أصدرت الهيئة الشعبية لنصرة عشاق الأقصى حول سجن الشيخ رائد صلاح الذي سيبدأ قضاء فترة سجنه من صباح يوم غد الأحد.
وجاء في نص البيان ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
وبعد؛
يبدأ شيخ الأقصى، فضيلة الشيخ رائد صلاح صباح يوم غد الأحد (16/8/2020) قضاء فترة سجنه التي فرضها عليه جهاز القضاء الإسرائيلي ظُلما، والتي سيمضي فيها 17 شهرا في الزنازين، في القضية المعروفة إعلاميا باسم “ملف الثوابت”.
وإننا إذ نسجل هذا الموقف للتاريخ وللأجيال القادمة فإننا نؤكد مجموعة من الملاحظات:
أولا: إن كل لحظة سيمضيها الشيخ رائد صلاح في سجون الظلم الإسرائيلية ستبقى لعنة تلاحق نتنياهو ومَن حوله، كما ستلاحق القاضي الذي أصدر حكمه الباطل وهو يعرف أنه عندما كتب قراره ذاك إنما كان يخالف كل أسس العدالة، وكان يضرب عرض الحائط أهم حقوق الإنسان؛ حق الحرية في التعبير عن الرأي، وحق الدفاع عن المقدسات، وحق الحرية في العبادة. وهي لعنة ستلاحق كل الذين شاركوا في مسرحية محاكمة الشيخ، من نيابة وشهود زور إلى آخر القائمة.

ثانيا: لقد اعتُقل الشيخ ظُلما وحوكم ظُلما ويُسجن ظُلما، ذلك أن قضيته هي قضية شعب وقضية أمة. إن قضيته قضية ثوابت شعب وثوابت أمة.

ثالثا: لقد واكبنا، كهيئة شعبية لنصرة عشاق الأقصى، ملف الثوابت، مثلما واكبنا جميع القضايا المتعلقة بسائر عشاق الأقصى، الذي اعتُقلوا وحوكموا وسجنوا لفترات مختلفة. وكانت قناعتنا أن الهدف من كل هذه الملاحقات تصب في قضية واحدة هي قضية القدس والمسجد الأقصى المبارك. ولم يكن خافيا على أحد أن الشيخ رائد وسائر إخوانه من عشاق الأقصى كانت قضية المسجد الأقصى المبارك في صلب ملفاتهم دون استثناء.

رابعا: إن الذي يتمعن في تفصيلات ملف الثوابت سيقف مندهشا أمام هذا الكم الهائل من التلفيقات والأكاذيب وتزويرات الترجمات التي ملأت صفحات هذا الملف من أوله لآخره، بهدف إدانة شيخ الأقصى بكل ثمن. بل كُنّا على قناعة أن قرار الإدانة كان جاهزا مسبقا، لأنه اتُّخذ بقرار سياسي وليس بقرار قضائي مبني على الأدلة الحقيقية، وأن إجراءات المحاكمة لم تكن سوى مسرحية أرادت المؤسسة الإسرائيلية من خلالها أن تُظهر للرأي العام أنها دولة مؤسسات، وأن هناك جهازا قضائيا يمنح المتهم كافة حقوقه للدفاع عن نفسه. وهذا كله لم يكن سوى ذر رماد في العيون بهدف التغطية على حقيقة كون هذا الملف وسائر ملفات عشاق الأقصى ملاحقة سياسية ودينية واضحة المعالم.

خامسا: لقد نُشر قرار إدانة الشيخ رائد، مترجما إلى اللغة العربية، في كتاب “شهادة الشيخ رائد صلاح في ملف الثوابت” الذي صدر مؤخرا. وندعو الجميع إلى قراءة القرار (وقراءة الكتاب كله) بتمعن حتى يعرفوا حجم الظلم الذي وقع عليه في هذا الملف الخطير الذي امتلأ بالتشويهات والأكاذيب والأضاليل.

سادسا: هذا الملف كان بمثابة محاكمة للقرآن الكريم، وللمفاهيم الإسلامية، ذلك أن كل البنود التي أدين فيها شيخ الأقصى إنما تتعلق بتفسيرات آيات قرآنية وأحاديث نبوية ومفاهيم إسلامية تتعلق بالقدس والمسجد الأقصى وقضية الشهادة والرباط وغير ذلك مما ورد في خطب الجمعة التي ألقاها الشيخ على خلفية قضية البوابات الإلكترونية التي سعى الاحتلال إلى فرضها على المسجد الأقصى غداة استشهاد الشبان الثلاثة من أم الفحم في المسجد الأقصى يوم 14/7/2017.

سابعا: ازدادت قناعتنا بأن هذا الملف خلفيته سياسية دينية عندما وجدنا قاضي الظلم الإسرائيلي قد جعل من نفسه مفسرا للقرآن الكريم، وهو الذي لا يتقن لفظ حرف واحد باللغة العربية بصورة صحيحة. فكان هذا أحد الأدلة على أن حقيقة هذا الملف هي حرب على الإسلام بكل ما في الكلمة من معنى.

ثامنا: سيدخل شيخ الأقصى سجن الظالمين رافع الرأس شامخا مبتسما كعادته، وسيكون في سجنه في خلوة مع الله تعالى، شأنه شأن السابقين من رجال الأمة الذين سُجنوا ظلما وعدوانا، أمثال ابن تيمية والعز بن عبد السلام وأحمد بن حنبل وغيرهم رضي الله عنهم، ومن علماء الأمة ودعاتها في زماننا الذين بطشت بهم أيدي الظلمة في مصر والسعودية والإمارات والبحرين وسوريا والعراق وغيرها. فكلهم مع المؤسسة الإسرائيلية يرمون الشرفاء عن قوس واحدة. وسيخرج الشيخ من سجنه شامخا كذلك مبتسما ابتسامته المعهودة التي يسخر بها من الظالمين. وسيواصل الشيخ دفاعه عن ثوابت شعبنا وأمتنا، لا يرده عن ذلك بطش أو ملاحقة أو تضييق أو سجن.

تاسعا: من هنا فإننا نوجه التحية إلى شيخ الأقصى الذي سطر في هذا الملف، كما فعل في ملفات سابقة، موقفا سيسجله التاريخ بأحرف من نور. ونسأل الله تعالى أن يزيده ثباتا على الثوابت، وإصرارا على الحق، ونصرة لقضايا الأمة.

عاشرا: تحية إلى أسرة الشيخ رائد، إلى والدته وزوجه وأبنائه وبناته وإخوانه، تلك الأسرة التي ما زادتها الملفات المتلاحقة التي حوكم فيها الشيخ إلا ثباتا على الحق وإصرارا على الثوابت. وتحية إلى طاقم المحامين الرائع الذي عمل طوال فترة المحاكمة على كشف الوجه الحقيقي لهذا الملف. وتحية إلى كل الذين واكبوا هذه القضية وشاركوا بالحضور إلى جلسات المحاكمة التي امتدت في أغلبها لساعات طويلة. تحية إلى شرفاء شعبنا الذين فهموا حقيقة الملف فسجلوا موقفا حقيقيا منه برفضهم له وبمناصرتهم لشيخ الأقصى. تحية إلى كل من ناصر الثوابت في هذا الملف بكلمة نشرها أو بموقف عبر عنه في بيان. تحية إلى اللجنة الشعبية في أم الفحم التي كان لها الموقف المشرف منذ بدايات هذا الملف. وتحية إلى الإعلاميين والصحافيين ووسائل الإعلام من الذين تابعوا هذا الملف.

أخيرا: لم ينته هذا الملف بسجن الشيخ، ولن ينتهي حتى توضعَ النقاط على الحروف، وحتى تردَّ الحقوق إلى أصحابها. فهو ليس ملفا شخصيا للشيخ، بل هو قضية شعب وقضية أمة. ولذلك فإننا نثمن تلك المبادرة التي أطلقها منتدى الفكر والدراسات الاستراتيجية بالمشاركة مع عدد من المنظمات والمؤسسات الحقوقية في العالم، والتي دعا من خلالها إلى التوقيع على عريضة المذكرة القانونية التي تدين سجن الشيخ وتطالب بالإفراج الفوري عنه، كما تدعو إلى محاكمة السلطات الإسرائيلية على انتهاكها لحق الإنسان الفلسطيني في الاعتقاد والعبادة، ونصرة للقدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك والمقدسيين. وندعو الجميع إلى التوقيع على هذه العريضة.

الكلمات الدلالية :