الاثنين 26 اكتوبر 2020 13:06 م بتوقيت القدس
قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية، إن استدعاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سفيره لدى تركيا يوم السبت احتجاجا على تصريحات الرئيس التركي الذي شكك في “صحته العقلية”، تعد خطوة جديدة في تدهور العلاقات بين فرنسا وتركيا في عهد رجب طيب أردوغان، وأتت على خلفية تصريحات الرئيس الفرنسي في أعقاب جريمة قتل مدرس فرنسي بعد عرضه لرسوم كاريكاتيرية أُريد بها تجسيد النبي محمد. وهي المرة الأولى في تاريخ العلاقات بين البلدين التي يتم فيها استدعاء ممثل الدبلوماسية الفرنسية إلى باريس.
وأوضحت لوفيغارو أن التوترات بين فرنسا وتركيا قديمة وتسبق وصول إيمانويل ماكرون إلى قصر الإليزيه، حيث إن المعارضة الفرنسية لدخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي وقانون الإبادة الجماعية للأرمن من قبل الأتراك العثمانيين عام 2001 قد وضع أنقرة في مواجهة باريس. ومنذ عام 2017، تسببت سياسيات أردوغان الإمبريالية- الجديدة في حدوث شقاق كبير بين البلدين، كما تقول الصحيفة.
كما أن باريس انزعجت من استغلال أنقرة للانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط لشن هجومها في شمال غرب سوريا ضد حلفاء فرنسا الأكراد. وأيضا، انزعجت فرنسا بشدة من التغيير في ميزان القوى الذي أحدثه التدخل التركي في ليبيا ودعم أنقرة لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج في طرابلس، بينما اعتمدت فرنسا على قوات الجنرال حفتر. وتشير لوفيغارو إلى أن باريس تلاحظ أن تنامي نفوذ تركيا في ليبيا يمنح الرئيس أردوغان بوابة ثانية للتأثير على حركات الهجرة.
تتابع الصحيفة التوضيح أن حديث إيمانويل ماكرون العام الماضي حول “الموت الدماغي لحلف الناتو” لم يكن يستهدف فقط هجمات دونالد ترامب على الحلف “ونزعته الأحادية”، بل إنه كان أيضا يشير من خلاله إلى “استفزازات” تركيا عبر تدخلها في سوريا، ولكن أيضا بشراء نظام دفاع روسي مضاد للصواريخ “إس 400” غير متوافق مع أنظمة الناتو العسكرية. في ذلك الوقت، قال رجب طيب أردوغان إن ماكرون نفسه “ميت دماغياً”.
في يونيو 2020، تعرضت العلاقات بين البلدين لمزيد من التدهور بعد حادثة في شرق البحر الأبيض المتوسط بين الفرقاطة الفرنسية كوربيه وسفينة تركية. وفي غضون أشهر قليلة، حولت تركيا هذه المنطقة إلى ساحة معركة جديدة مع اليونان وقبرص.
في سبتمبر، نظم الرئيس الفرنسي تضامنا مع اليونان وقبرص ضمن قمة دول البحر الأبيض المتوسط.
وأيضا، توضح لوفيغارو أن الإسلام هو كذلك موضوع رئيسي في علاقات باريس وأنقرة. فمنذ وصوله إلى السلطة، عبر إيمانويل ماكرون عن قلقه حيال الحضور الديني التركي في فرنسا، حيث إن تركيا تسيطر على نصف الأئمة الـ300 المعارين من دول أجنبية، وتسعى إلى إنشاء مدارس تركية في فرنسا.
وقبل أسبوعين، ردّ أردوغان بعنف على تصريحات إيمانويل ماكرون حول “الانفصالية الإسلامية” وضرورة “هيكلة الإسلام” في فرنسا. وأثارت تصريحات الرئيس الفرنسي ضد الإسلام السياسي بعد الاغتيال المروع لمدرس فرنسي عرض صورا كاريكاتورية اعتبرها العديد من المسلمين مسيئة للنبي محمد وأثارت غضب أردوغان، الذي اعتبرت الصحيفة أنه يشجع حراك مقاطعة فرنسا في العالم الإسلامي.
وتتابع لوفيغارو القول إنه “بالنسبة للإسلامي رجب طيب أردوغان” فإن فرنسا هدف رئيسي. فهي الدولة الأوروبية التي تضم أكبر جالية مسلمة وتدافع عن العلمانية، وأخذ رئيسها ماكرون زمام المبادرة في قيادة الجبهة المعادية لتركيا؛ محذرا شركاءه الأوروبيين من “المخاطر التي يمثلها أردوغان في شرق البحر المتوسط وليبيا وسوريا، ولكن أيضا في الآونة الأخيرة في نزاع ناغورني قره باغ بين أرمينيا وأذربيجان”.