الخميس 15 يوليو 2021 11:51 م بتوقيت القدس
قالت صحيفة الأخبار اللبنانية، أن أمريكا وإسرائيل تستعدان للتحضير لخليفة رئيس السلطة محمود عباس، في مقابل تحسينات اقتصادية تفادياً لأي تقدم لحركة حماس في الضفة.
وفي ظلّ تدهور مكانة السلطة الفلسطينية، وتراجع التأييد الشعبي لها إلى أدنى مستوياته إثر سلسلة فضائح وطنية، تُصارع الإدارة الأميركية، ومعها حكومة الدولة الإسرائيلية، من أجل بلورة خطّة جديدة تهدف إلى إعادة إنعاش السلطة من البوّابة الاقتصادية، في مقابل ترتيبات طُلب من الرئيس محمود عباس العمل عليها في ما يتعلّق بالنظام السياسي الفلسطيني، استعداداً لليوم التالي لمغادرته الرئاسة.
وبالنظر إلى افتقاد رام الله أيّ أوراق يمكن أن تضغط من خلالها على تل أبيب، فهي تعمل على استجلاب دعم أميركي لإعادة تفعيل مسار “السلام” على قاعدة “السلام الاقتصادي”، إذ تسعى إلى تحسين الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية، وإحياء خيار “حلّ الدولتين”، مقابل “ضبط الوضع الأمني”، علماً أن رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة، نفتالي بينت، أطلق، أخيراً، “رصاصة الرحمة” على هذا الخيار، باعتباره أنه “بات غير ممكن لعدم توفّر شريك فلسطيني حقيقي”.
وبحسب مصدر رفيع في السلطة تحدّث إلى “الأخبار”، فإن الخطّة الأميركية – الإسرائيلية التي يجري التباحث فيها مع مسؤولين فلسطينيين، تتمحور حول توفير مصادر دعم مالي جديدة للسلطة، وتقوية الأجهزة الأمنية التابعة لها، منعاً لتدهور الأوضاع مستقبلاً.
ويقود المباحثات، من الجانب الأميركي، مسؤول الملفّ الفلسطيني – الإسرائيلي في وزارة الخارجية، هادي عمرو، الذي يناقش حالياً مع المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين تشكيل لجنة مشتركة لتسهيل النشاط الاقتصادي للسلطة.
وفي خلال ذلك، شدّدت رام الله، عبر وزير المالية شكري بشارة الذي التقى عمرو، على ضرورة “إعادة بناء الثقة” بين الاحتلال والفلسطينيين، عبر تقديم سلسلة من التسهيلات للأخرين، ومراجعة “اتفاقية باريس الاقتصادية” لإيقاف تدهور وضع السلطة.
الأهمّ والأخطر في نظر الأميركيين خلال الفترة المقبلة هو مستقبل السلطة بعد رحيل عباس
وفي الإطار نفسه، ذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية أن محادثات تشكيل اللجنة المشتركة أحزرت تقدماً، فيما كشفت مصادر محلّية فلسطينية أن وزير الشؤون المدنية في رام الله، حسين الشيخ، بعث برسالة إلى حكومة بينت، ناشده فيها “التحرّك لإنقاذ السلطة من الأزمة المالية التي تمرّ بها خلال الفترة الحالية”.
وأشار الشيخ، في رسالته، إلى أن “الوضع المالي يتأزّم بشكل كبير بفعل تراجع العائدات الداخلية والمِنح الخارجية وأزمة جائحة كورونا، بالإضافة إلى مشكلة اقتطاع جزء كبير من أموال المقاصّة، وهو ما يشكّل تهديداً لمستقبل السلطة، ويصبّ في صالح حركة حماس ومشروع المقاومة المسلحة”، داعياً إلى “تحسين الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وتعزيز السلطة والأجهزة الأمنية التابعة لها، لمواجهة بوادر انتفاضة مدعومة من حماس وجهات خارجية في الضفة المحتلة”.
وجاء ردّ تل أبيب، بعد أسابيع من بعث رام الله برسالتها المكتوبة، بدراسة تشكيل لجنة مشتركة لإقرار تحسينات اقتصادية تضمن إيرادات مالية أكبر للسلطة، والتباحث مع الأطراف الدولية، وخاصة الولايات المتحدة، في إعادة الدعم الذي كان يُقدّر بـ400 مليون دولار سنوياً.
وطالبت السلطة، خلال المباحثات مع المبعوث الأميركي، بضرورة إشعار المواطن في الضفة الغربية بتحسّن اقتصادي حقيقي، وزيادة فرص العمل والوظائف في الأراضي الفلسطينية، والسماح بزيادة عدد العمال في الأراضي المحتلة، وهو ما سيؤدي، بحسبها، إلى امتصاص حالة السخط الشعبي، التي تنامت بعد إلغاء الانتخابات والمعركة الأخيرة في غزة وحادثة اغتيال الناشط نزار بنات. في المقابل، تعهّدت السلطة للأميركيين والإسرائيليين، بأنه في حال تحسّن الأوضاع الاقتصادية، فإنها ستفرض قبضة حديدية على مدن الضفة لمواجهة العمليات الفردية أو المنظّمة ضدّ قوّات الاحتلال.
إلا أن الأهمّ والأخطر في نظر الأميركيين خلال الفترة المقبلة، بحسب مصادر رفيعة في السلطة، هو مستقبل الأخيرة بعد رحيل عباس الذي يبلغ من العمر 85 عاماً ولا يبدو وضعه الصحّي جيداً.
وهو ما تحدّث به الجانبان الأميركي والإسرائيلي، صراحة، مع السلطة، خلال الأسبوع الماضي، طالبَين ترتيب الأوضاع الداخلية للسلطة بما لا يسمح لحركة “حماس” بالسيطرة على الوضع السياسي الفلسطيني.
ووفقاً للمعلومات، فإن الأميركيين شدّدوا على ضرورة تعديل النظام السياسي الفلسطيني خلال الفترة المقبلة، وإقرار قانون يسمح بتعيين نائب لعباس يتولّى مهامّ الرئاسة في حال مغادرة الأخير أو موته، بحيث يستمرّ النائب في القيادة في ظلّ تعذّر إجراء انتخابات.
ويتمتّع عباس، حالياً، بجميع السلطات التنفيذية والتشريعية في الأراضي الفلسطينية بعد حلّ المجلس التشريعي قبل عامين، وهو ما سيُمكّنه من إصدار قانون جديد يتعلّق بملفّ الرئاسة وتعيين نائب له وفق رغبة الأمريكيين والإسرائيليين، إلّا أن هذا القرار يظلّ مرهوناً، بحسب مسؤولين في السلطة، بتحسّن الأوضاع الاقتصادية في الضفة.