السبت 13 فبراير 2021 21:13 م بتوقيت القدس
نشرت «مؤسسة بيو البحثية» في نهاية عام 2020، مسحًا جديدًا يرصد الاضطهاد الديني لعام 2018. كان التقرير مليئًا بالمفاجآت خاصةً فيما يتعلق بالإسلام والمسيحية، كما بلغ مؤشر الاضطهاد أعلى مستوياته منذ أن بدأت «مؤسسة بيو» بحثها في 2007، واصلًا إلى ذروته نتيجة ارتفاع مستويات القيود الحكومية المتعلقة بالدين -وهي القوانين و السياسات المتبعة في بعض الدول وتعمل على تقييد المعتقدات والممارسات الدينية؛ إذ صعد المؤشر بنسبة كبيرة على مدار العقد الفائت.
تناول التقرير أيضًا ما تعاني منه الأقليات الدينية من عداءٍ اجتماعي في بلدانٍ كثيرة على يد أفراد أو منظمات وجماعات متطرفة. وفي السطور التالية، نتناول بالبحث كل ما تناوله التقرير عن القيود الممارسة على الإسلام، إلى جانب نسب العداء الاجتماعي.
الإسلام والمسيحية «مضطهدين» أكثر من أية مجموعة دينية أخرى
90% من البلدان موضوع الدراسة سُجل فيها اضطهاد على أساس ديني، بدايةً من الإساءات اللفظية وحتى العنف الجسدي الذي قد يصل إلى القتل. بواقع 185 دولة من أصل 198. وهو انخفاض طفيف عما ورد في تقرير المركز عام 2017، بواقع 187 دولة. وقد شمل التقرير المضايقات التي يتعرض لها الملحدين واللادينيين والإنسانيين «أتباع الفلسفة الإنسانية».
رغم ذلك، يشير التقرير إلى أن المسيحية والإسلام خلال 2018، قد تعرضوا لمضايقات دينية أكثر من أية مجموعة دينية أخرى. إذ على الرغم من أن الإسلام والمسيحية يشكلان أكبر المجموعات الدينية وأوسعهم انتشارًا، وفقًا للدراسة البحثية، يتعرض المسيحيين للمضايقات الدينية في 145 دولة. كان من بينهم اسرائيل. إذ رُصدت هناك بعض الحوادث الطائفية، كان منها إصابة راهب مسيحي إثيوبي على يد ضباط الشرطة إسرائيليين أثناء طرده من كنيسته.
تعرض المسيحيون للمضايقات الدينية في 80% من منطقة آسيا والمحيط الهادئ، و76% من البلدان الأوروبية. في حين وصلت النسبة في أفريقيا إلى 67%. كما سجلت دول الأمريكتين انخفاضًا طفيفًا في المضايقات الدينية، إذ وصلت إلى 20 دولة بدلًا من 21 في تقرير 2017، المنشور عام 2019.
في تقرير 2018، جرت الإشارة أيضًا إلى تعرض المسيحيين للاضطهاد في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بواقع 19 دولة من أصل 20 دولة سواء من قبل الحكومات أو بعض الجماعات. في الجزائر على سبيل المثال، وبحسب منظور التقرير رفضت محكمة زواج فردين لأن أحدهما كان مسيحيًا. كما وصلت نسبة العداء الاجتماعي إلى 15 دولة. وهي أعلى نسبة منذ بدء هذه الدراسة عام 2007. إذ وصلت 75%.
وفي حين احتلت المسيحية المرتبة الأولى للمجموعات الدينية المضطهدة عام 2018 في 145 دولة، جاء الإسلام في المرتبة الثانية داخل 139 دولة، ومن بعده اليهودية في المركز الثالث في 88 دولة. وكان من بين الحوادث المبلغ عنها وتتضمن اليهود، مقتل سيدة يهودية عمرها 85 عاما بفرنسا لأسباب دينية في مارس (أذار) 2018.
تعرض «الإسلام» للاضطهاد في 139 دولة
في التقرير جرى تقسيم الاضطهاد إلى فئتين، هما: «القيود الحكومية، والعداء المجتمعي». كانت الفئة الأولى خاصة بسياسات الدول وقوانينها التي تتناول الأديان وحرية العبادة وممارسة الطقوس الدينية، أما الفئة الثانية، فتناولت ما يتعرض له الأقليات الدينية من أعمال عنف، يمارسها أفراد أو جماعات لاستهداف أشخاص على أساس دينهم. مثل اضطهاد الأقليات الدينية من قبل معتنقي دين الأغلبية بدولة ما. وفقًا للتقرير تعرض المسلمون للمضايقات في 139 دولة من الدول موضوع البحث. سواء من خلال القيود الحكومية المفروضة على الممارسات الدينية، أو عداء اجتماعي من قبل أفراد وجماعات.
على سبيل المثال 82% من الحكومات الأوروبية فرضت قيود على المسلمين في 39 دولة من أصل 45، كما وصلت نسبة العداء الاجتماعي للمسلمين في أوروبا إلى 71%. وفي منطقة آسيا والمحيط الهادئ عانى المسلمون من المضايقات الدينية في 70% من البلدان، ووصلت النسبة إلى 31% في الأمريكتين. وفقًا للتقرير يعاني المسلمون من القيود الحكومية والمضايقات في جميع البلدان – باستثناء الأمريكتين، ففي الأمريكتين كان الوضع هو ازدياد نسبة العداء الاجتماعي فيهم عن المضايقات الحكومية.
شهدت منطقة آسيا أيضًا استخدام القوة الحكومية على نطاق واسع ضد الأقليات الدينية. في بورما على سبيل المثال، فر أكثر من 14 ألفًا و500 من مسلمي الروهينجا إلى بنجلاديش هربًا من الاضطهاد. كما كان هناك أكثر من 4500 مسلم عالقين على الحدود بين بورما وبنجلاديش، وتعرضوا خلال ذلك للإساءات من قبل القوات البورمية على الحدود.
خمس دول ديمقراطية تمارس «عداءً اجتماعيًا» ضد الإسلام
انخفضت نسبة العداء الاجتماعي ضد الأقليات الدينية من 56 إلى 53 دولة بنسبة 27% من 198 دولة محل الدراسة، كان منها 16 دولة أوروبية، و14 دولة في آسيا والمحيط الهادئ، و11 في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. رغم ذلك سجلت خمس دول ديمقراطية بشكلٍ كامل حوادث معادية للإسلام.
عام 2018 فرضت الدنمارك بعض القيود الحكومية على غطاء الوجه؛ إذ حظرته بموجب القانون، بما في ذلك ارتداء البرقع والنقاب. وقد دخل القرار حيز التنفيذ العام. لتصبح الدانمارك الدولة الأولى الديمقراطية بشكلٍ كامل التي تفرض قيودًا حكومية شديدة على الأديان.
وفقًا للتقرير، في الجزء الخاص بالأنظمة السياسية والاضطهاد الديني، جرت الإشارة إلى أن هناك 43 دولة سجلت مستويات عالية من العداء الاجتماعي، منها 21% دول استبدادية، 33% من الأنظمة الهجينة، و30% ديمقراطيات غير كاملة، هذا إلى جانب 12% ديمقراطيات كاملة، وهي خمس دول خاضعة لنظام ديمقراطي كامل، وتقع جميعها في القارة الأوروبية: ألمانيا، وهولندا، والدنمارك، وسويسرا، والمملكة المتحدة، إذ سجلت في الدول الخمس سابقة الذكر حوادث معادية للإسلام، إلى جانب أخرى معادية السامية.
الجديد بالذكر أنه من بين العشر دول التي سجلت ارتفاعًا ملحوظًا في مستوى العداء الاجتماعي، كان منها ثلاث ديمقراطيات غير مكتملة هي: «الهند، وإسرائيل، وسريلانكا». إذ احتلت الهند المركز الأول في العداء الاجتماعي على أساس الطائفية الدينية، في حين احتلت إسرائيل المركز الرابع، وسريلانكا العاشر.
في سريلانكا ازدادت معدلات العداء الاجتماعي القائم على الطائفية الدينية عام 2018؛ إذ وضعت البلدين في فئة المستويات «المرتفعة جدًا» من العداوات الاجتماعية القائمة على أساس ديني، مثل الاشتباكات الطائفية، كحادثة مقتل رجل بوذي في سريلانكا على يد بعض المسلمين؛ مما تسبب في الانتقام من الجالية المسلمة هناك عن طريق سلسلة من أحداث الشغب، نتج عنها 30 ضحية من المسلمين بين قتلى وجرحى، وتسبب في فرض الحكومة «حالة الطوارئ» مدة 10 أيام.
الصين الدولة الآسيوية الأكثر وضعًا للقيود الحكومية على الأديان
في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تم التبليغ عن ممارسة قيود حكومية على الدين في 19 دولة من أصل 50. بعدما حظرت بعض الدول ارتداء غطاء الرأس (الحجاب) أو ملابس دينية. على سبيل المثال، في تايلاند رفضت مدرسة عامة ارتداء مجموعة من الطالبات المسلمات للحجاب.
كان المثير للاهتمام أنه من بين 198 دولة خضعت للدراسة، حققت الصين أعلى مستويات «القيود الحكومية» على الديانات. بما في ذلك حظر جماعات دينية بأكملها ومداهمة أماكن العبادة، واحتجاز أفراد، وتعذيبهم. كان بينهم اضطهاد مسلمي إقليم شينج يانج الصيني، وخضوعهم لحملة اعتقالات واسعة النطاق، إلى جانب الأقليات العرقية والدينية الأخرى. وقد جرى احتجازهم بين ما لا يقل عن 800 ألف شخص في مرافق صممت خصيصًا لمحو الهوية الدينية والعرقية، بحسب تقرير الخارجية الأمريكية.
شمال أفريقيا والشرق الأوسط «أعلى» المناطق الممارسة للقيود الحكومية
تعرض المسلمون للمضايقات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أيضًا، بنسبة وصلت100%. بواقع 20 من 20 دولة. إذ أشار التقرير إلى تعرض الأقليات المسلمة من الطوائف الأخرى إلى الاضطهاد الديني من قبل الحكومات، هذا إلى جانب 65% نسبة العداء الاجتماعي من قبل الأفراد والجماعات.
في 2018 ارتفعت نسبة القيود الحكومية للدول على الممارسات الدينية حتى وصلت إلى ذروتها؛ في حين انخفض العداء الاجتماعي. كانت المفاجأة أن منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط في أعلى هرم الدول التي مارست مستويات عالية من القيود الحكومية على الدين.
يشير التقرير إلى أن هناك أكثر من 300 مسلم شيعي داخل السجون السعودية. في حين منعت مصر ذات الأغلبية المسلمة السنية الاحتفال بمولد الحسين، وعرقلت الوصول إلى ضريحه للحد من الشعائر الدينية الشيعية، مسوغة ذلك بأن تلك العرقلة كانت بسبب أعمال الإنشاءات والبناء في المنطقة.
في أفريقيا وفقًا للخارجية الأمريكية، لاقت جهود «مكافحة الإرهاب» حظًا غير موفق، نتج عنه استهداف للمسلمين خاصةً الصوماليين في المناطق الواقعة على طول الحدود بين كينيا والصومال. وقد تضمنت تلك الإجراءات عمليات تعذيب، وقتل تعسفي، إلى جانب الاعتقال والاحتجاز دون محاكمة.
كانت مصر أيضًا بين البلدان ذات الكثافة السكانية العالية التي تمارس قيودًا حكومية على الأقليات الدينية، إذ جاءت في التقرير مع الصين وروسيا وإندونيسيا وإيران، كما جاءت في قائمة البلدان ذات المستويات المرتفعة في العداء الاجتماعي ضد الجماعات الدينية بين الهند، ونيجيريا، وبنجلاديش.
في التقرير حققت إيران أيضًا المركز الثاني في مقدمة الدول التي مارست قيودًا حكومية مرتفعة جدًا على الدين، وذلك من بين 198 دولة موضوع الدراسة في 2018. رغم ذلك كان مستوى العداء الاجتماعي المتعلق بالطائفية الدينية متوسطًا بالنسبة إلى البلدان الأخرى.
كان هناك ثلاث دول عربية أيضًا بين الدول التي مارست مستوى شديدًا من القيود الحكومية على الدين، وهي: اليمن، والعراقئ والصحراء الغربية، في اليمن على سبيل المثال يرجع ذلك إلى السلطة التي فرضها الحوثيون على أتباع الديانة البهائية، واصفين إياهم بالشياطين محاربي الإسلام. حينذاك جرى اعتقال البهائيين، واتهم بعضهم بالردة والتجسس. كما فرض الحوثيون رسومًا إضافية على الوكالات السياحية الخاصة بتسهيل رحلات الحج الإسلامي إلى مكة، وأغلقت الشركات السياحية التي لم تمتثل للقرار.