد، لم تُسمّه، القول، إن عشرات المتظاهرين أصيبوا بجروح وحالات اختناق، فيما أصيب عدد من أفراد الأمن بجروح جراء رشقهم بالحجارة.
واقتحمت قوات الأمن، ساحتين يعتصم فيهما مئات المحتجين، وسط إطلاق كثيف للقنابل المسيلة للدموع في بغداد، بحسب ما ذكرت وكالة "الأناضول".
وأطلقت قوات الأمن وابلا كثيفا من قنابل الغاز المسيل للدموع على مئات المعتصمين في ساحتي الطيران والخلاني وسط بغداد قبل أن تقتحمهما.
وجراء ذلك، تفرق المحتجون في الشوارع والأزقة الضيقة، بينما تتواصل عمليات الكر والفر بين الجانبين، كما أصيب عشرات المتظاهرين بحالات اختناق جراء استنشاق الغاز.
وتقع ساحة الطيران على مقربة من ساحة التحرير، معقل المحتجين في بغداد، في حين تقع ساحة الخلاني على مقربة من جسر السنك المؤدي إلى المنطقة الخضراء التي تضم مباني الحكومة والبعثات الأجنبية، كما أنها لا تبتعد كثيرا عن ساحة التحرير.
وتوافد المئات من المتظاهرين على ساحة التحرير في تحرك غير معتاد على مدى الأيام الماضية.
وذكر شهود عيان من المحتجين أن "قوات الأمن تحاول فض الاحتجاجات في ساحة التحرير بالقوة"، مُشيرين إلى أن اشتباكات عنيفة وقعت بين قوات الأمن والمتظاهرين في نفق قريب يؤدي إلى ساحة "التحرير".
اتفاق سياسي للإبقاء على السلطة وإنهاء الاحتجاجات
واتفقت القوى السياسية الرئيسية في البلاد، على الإبقاء على السلطة الحالية حتى وإن اضطر الأمر إلى استخدام القوة لإنهاء الاحتجاجات المطالبة بـ"إسقاط النظام"، بحسب ما أوردت وكالة "فرانس برس" للأنباء، نقلا عن مصدرين لم تُسمّهما.
وواصلت غالبية القوى اجتماعاتها خلال الأيام الأخيرة، وأشار أحد هذين المصدرين إلى أن "الأحزاب السياسية اتفقت خلال اجتماع ضم غالبية قيادات الكتل الكبيرة على التمسك بعادل عبد المهدي والتمسك بالسلطة مقابل إجراء إصلاحات في ملفات مكافحة الفساد وتعديلات دستورية".
وأضاف أن الأطراف اتفقت أيضا على "دعم الحكومة في إنهاء الاحتجاجات بكافحة الوسائل المتاحة".
وذكر المصدران أنه يبدو أن هناك توجها قديما متجددا إلى إعادة ترميم البيت الشيعي على أن يكون بمثابة تحالف وطني.
ولفتت مصادر سياسية أخرى لفرانس برس أيضاَ إلى أن الاتفاق بين الأطراف المعنية "بما فيهم سائرون والحكمة" جاء بعد "لقاء الجنرال قاسم سليماني بمقتدى الصدر ومحمد رضا السيسياتي (نجل علي السيستاني) والذي تمخض عنه الاتفاق على أن يبقى عبد المهدي في منصبه".
وأكدت المصادر أن الطرف الوحيد الذي رفض الاتفاق هو تحالف "النصر" بزعامة رئيي الحكومة السابق، حيدر العبادي، الذي يرى أن الحل الوحيد للأزمة هو رحيل عبد المهدي.
ومن المفترض أن تبدأ ترجمة ذلك الاتفاق السبت خلال جلسة برلمانية، من المفترض أن تكون مخصصة لعمل اللجان على التعديلات الدستورية.
وبحث رئيس الحكومة، عادل عبد المهدي، مع رئيس البلاد، برهم صالح، اليوم، مطالب المتظاهرين المناوئين للحكومة وسبل حفظ الأمن في البلاد، وكذلك دعم جهود الحكومة في إجراء الإصلاحات، بحسب بيان صادر عن مكتب الأول.
وأوضح البيان أن عبد المهدي استقبل، صالح، وجرى بحث التطورات الجارية والتعاون بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
وأضاف البيان أن الجانبين "بحثا أيضا دعم جهود الحكومة والإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها استجابة لمطالب المتظاهرين، وسبل حفظ الأمن والاستقرار في عموم البلاد".
وقطعت السلطات، خدمة الإنترنت مجددا عن العاصمة بغداد، ومحافظات أخرى في الوسط والجنوب، دون أن تصدر توضيحا رسميا حول سبب الانقطاع.
وجاء ذلك بعد ساعات قليلة من عودة الخدمة التي قطعتها الحكومة لأول مرة، الإثنين الماضي، خلال الموجة الجديدة من الاحتجاجات التي بدأت قبل أكثر من أسبوعين.
ونقلت وسائل إعلام محلية، في وقت سابق عن عبد الكريم خلف، المتحدث العسكري باسم رئيس الحكومة، عادل عبد المهدي، قوله إن الحكومة أوقفت خدمة الإنترنت لاحتواء "خطاب الكراهية".
وقطعت السلطات العراقية الإنترنت من قبل، مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في مواجهة موجة الاحتجاجات الأولى.
وتواجه الحكومة العراقية احتجاجات غير مسبوقة منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003، تطالب باستقالتها ورحيل النخب السياسية الفاسدة، لكن عبد المهدي يرفض تقديم استقالة حكومته قبل الاتفاق على بديل، وتعهد بإجراء الإصلاحات التي يطالب بها المتظاهرون.
ومنذ 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يشهد العراق الموجة الجديدة للاحتجاجات، وهي الثانية من نوعها بعد أخرى سبقتها بنحو أسبوعين.
وتخللت الاحتجاجات أعمال عنف واسعة النطاق خلفت 285 قتيلا على الأقل فضلا عن نحو 13 ألف مصاب في مواجهات بين المتظاهرين من جهة والقوات الأمنية ومسلحي فصائل مسلحة مقربة من إيران من جهة ثانية، حسب إحصائية أعدتها الأناضول استنادا إلى أرقام مفوضية حقوق الإنسان العراقية، ومصادر طبية.