تحدث جنرال إسرائيلي، عن الأسباب التي تقف خلف فشل الزعماء في تشخيص مسبق لكارثة مقتربة، إذ يمكن من خلال تشخيص سليم تفادي مفاجآت استراتيجية خطيرة.
سلاح الجو المصري
وذكر رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، اللواء الجنرال غيورا آيلند، في مقال بصحيفة “يديعوت أحرنوت”، أن “الهجوم الياباني على “بيرل هاربر” قبل 79 عاما، والذي حول الحرب في أوروبا لحرب عالمية، شكل مفاجأة سواء على المستوى العملياتي أو على المستوى الاستراتيجي”.
ولفت إلى أن “إسرائيل شنت حربا في 5 حزيران/ يونيو 1967، ودمرت سلاح الجو المصري في غضون ثلاث ساعات، وكانت القيادة المصرية في صدمة تامة، ولم تنتعش منها حتى الهزيمة الكاملة، وبعد ست سنوات من ذلك ردت مصر وسوريا علينا بالمثل، وشنوا حربا منسقة في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1973، وعندما سقطت القذائف الأولى واصلت القيادة الاستخبارية الإسرائيلية الادعاء بثقة بأن الحرب لن تقع”.
وتساءل الجنرال: “كيف تقع مثل هذه المفاجآت الهائلة والتي لا تحدث فقط في ميدان المعركة؟”.
وقال: “روى لي جيمز ولفنزون، رئيس البنك الدولي السابق، أنه قبل نحو شهر من وقوع العالم في أزمة 2008 استضاف محافظي البنوك القومية لنحو 40 دولة، وأي منهم لم يشتبه بأنه في غضون شهر ستدخل كل المنظومة المالية العالمية في أزمة بهذا الحجم”.
وقدر آيلند، أنه “توجد ثلاثة أسباب لإخفاقات الزعماء في التشخيص المسبق للكارثة المقتربة، الأول يتعلق بالفكر أو المفهوم؛ فالزعماء يطورون تقديرا يقوم على أساس خليط من الأيديولوجيا، والإيمان والتقدير الزائد لقدراتهم، ومن اللحظة التي يتبلور فيها مثل هذا الفكر، يكون أقوى من أي شيء ويفوق القدرة على التقدير الموضوعي للوضع”.
استنتاج منطقي آخر
والسبب الثاني؛ هو “الميل المنفلت لدى الناس لتصديق التوقع المتفائل؛ وفضل الزعماء العرب في 1967 التمسك بالتقدير أن إسرائيل خائفة، ولهذا فإنها لن تتجرأ على الهجوم، وكان هذا تقديرا معقولا ولكنه بالتأكيد ليس التقدير المحتمل الوحيد، فالتقدير المتفائل من ناحيتهم تبناه الزعماء العرب، كون النفس البشرية يغريها الإيمان بما تريد أن يحصل”.
والثالث بحسب الجنرال، هو “صعوبة أن يدرك الزعماء أن ثقافة الخصوم تختلف عن ثقافتهم؛ الأمريكيون لم يتصوروا أن تختار اليابان الحرب، وكان منطق في هذا التفكير، لقد كان من الواضح للجميع أن اليابان لن تتمكن من أن تتصدى على مدى الزمن للتفوق التكنولوجي والاقتصادي الأمريكي، ولكن النظام العسكري في اليابان عمل وفقا لاعتبارات أخرى”.
وقال: “مثلما فضل كل جندي ياباني تقريبا أن يقتل على ألا يقع في الأسر، هكذا أيضا الزعامة اليابانية فضلت أخذ مخاطرة غير معقولة شريطة ألا تضطر لأن تقدم تنازلات سياسية تعد مهينة من ناحيتها”.
ومجددا تساءل آيلند: “ما هو الاستنتاج من هذا التحليل؟ وهل يمكن تقليص خطر المفاجآت الإستراتيجية؟” مجيبا بأنه “بالفعل، يمكن عمل ذلك إذا كانت القيادة تشجع التفكير النقدي، فرئيس شعبة الاستخبارات “أمان” في 1973 كان يعرف كيف يعطي تفسيرا معللا لماذا لن تكون حرب، واستنتاجه كان منطقيا ولكنه لم يكن الاستنتاج المنطقي الوحيد، ولشدة الأسف، لا الأشخاص تحته ولا فوقه تجرأوا على عرض استنتاج منطقي آخر”.
وبحسب هذا الواقع، فقد شدد الجنرال على أهمية أن “يشجع الزعيم المسؤول على المشاركة والنقد لآرائه وتعيين أناس ذوي رأي يعرفون كيف يتحدون الفرضيات الأساسية لديه، العلنية والسرية على حد سواء”، بحسب رأيه.