الاربعاء 18 اغسطس 2021 12:51 م بتوقيت القدس
تحت عنوان: “صدى انتصار طالبان يتردد في منطقة الساحل”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، إنه منذ سقوط كابول، ارتفعت الأصوات في دولة مالي داعية إلى استخلاص دروس “الفشل الأفغاني”، لأنه كما هو الحال في أفغانستان، فشل التدخل الغربي في مواجهة التمرد الجهادي في منطقة الساحل الأفريقي.
“لوموند” أشارت إلى أن إياد أغ غالي، الزعيم الجهادي لما يعرف بجماعة “دعم الإسلام والمسلمين”، الفرع الساحلي لتنظيم القاعدة، سارع إلى الإشادة بانتصار طالبان وانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان. وليس من قبيل الصدفة أن يتردد صدى هجوم طالبان الذي لم تتم مقاومته في منطقة الساحل، إذ أنه عندما تم إنشاء ما يعرف بـ“جماعة دعم الإسلام والمسلمين” عام 2017، تعهد إياد أغ غالي بالولاء لتنظيم القاعدة ولكن أيضا لطالبان، كما توضح الصحيفة الفرنسية.
وتابعت “لوموند” القول إن جهاديي “دعم الإسلام والمسلمين” ليسوا الوحيدين في المنطقة الذين تابعوا عن كثب تحول أفغانستان إلى حظيرة لطالبان؛ حيث إن العديد من الماليين كغيرهم من حول العالم شاهدوا الصور السريالية لأفغان يتشبثون بطائرات عسكرية أمريكية على وشك الإقلاع من كابول.
والماليون، من جانبهم، يعيشون منذ عشر سنوات تحت تهديد الجهاديين المرتبطين أحيانا بتنظيم القاعدة وأحيانا بتنظيم “الدولة”؛ وذلك على الرغم من التدخل الفرنسي لمكافحة الإرهاب الذي انطلق منذ شهر يناير/ كانون الثاني عام 2013 (عمليات سيرفال ثم برخان) بناءً على طلب الحكومة المالية وبتفويض من الأمم المتحدة.
وإذا كان العداء يتزايد في الرأي العام المالي تجاه القوات الفرنسية، فإنه لا يستبعد الخوف من المجهول. وتنقل الصحيفة عن المحامي المالي الشهير الشيخ عمر كوناري قوله: “مثل الأمريكيين الذين فروا من أفغانستان، فإن الفرنسيين وقوات حفظ السلام الموجودة في مالي سوف يفرون يوما ما ويتركوننا وجها لوجه مع الغول الإرهابي”.
وتحدث تيبيلي درامي، وزير الخارجية السابق في حكومة الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا (تم الانقلاب عليه في 18 آب/ أغسطس 2020)، تحدث عن ثلاثة دروس يمكن استخلاصها مما وصفه بالفشل الأفغاني، قبل فوات الأوان، وهي: “ماهي الرسالة التي ترسلها لنا الصور من مطار كابول؟ منذ سنوات، يدعو نشطاء بانتظام إلى رحيل القوات الأجنبية، مرددين مطالب أمراء الحرب. يجب مواجهة الحقيقة، القوات الأجنبية تقوم بعمل مفيد. يجب أن نفكر بجدية في عواقب المغادرة المتسرعة غير المنسقة” كما يحذر رئيس الدبلوماسية المالية السابق.
مثل هذا السيناريو ليس متوقعا. فعلى عكس الولايات المتحدة في أفغانستان، فإن فرنسا ليست على وشك الانفصال عن منطقة الساحل، تؤكد “لوموند”، مشيرة إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعلن في 10 يونيو/ حزيران الماضي عن انتهاء مهمة “برخان” كعملية خارجية، لكنه أوضح أنه سيبدأ “تحولا عميقا” للوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل. ستكون بداية الانسحاب، في نهاية عام 2021 تدريجية. إذا كان سيؤثر على ما لا يقل عن 40% من القوات في الفترة التي لم يتم تحديدها بعد، فمن المتوقع أن يظل حوالي 2500 إلى 3000 جندي في الميدان، كجزء من الحرب الدولية ضد الإرهاب.
ومع ذلك، فإن إغلاق القواعد العسكرية الفرنسية في شمال مالي (تمبكتو وكيدال وتيساليت) بحلول عام 2022 مقلق، تقول “لوموند”، مشيرة إلى أنه في بداية الحرب عام 2012، أُجبر الجنود الماليون على تسليم بعض مواقعهم للعدو، وهو تحالف مكون من جماعات جهادية وانفصالية. وبعد عشر سنوات، هل سسيطر الجهاديون على هذه المدن بمجرد إغلاق القواعد الفرنسية؟
يزعج هذا السؤال المراقبين؛ لأن الجيش المالي، على الرغم من تسع سنوات قضاها تحت التدريب والتسليح والتمويل الغربي، إلا أنه ما يزال يبدو غير قادر على التنافس مع العدو الذي يواصل نشر نفوذه جنوبا.
وتابعت “لوموند” القول إنه إذا اختلفت السياقات والشرور، يبدو أن التدخل الغربي يتراجع مرارا وتكرارا بنفس الطرق. “فنقص المعرفة بالمجتمعات أو التفسيرات الخاطئة: الخبرة تنتج نقصا في الوضوح”، كما يلاحظ جيل دورونسورو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة “باريس 1” والمتخصص في أفغانستان الذي يجري أيضا أبحاثا حول المؤسسات في مالي.
واقتصاد الحرب الذي طورته سياسة التدخل يعد مزعزعا للاستقرار، كما يؤكد إيلي تينينباوم، الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.