كيف تولد النجوم؟
النجم هو جرم سماوي شديد اللمعان, يستمد لمعانه من تفاعلات فيزيائية نوويّة تحدث في لب النجم بحيث تنتج عنها طاقة على شكل أشعة وحرارة.
يتحوي الكون على أعداد لا تحصى من النجوم, ومن أجل أن نتصور الأمر دعونا نطلق العنان لمخيلاتنا, هناك في مجرتنا "درب التبانة" حوالي 100 مليار نجم, أي الرقم واحد ويتبعه 11 صفراً, وفي الكون كله توجد مئات المليارات من المجرات, أي مئات المليارات من مئات المليارات من النجوم, وهذه اعداد قد يُرهِق العقل مجرد التفكير بها..
*المجرة هي تجمعات هائلة تحتوي على مليارات من الاجرام السماوية, مثل النجوم ,الكواكب والأقمار, الكويكبات والنيازك, وتجتمع كل هذه الأجرام بفعل قوة الجاذبية الهائلة في مركز كل مجرة, وقوة الجاذبية تلك تحدد حجم, شكل وعدد الاجرام في المجرة بالتالي نوع المجرة.
من أجل تبسيط استيعابنا لماهيّة النجوم, نقرّب الأمر الى واقعنا, بحيث ان الشمس التي تضيء نهارنا وتمدنا بالدفء والحرارة هي بحد ذاتها نجم قد نشأ قبل حوالي 4.57 مليار سنة, لكن يبقى السؤال هو : كيف تولد النجوم, ومن أين جاءت؟
من أجل أن نفهم هذا الأمر علينا اولاً أن نتعرف على "السديم" والذي هو يعتبر "مصنع النجوم – أو حاضنة النجوم", والسديم هو جرم سماوي شكله غير منتظم يتكون من غازات عدّة, أكثرُها توفّراً هو الهيدروجين والهيليوم ويضم السديم في تركيبته أيضاً بعض الغبار كوني وشظايا الانفجارات الكونية.
إن عمليات الاندماج النووي التي تحدث في النجوم هي عبارة عن التحام ذرات الهيدروجين ببعضها البعض مكوّنةً ذراتٍ أثقل, تدفعنا هذه المعرفة الى الاستنتاج أن نشوء النجم له علاقة وثيقة بالسُدُم والتي تحتوي في معظمها على عنصر الهيدروجين والذي هو كما أسلفنا أساس عمليات الاندماج النووي في النجوم.
تمر عملية ولادة نجم على عدة مراحل, فهي عملية يتكاثف خلالها جزء من الغيوم الغازية التي تكوّن السديم (يتكون الغاز في تلك الغيوم الكونية في العادة من عنصري الهيدروجين والهيليوم) تحت فعل الجاذبية الذاتية له (الجاذبية هي قوة جذب يختص بها كل جسم أو جسيم، فهي خاصية عامة للأجسام) بحيث تتخذ تلك العناصر شكلا كُروياً هائل الحجم بفعل شدة الجاذبية التي تجمعها ، وتظل تلك الكرة الهائلة من الغاز والغبار تنكمش، ونتيجة هذا الانكماش يحدث ارتفاع في درجة حرارة الغاز بفعل تحوّل أشكال الطاقة الفيزيائية.
يستمر ارتفاع درجة حرارة الغاز بفعل الانكماش المستمر فتتحول الذرات إلى أيونات (الأيونات هي ذرات مشحونة بشحنة كهربائية, إما موجبة فتسمى بروتون, أو سالبة فيُطلق عليها اسم الكترون) الالكترونات هي الأيونات التي تستمر بالحركة, وهذا يعود الى أن البروتونات مرتبطة في نواة الذرة بفعل القوة المتينة, ولن أخوض في هذا الأمر أكثر, ولكن في النهاية بفعل حركة الالكترونات المستمرة, والتي تتحول من طاقة حركية الى حرارية بفعل قانون حفظ الطاقة (أيضاً احتكاك الجسيمات ببعضها البعض يولد طاقة حرارية) ؛ وتسمى تلك الحالة "البلازما" وهي حالة متميزة من حالات المادة يمكن وصفها بأنها غاز مشحون تكون فيه الإلكترونات حرة وغير مرتبطة بالذرة أو بالجزيء, فإذا كانت المادة في الطبيعة توجد في ثلاث حالات: صلبة وسائلة وغازية، فإنه بالإمكان تصنيف البلازما على أنها الحالة الرابعة التي يمكن أن توجد عليها المادة, من اجل تبسيط الأمر للقارئ, مثال على حالة من حالات البلازما موجودة في واقعنا هي ظاهرة "البرق".
تظل كرة البلازما تنكمش تحت فعل جاذبيتها الخاصة ويتزايد ارتفاع درجة حرارتها حتى تكون كافية لبدء التفاعل النووي لعنصر الهيدروجين المشحون لتكوين عنصر أثقل وهو الهيليوم. هذا التفاعل يسمى "اندماج نووي" ، وتنتج منه طاقة هائلة جدا، واستناداً على قانون حفظ الطاقة في الفيزياء (والذي ينص على ان الطاقة الموجودة في هيئة فيزيائية معيّنة لا تفنى, وإنما تتحول من شكل الى آخر, مثال عند فرملة السيارة تتحول الطاقة الحركية للسيارة الى طاقة حرارية بفعل الاحتكاك مع الأرض) بفعل الطاقة الهائلة الناتجة من عملية الاندماج النووي يضيء النجم, وحينئذ يصبح نجماً وتكون هذه هي ولادته، تصل درجة حرارة قلب النجم عند نشوؤه الى نحو 12 مليون درجة مئوية - حيث يستمر تفاعل الاندماج النووي.
أتمنى أن يكون هذا المقال مفيداً بحيث يُنير عقل القارئ بشكل جد مُبسط لفهم ظاهرة تكون النجوم.

بقلم الشاب المتميز:قاسم جهاد بصول

الكلمات الدلالية :