الخميس 02 ابريل 2020 19:33 م بتوقيت القدس
تتمسّك إسرائيل في زمن الكورونا بعقيدة السيطرة المُحكمة على المؤسسات، وعلى حياة المواطن. ومن يراقب المشهد السياسي الإسرائيلي يرى تماما حرصها الدائم على صياغة وضع يتلاءم مع ذلك. من الواضح أن لذلك أيضا انعكاسا على المنهاج الإسرائيلي في المدارس العربية.
لطالما تحدّثنا على أن تتعامل إسرائيل مع المدارس العربية كآلية سيطرة على المجتمع الفلسطيني، وبالتالي لا يمكن فصل هذه السياسة الممنهجة عن السياسة العامة التي نشهدها يوميا تجاه الفلسطيني في البلاد. بل على العكس تماما. اختراق ودور الشاباك التاريخيّان تجاهنا كانا من خلال التضييق على المعلّم الفلسطيني وحتما على المنهاج الإسرائيلي، الذي سعت إسرائيل دائما من خلاله إلى تجريد الطالب الفلسطيني من هوّيته وانتمائه لقضيته وشعبه ورموزه. وهذا كونه قرارا سياسيا فهو مدعوم بخطوات، بالإضافة إلى تمويلات ترافق عملية الرقابة على المحتوى في المدارس، وإلى المناخ التربوي الذي يمكن أن يُغضب عقيدة السيطرة على المدارس والمجتمع الفلسطيني.
خلال هذا الأسبوع عملت وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية على تعميم تركيز مواد البجروت، بما في ذلك أيضا موضوع المدنيات، ومن رأى ذلك يدرك أن إسرائيل حتى زمن الأزمات تعطي أولوية في تعزيز رموز يهوديتها في الدولة العميقة، الأمر غير مستهجن، خصوصا عند الحديث عن المدارس العربية.
باتت العقيدة الصهيونية اليمينة هي في صلب عقيدة السيطرة المحكمة، وبالتالي نرى ذلك باستمرار، كملاحقة سياسية للمعلّم، إن حاد عن الطريق، بنظرها، أو للفلسطيني بشكل عام. ولكن، من الواضح أن استغلال الكورونا كان أيضا من أجل ضرب تعليم قيم ديموقراطية بشكل عام في المنهاج وكذلك ضرب "المواطنة" بمعناها السياسي الديموقراطي الذي يعكس المشاركة المدنية للمواطن، وبهذا استطاعت إسرائيل استبدالها بموضوعات أكثر بعدا وغرابة عن الطالب الفلسطيني، الذي بدوره أيضا انعكس على التحصيل التعليمي.
التركيز كان خاليا من موضوعات تعكس الجانب الديموقراطي للمادة، وأهمها الصراع القومي، المحكمة العليا، وتقليص حيز سيادة القانون، بمعنى تقليص الحيّز الديموقراطي النظري الذي يتلقاه الطالب من خلال المنهاج وبالمقابل ضخ أكبر عدد من موضوعات تعكس يهودية الدولة بل تعكس فكر اليمين الصهيوني الذي بنفسه هو يسيطر على السياسية الإسرائيلية ومؤسساتها: لذلك نرى أهمية قصوى لقانون القومية الذي بدوره جاء لينسف شرعيّة وجودنا كشعب على فلسطين التاريخية، بل انتزاع ذلك وفكرة بناء الدولة.
كان هذا القانون الأكثر صعوبة في التعامل معه كمعلمين أمام الطالب الفلسطيني، لذلك حينها كانت خطوات احتجاجية ولكن باعتقادي هي الأخرى تحتاج إلى نضال كامل عام نشهد من خلاله نهضة في المدارس في وجه سياسة الشاباك الإقصائية والرقابية.
بالإضافة إلى رموز وقوانين وسياسات تعزّز المعنى السياسي لهذه المادة. لذلك نحن بحاجة قصوى إلى ترتيب هذا العمل ضمن النضال الفلسطيني العام، وبالتالي هذا يحتاج إلى مجهود الجميع ومن ضمنهم معلمين يحملون رؤية مهنيّة ولكن، أيضا، ملتزمون لقيم وطنيّة عادلة تقف بوجه السياسة الإقصائية والعنصرية وتتمسك بفرض الرواية الفلسطينية التي بطبيعة الحال ستنعكس أيضا على التحصيل التعليمي للطلاب، ومنها بناء رؤية شاملة من أجل النهوض في التربية والتعليم والثقافة في مجتمعنا الفلسطيني حتى تحقيق الاستقلالية الثقافية الكاملة.