الجمعة 11 نوفمبر 2016 08:32 م بتوقيت القدس
بقلم الشّيخ حمّاد أبو دعابس
رئيس الحركة الإسلاميّة
بخلاف كل استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات الأمريكية ، ورغم صورة الصلف والعنجهيَّة و" الشوفونية " ، التي رسمها الإعلام الأمريكي والعالمي للمرشح دونالد ترامب ، إلا أنّ الأخير ، فاجأ الجميع وحقّق انتصاراً كبيراً على منافِستِه هيلاري كلنتون ، في سباق الرئاسة الأمريكيَّة . ونتساءل : ما وجه الغرابة في منهجيَّة التصويت الأمريكي ؟ وكيف وصل رجل المال والأعمال أصلاً إلى أن يكون مرشَّحاً للجمهوريين، رغم عدم انتمائه الواضح للحزب الجمهوري ؟ وهل الأخلاق والقيم تلعب دوراً مهمَّاً في حياة وقرار النّاخب البسيط ؟.
الحقيقة الواضحة ، هي أنَّ تقييم الشارع الأمريكي ، ونظرته إلى من يطرح نفسه لتولّي القيادة ، تختلف عن نظرتنا بشكل عام ، وتختلف خاصَّةً عن تقييماتنا نحن العرب . وإذا حاولنا أن نرسم في مخيِّلتنا أبناء الجيل الأول الذي أسَّس الولايات المتحدة الأمريكية ، فماذا نجد ؟. نجد الأوروبي الأشقر ، الذي جاء ومعه السِّلاح النَّاري ، إلى ارضٍ شاسعة يسكنها سكان أصلانيّون ، أُطلق عليهم " الهنود الحمر" . هذا الأوروبي المحتلّ ، سمح لنفسه أن يقتل عشرات ملايين السُّكَّان الأصليّين ، وجلب من أفريقيا ملايين العبيد الذين اختطفهم اختطافاً ، ومات منهم الملايين غرقاً في البحر . وأسَّس دولةً عملاقةً قائمةً على الجَشع والعنصريَّة والاستعلاء ، ثم ما لبث أن حوَّل البلاد الجديدة إلى بلاد التَّرف والمتعة ، التي تقدِّس المال والثروات وتجعلها الاهتمام الأوَّل ، وتتخذ من الإباحيَّة والشهوانيَّة سبيلاً مشروعاً للشُّهرة والجاه ، وتستخفّ بدماء بقية شعوب الأرض ، وتعتبرهم مُسخَّرين لخدمتها ورفاهيَّتها .
ونتساءل مرةً أخرى : أليست هذه هي القيم التي أوصلت ترامب إلى كرسيّ رئاسة الولايات المتحدة ؟ إذاً ..... فأين العجب؟ هذا هو الأمريكيّ الأصليّ ، الكاوبوي ، ازعر الحارة ، الذي تنقله لنا الأفلام الأمريكية ، مثل " رامبو " وغيره ، الذي يقتل خصومه بدون أي استشعار لذنبٍ أو خطيئةٍ .
وما جورج بوش " الابن"عنَّا ببعيد
لو كانت الثَّقافة ، والآدميَّة ، والأخلاق معياراً لدى الأمريكيّين في انتخابهم ، لما أعادوا انتخاب جورج بوش الإبن لجولتين متتاليتين لرئاسة الولايات المتحدة . هذا الرئيس الدَّموي ، الجاهل ، صاحب أكثر التَّصريحات العلنيَّة "غباءً" وصاحب التَّاريخ الدَّموي بلا مبرِّرات معقولة في أفغانستان والعراق ..... وقد ثبت لاحقاً بأنَّه دمَّر العراق بناءً على معلومات كاذبة اقنع بها الشعب الأمريكيّ ، المحبّ للدَّموية ، بأنّ العراق يمتلك أسلحة دمار شامل . ولم يشفع للعراقيّين خصوعهم لكلّ القرارات الدَّوليَّة التي دُبِّرت ضدَّهم ، ثم دمَّر بلداً ، قتل شعباً وأباد حضارةً ، وزرع فتنةً لا يزال العراق يغرق فيها ويدفع ثمنها إلى يومنا . فأيّ آدميَّة ، وأيَّة أخلاقٍ أو قيم ، يمكنها أن تحكم النَّاخب الأمريكي ؟. أنَّها تماماً نفس القيم التي أوصلت اليمين الإسرائيلي المتطرِّف إلى سِدّة الحكم ، لسان حالها يقول : بقدر ما تقتل فأنت بطل ، وبقدر ما تختلق من أعداءٍ تخيف بهم شعبك ، سيصطفّ وراءَك ذلك الشَّعب ، الذي يحبُّ أن يرى قائدة قوياً في وجه الأعداء ، ولو لم يمتلك من الإنسانيَّة وقيمها شيئاً .
وخلاصةُ القول :
- ليست كلينتون بأفضل من ترامب ، ولكنّ ترامب أكثر عنجهيَّةً وصلفاً ، ووضوحاً في عدائه لغير الأمريكيين ، وعليه فقد يكون أسوأ للأمريكان من حيث لم يحتسبوا .
- ليس كل ما تفوَّه به ترامب كمرشَّح ، يمكنه تنفيذه كرئيس . فأمريكا دولة مؤسَّسات ، فإذا استلم منصبه تعرَّف على حدود تحرُّكاته ، والقرارات التي تحتاج مصادقة الكونغرس وغيرها ، هي جزء من الظروف التي تحدّ من مغامراته المتوقَّعة .
- نستبشر بقول الله تعالى :"وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمَرنَا ( أو أَمَّرنَا ) مترفيها ففسقوا فيها فحقَّ عليها القول ، فدمَّرناها تدميراً " . فعسى أن يكون هذا المترف الفاسق سبباً في هلاك تلك " القرية " الظالمة وفق عُرف القرآن الكريم .......
وما ذلك على الله بعزيز
التعليقات
سليم عبد المجيد غرابا11 نوفمبر 2016
شيخ حماد . ما أشطرنا بالتسابق على تلوين الكلمات بأجمل الأوان ..... وتزيين العبارات بأحسنها .... وواقعنا الأليم نتركه جانبا" وكأن القيادة العربية في البلاد تبارك الله ... إسأل نفسك والإنقسام ....... إسأل أعضاء الكنيست ما همهم الوحيد ؟؟؟ المال وجمع المال .. رام الله ... الفنادق والقائمة حدث ولا حرج. هذا حالنا ببساطة على الصعيد المحلي . ننتقل إلى الوضع العربي .... أين حرية الشعوب ؟ الزعماء كيف تنتخب ؟ الأموال من ينهبها؟ الكروش المليئة بالحرام باسم الدين .... القائمة طويلة . نحنا شاطريييييييييين نحكي عالغير ونسيت يا شيخ بأن حالنا سيبقى على هذا الحال ما دامت السموات والأرض لأننا شعب إتكالي يرقص على أغنية على بابي واقف قمرين والعالم وصل إلى القمر ليكتشف العجزات. من الأجدر بأن تحاسب القيادات العربية وأعضاء الكنيست العرب من المشتركة لأنهم صفر أعمال وأصحاب كلام يتبعه كلام بدون رصيد.