الخميس 28 يناير 2021 17:02 م بتوقيت القدس
توعّد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أخيراً، أعلى الهيئات القيادية في حركة “فتح”، اللجنة المركزية والمجلس الثوري للحركة، باستخدام القوة المباشرة ضد أي كادر في “فتح” يخرج عن قرارات الحركة وقائمتها الانتخابية الرسمية.
وبحسب مصادر إعلامية، فقد جاء وعيد الرئيس عباس (أبو مازن) وتهديده المباشر، في حديث باجتماع للمجلس الثوري للحركة، الذي عقد في السادس والعشرين من الشهر الحالي، وقبلها بيومين، في اجتماع اللجنة المركزية للحركة.
وحملت كلمات الرئيس عباس في الاجتماعين، والتي لا تقبل التأويل، تهديداً ووعيداً مباشراً باستخدام القوة ضد كل من يفكر بتشكيل قوائم فتحاوية خارج إجماع الحركة.
وبينما شدد عباس في اجتماع “المجلس الثوري”، كما أوضحت المصادر، على أنه سيمنع “بالقوة” كل من يترشح خارج قائمة الحركة، فقد شهد المجلس تحفظات خجولة على قرارات عباس، التي لم تنشر بعد بشكل رسمي.
وأفادت مصادر متطابقة من أعضاء المجلس الثوري، لـ”العربي الجديد”، بأنه “بعد تهديد ووعيد الرئيس عباس لمن يخالف الأوامر بالترشح أمام قائمة فتح الرسمية، عم الصمت بين الحاضرين”.
وتابعت المصادر، التي اشترطت عدم ذكر اسمها: “كانت هناك تحفظات أيضاَ، لكنها خجولة، تجاه القرارات التي أقرها الرئيس عباس”.
والقرارات التي تم تبنيها، حسب ما وصل إلى “العربي الجديد”، هي منع أعضاء الأطر القيادية لحركة “فتح” المنبثقة عن المؤتمر السابع، من الترشح للانتخابات التشريعية، والتي من المفترض أن تتم في مايو/أيار المقبل. ويشمل القرار أعضاء اللجنة المركزية، وأعضاء المجلس الثوري، وأعضاء المجلس الاستشاري، والوزراء والسفراء والمحافظين وقادة الأجهزة الأمنية، وأعضاء المجلس التشريعي السابقين.
ولم يتم التأكد بعد مما إذا كان قرار المنع يشمل أيضاً وكلاء الوزارات وأمناء سر أقاليم حركة “فتح”.
واستخدم رئيس حركة “فتح”، أبو مازن، كلمات عنيفة ومباشرة لا يستخدمها عادة وهو يخاطب أعضاء المجلس الثوري، ما حدا برئيس المحكمة الحركية ماجد الحلو إلى تخفيف حدتها عبر تعليقه أمام أعضاء الثوري قائلاً: “كل من يخالف الأوامر ستعقد له محكمة حركية”.
وفي اجتماع الرابع والعشرين من الشهر الحالي، كان تهديد أبو مازن أقل حدة من اجتماع 26 من الشهر ذاته، إذ وجهه لأعضاء مركزية “فتح”، طالباً أن يذهب كل عضوين من مركزية “فتح” إلى المحافظة الفلسطينية، على أن يعملا على تعبئة القواعد الفتحاوية والرأي العام لانتخاب حركة “فتح”.
وقال عباس حينها “يعني المحافظات الجنوبية، محافظات قطاع غزة. روحي فتوح(عضو اللجنة المركزية) ينزل على غزة ويشتغل ميدانياً هناك للانتخابات”، وتابع: “وإنت كمان يا ناصر”، مخاطباً ناصر القدوة، عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، “ليش ساكت انزل”.
وتابع: “أما اللي بدوش (لا يريد) يشتغل في هيك موضوع، يقعد في بيته ويسكر على حاله الباب، واللي بفكر ينزل أمام قائمة (فتح) الرسمية سأمنعه بالقوة”.
ومن الواضح أن حديث عباس كان موجهاً للقدوة، التي باتت القطيعة بينهما هي أبرز ما يميز علاقتهما.
وقدم القدوة استقالته من اللجنة المركزية لحركة “فتح” في مايو/أيار 2018، على خلفية خلافات حادة وقعت خلال انعقاد الدورة الثالثة والعشرين للمجلس الوطني الفلسطيني، ثم تراجع عنها بعد تدخل أعضاء من مركزية “فتح” وإقناعه بالعدول.
وفي تعليقه على قرارات عباس، أكد عضو المجلس الثوري لحركة “فتح” عبد الإله الأتيرة، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “قرار منع أعضاء الهيئات القيادية العليا في (فتح) من الترشح، أي أعضاء اللجنة المركزية، والمجلس الثوري، والمجلس الاستشاري للحركة، إلى جانب السفراء، جاء نتيجة عصف ذهني من فترة طويلة، لما فيه مصلحة وطنية وحدوية”.
وقال الأتيرة: “هذا توجه الرئيس عباس، وكان صارماً ومصراً عليه، بهدف إتاحة الفرصة للأجيال المقبلة لحمل المسؤولية وتوريثهم المؤسسات الوطنية، وإيجاد تنوع في المرشحين من القطاعات الشبابية الأكاديمية والنسوية والخبرات المختلفة”.
وحسب الأتيرة، فإن هذا القرار سيطاول من فشلوا في الانتخابات التشريعية أيضاً، قائلاً: “ممنوع أن نكرر خطأ انتخابات المجلس التشريعي 2006، عندما حصل مرشحو (فتح) على أصوات كثيرة، لكنها مشتتة”.
وقال الأتيرة: “هناك خمس لجان خاصة بالانتخابات، ثلاث في الضفة الغربية شمال ووسط وجنوب، واثنتين في غزة شمال وجنوب، وأعضاء هذه اللجان والقائمون عليها هم أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري، ووظيفتهم العمل الميداني في كل المحافظات، والخروج بقوائم المرشحين وطرحها أمام اللجنة المركزية والمجلس الثوري للتصويت عليها”.
وأكدت المصادر في المجلس الثوري لـ”العربي الجديد”، أن هذا القرار تم تبنيه من حيث المبدأ، لكن ستكون هناك استثناءات حسبما تقتضيه مصلحة الحركة.
وهذا القرار يضرب الكثير من الأهداف بحجر واحد، فهو من جهة يقطع الطريق على عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” الأسير مروان البرغوثي، وقيادات فتحاوية ونواب التشريعي على خلاف مع الرئيس “أبو مازن”، أو محسوبين على القيادي المطرود من حركة “فتح” محمد دحلان، من الترشح وتشكيل قوائم انتخابية.
بدوره، علق عضو المجلس الاستشاري لحركة “فتح” عبد الله عبد الله، في حديث لـ”العربي الجديد”، بالقول: “لا بد من إعادة النظر في هذا الموضوع”.
وتابع: “أنا شخصياً أعتقد أننا بحاجة لذوي الخبرة على كل المستويات، والفئات التي تم استثناؤها لديها خبرة كبيرة، وأنا مع ضخ الدماء الجديدة، لكن هذا الضخ يجب أن لا يكون مرة واحدة، يجب أن يكون هناك مزج بين الجهتين”.
ومن المتوقع أن يعيّن الرئيس “أبو مازن” أعضاء اللجنة الإعلامية الخاصة بالانتخابات من حركة “فتح” في اليومين المقبلين، حتى يقيّد التصريحات الإعلامية ويحصرها بأسماء محددة.