الاثنين 21 نوفمبر 2016 21:09 م بتوقيت القدس
مع استمرار وقوع جرائم القتل وجرائم العنف اليومية وعلى مدار الساعة وفي النهار أكثر من الليل، في المجتمع العربي، لم اعد اصدق ولم اعد أؤمن بالتمني لتكن "اخر" الجرائم أو اخر إحداث العنف، لان مشوارنا طويل وشائك مع العنف الذي سيقتل بعم سيقتل العشرات وسيقتل المئات في المستقبل الغير بعيد ونحن نرفع الشعار الأبله "لا للعنف".
خلال الأيام الأخيرة، وبعد حوادث القتل والغدر في كفر ياسيف وكفر كنا وجديدة المكر والبعنة دير الاسد وقلنسوة، وانا أراجح أفكاري إلى سنين مضت وأقارنها بهذه الأيام، استوقفتني مقولة قالتها لي قبل 33 عاما إحدى معلماتي صاحبات الفضل علي، في الصف الأول الابتدائي "العلم في الصغر كالنقش على الحجر"، وهنا وبصريح العبارة اعتقد أن معلمتي اليوم لم تكن على صواب تام، لان المقولة الصحيحة اليوم "العنف في الصغر كالنقش على الحجر".
نسأل ونتساءل عن أسباب العنف ونحن نعرفها، نستغرب علنا من حوادث القتل ونحن نعلم أن الأمر غير مفاجئ، نقول "لا للعنف" ونحن نمارسه كل يوم كل ساعة، في الحارة والشارع والمدرسة والبنك والبريد وحتى في صندوق المرضى.
ما يحصل لنا كمجتمع هو بالأساس حصاد ما زرعناه او ما زرعناه وما نزرعه منذ سنوات طويلة (طبعا دون إعفاء الدولة وحكوماتها المتعاقبة من المسؤولية أبدا).
القيادات الوجهاء والرؤساء السلطات كمثال للعنف
المجتمع العربي قام بتطوير "ثقافة" عنف وعربدة وخاوة وبطش وهضم حق الضعيف، وربما حان الوقت أن نقف أمام أنفسنا وبالشجاعة المطلوبة أن نعترف بالأمر علنا، لأننا نعترف بالأمر بالخفاء، نحن كأفراد وكمجموعات نصفق للعنيف، نعم نصفق للعنيف نصفق لمن يعتدي ويضرب ولمن يكسر ويعربد، ونمنحه الشرعية والدعم ان لم يكن علنا فنمنحه الدعم بالسكوت وعدم الوقوف بوجه العنيف والظالم والأزعر ومن يحتمي بعائلة كبيرة او حمولة او حتى بطائفة كبيرة.
السكون على ممارسات العنف من قبل القيادات المحلية، قيادات سياسية محلية ودينية وقيادات جماهيرية، هو من يغذي العنف ومن يمنح الشرعية للعنيف ان يصول ويجول، رئيس السلطة المحلية الذي ينجح بدعم من مجموعة من المجرمين ويتستر عليهم ويساعدهم بالسيطرة على مصالح في بلدته، ومدير المدرسة الذي يحتمي بمجموعة من عالم الإجرام، وصاحب وسيلة الإعلام الذي يخاف أن يكتب كي لا يتم الاعتداء عليه، وصاحب المطعم الذي يدفع الخاوة كي لا يتم حرق المطعم، ومن يعرف اين يخبئ قريبه السلاح المهرب الغير مرخص كلهم شركاء في العنف وكلهم يختبئون ويهربون من العنف وفي الوقت ذاته كلهم يشجبون ويلعقون مؤخرات الازعر الذي يعربد ويعتدي ويبطش بمن هو اضعف منه، من هنا من الأفضل أن لا نلوم إي احد قبل أن نقف أمام المرآة ونعترف أن المشكلة نحن وان "العنف في الصغر كالنقش على الحجر".